11
أكتوبر
0
Comments
عِماد الشهادة أمران؛ أولهما أن تتم في مجلس القضاء وثانيهما أن تكون تحت القسم القانوني
وفي ذلك تجد محكمتنا بأن الاجتهاد القضائي المُشار إليه قد بيّن أن الأقوال الشرطية للمشتكي ليست بينة قانونية على خلاف ما هو الحال بالنسبة للمشتكى عليه، ذلك أن عِماد الشهادة أمران؛ أولهما أن تتم في مجلس القضاء وثانيهما أن تكون تحت القسم القانوني، لذلك أجاز المُشرع الخروج عن الأمر الثاني عندما منح للشهادة التي تتم أمام المحكمة دون القسم القانوني حجية ناقصة وجعلها دليلاً للاستدلال به لا دليلاً كاملاً وفقاً للمادة (158/2) من الأصول الجزائية، بينما لم يُجز المُشرع وفي أي حالٍ من الأحوال الخروج عن الأمر الأول ولم يُجز أبداً أن تتم الشهادة خارج مجلس القضاء .
وقد استقر الاجتهاد الفقهي على أنه لا يجوز لرجال الضابطة العدلية تحليف الشهود اليمين وردّوا ذلك إلى أن دور اليمين هو إضفاء قيمة خاصة على الشهادة بحيث ترقى إلى مصاف الدليل الكامل، وأنه ليس من دور التحقيق الأولى كأصلٍ عام أن يُنتج دليلاً قانونياً وإن كان دوره يقتصر على إيجاد الأدلة المادية (انظر لطفاً محمود نجيب حسني، شرح الإجراءات الجزائية، منشورات دار الحلبي الحقوقية، ص 439-440) لذلك فإن دور إفادات الشهود الشرطية يكمن في كونها أداة لفحص الدليل القانوني؛ ومن ذلك فحص الشهادات المأخوذة أمام المحكمة.
ولما كان الأمر كذلك وكان مؤدى ما سبق بيانه أن لا حجية قانونية للإفادة الشرطية للمشتكي وليس لها قيمة قانونية في الإثبات الجزائي ، الأمر الذي يُوجب استبعادها وعدم تلاوتها وعدم الأخذ بها.
وحيث أن بينة النيابة في هذه الشكوى هي إفادة المشتكي الشرطية، وحيث أن الاجتهاد الفقهي والقضائي لم يجعلا منها دليلاً كاملاً في الإثبات.
ولما كان الأمر كذلك، وكانت هذه الدعوى خالية من أية بينة قانونية ويكون من المتعين إصدار حكمٍ بالبراءة فيه وعلى ضوء عدم حضور المشتكي ومغادرته للبلاد وعدم إثباته لصحة الاقوال المدعى بها من قبله، مما يعني بأن النيابة العامة لم تقدم اي بينة قانونية جازمة في إثبات اركان وعناصر الجرائم المسندة للمشتكى عليه ، الامر الذي يتوجب معه بالنتيجة اعلان براءة المشتكى عليه خالد عن الجرائم المسندة اليه .
وحيث أن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين وأن الدليل إذا شابه الشك أو الاحتمال بطل الاستدلال به وحيث أن التجريم مشروط بثبوت الفعل وثبوت الفعل يعني ثبوت كافة أركان وعناصر الجرم وحتى يتم التجريم لا بد من وجود أدلة قانونية يقينية إقناعيه على وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها والذي لم يتوافر بالنسبة للمستأنف ضده الامر الذي يستوجب اعلان براءته عن الجرائم المسندة اليه لعدم كفاية الدليل.
مكتب العبادي للمحاماة / المحامي محمد زهير العبادي