ما هو المقصود بالعقوبة؟ إن العقوبة بمعناها القانوني هي الجزاء الذي بفرضه القانون على الشخص الذي يرتكب جريمة من الجرائم التي ينص عليها قانون العقوبات الأردني، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، سنداً لنص المادة (3) من قانون العقوبات الأردني، حيث جاء فيها (لا جريمة إلا بنص ولا يقضى بأي عقوبة أو تدبير لم ينص القانون عليهما حين اقتراف الجريمة …). وسنبين هنا موقف المشرع الأردني من اجتماع العقوبات.
تعدد العقوبات يأتي مبدأ اجتماع العقوبات انطلاقا من مبدأ اجتماع الجرائم، فمن يرتكب أكثر من جريمة يستحق أن يسأل عن كل الجرائم التي ارتكبها، فلكل جريمة عقوبة مختلفة عن غيرها، ففي حال ارتكب الجاني جريمة واحدة يعاقب بالعقوبة المقررة لها، أما في حال ارتكب عدة جرائم، فما هي العقوبة التي سيعاقب بها؟، هنا يثور مبدأ اجتماع العقوبات، فلا يمكن أن يحاسب عن جريمة واحدة ويُعفى من الجرائم الأخرى.
أنواع العقوبات قسم المشرع الأردني العقوبات إلى عقوبات جنائية، وعقوبات جنحيه، وعقوبات تكديرية، والعقوبات الجنائية هي الإعدام والأشغال المؤبدة والاعتقال المؤبد والأشغال المؤقتة والاعتقال المؤقت، والعقوبات الجنحية وهي الحبس والغرامة، والعقوبات التكديرية وهي الحبس التكديري والغرامة، فمتى يمكن الجمع بين العقوبات عند ارتكاب عدة جرائم؟
موقف المشرع الأردني من اجتماع العقوبات نص قانون العقوبات الأردني على اجتماع العقوبات في المادة (72) منه، فقد جاءت المادة محددة كيفية إيقاع العقوبة عند تعدد الجرائم، ومفرقةً بين العقوبات في الجنايات والجنح والعقوبات التكديرية، ومحددة كيفية اجتماع العقوبات أما عن طريق الدمج والإدغام وهو ما نصت عليه المادة (72/1)، وإما بجمع العقوبات وهو ما نصت عليه المادة (72/2).
في الجنايات
في حال ارتكب الجاني عدة جنايات بقضى بالعقوبة لكل جريمة وتنفذ العقوبة الأشد فقط، على أنه يمكن الجمع بين العقوبات المحكوم بها بحيث لا يزيد مجموع العقوبات المؤقتة على الحد الأعلى للعقوبة المقررة قانوناً للجريمة الأشد إلا بمقدار نصفها.
في الجنح
في حال ارتكب الجاني عدة جنح بقضى بالعقوبة لكل جريمة وتنفذ العقوبة الأشد فقط، على أنه يمكن الجمع بين العقوبات المحكوم بها بحيث لا يزيد مجموع العقوبات المؤقتة على الحد الأعلى للعقوبة المقررة قانوناً للجريمة الأشد إلا بمقدار ثلثها.
العقوبات التكديرية
العقوبات التكديرية تجمع حتماً، على عكس العقوبات الجنائية والجنحية فإذا لم يقضى بإدغام العقوبات المحكوم بها أو بجمعها، فيحال الأمر على المحكمة لتفصل فيه.
صلاحية المحكمة في جمع العقوبات أعطت المادة (72) من قانون العقوبات الأردني للمحكمة صلاحية في دمج العقوبات وتنفيذ إحداها أو جمعها شريطة ألا يزيد مجموع العقوبة في هذه الحالة عن الحد الأقصى للعقوبة المنصوص عليها في القانون إلا بمقدار ثلثها في الجنح ونصفها في الجنايات.
فهل من الممكن أن تخطأ المحكمة في تقرير العقوبة عند اجتماع الجرائم؟ لا بد من المحكمة أن تفرق بين المقصود بإدغام ودمج وجمع العقوبات، فيها لا تدل على معنى واحد، أن الإدغام يعني الدمج وهو بتنفيذ العقوبة الأشد أي دغم العقوبات الأقل بالعقوبة الأشد، أما الجمع فهو مختلف وله أحكام حددتها المادة (72/2) من قانون العقوبات، فنص المادة (72/1) جاء بالحديث عن إدغام العقوبة، والفقرة الثانية منها جاءت بالحديث عن جمع العقوبة، وبتالي العقوبة تختلف في حالة الإدغام عن الجمع، وقد تخطأ المحكمة عند تعدد العقوبات بتقرير العقوبة.
فبالاستناد إلى قرار الحكم رقم 1930 لسنة 2020 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية نجد أن محكمة الصلح عندما أصدرت قرارها المميز قد استعرضت أحكام المادة (72) من قانون العقوبات وتوصلت إلى أن المشرع قد أعطاها الحق في المادة المشار إليها إما بدمج العقوبات وتنفيذ إحداها أو جمعها شريطة أن لا تزيد العقوبة في حالة الجمع عن الحد الأقصى المقرر قانوناً للعقوبة في حالة الجنح إلا بمقدار مثلها غير أنها وقعت في الخطأ في تطبيق هذا النص ولم تلاحظ أن الدمج يعني الإدغام أي تنفيذ العقوبة الأشد أو إحدى العقوبات إن كانت متماثلة فاختلطت عليها الأمور حيث قررت دمج العقوبات المحكوم بها المستدعي وعندما حددت العقوبة واجبة التنفيذ استخدمت الجمع وهي بذلك قد ناقضت نفسها ووقعت في الخطأ في تطبيق القانون مما يجعل أسباب الطلب واردة على قرارها ويتعين نقضه .
فالمحكمة قررت دمج العقوبات وعند تقرير العقوبة جمعت العقوبات، فكان عليها أن تقرر دمج العقوبة وهو الحكم بالعقوبة الأشد، لا أن تجمع العقوبات.
اجتماع العقوبات والتكرار لا بد أن نفرق بين اجتماع الجرائم والتكرار، لنحدد فيما إذا كان هناك مجال لتطبيق مبدأ اجتماع العقوبات، فاجتماع الجرائم هو ارتكاب الجاني عدة جرائم معاقب عليها بعقوبات مختلفة في القانون ولم يصدر بحق الجاني بأي منها حُكم مبرم، أما في حالة التكرار لا يكون إلا إذا صدر حكم قطعي في الجريمة الأولى قبل وقوع الجريمة الثانية، وبتالي انتفاء تعدد الجرائم وعدم إمكانية تطبيق نص المادة (72) اجتماع العقوبات لانتفاء تعدد الجرائم، ويطبق نص المادة (101) عند تكرار المجرم لنفس الجرم.
: – (101) المادة في التكرار
من حكم عليه بإحدى العقوبات الجنائية حكما مبرما ثم ارتكب في اثناء مدة عقوبته او في خلال عشر سنوات بعد ان قضاها او بعد سقوطها عنه بأحد الاسباب القانونية: 1. جناية تستلزم قانوناً عقوبة الاشغال المؤقتة او الاعتقال المؤقت، حكم عليه مدة لا تتجاوز ضعف العقوبة التي تستلزمها جريمته الثانية على ان لا يتجاوز هذا التضعيف خمس وعشرين سنة.
جنحة تستلزم قانوناً عقوبة الحبس حكم عليه مدة لا تتجاوز ضعف العقوبة التي تستلزمها جريمته الثانية على ان لا يتجاوز هذا التضعيف خمس سنوات. النصوص القانونية المتعلقة بموضوع اجتماع العقوبات قانون العقوبات الأردني وتعديلاته.
اجتماع العقوبات
: – (72) المادة
إذا ثبتت عدة جنايات او جنح قضي بعقوبة لكل جريمة ونفذت العقوبة الاشد دون سواها. على انه يمكن الجمع بين العقوبات المحكوم بها بحيث لا يزيد مجموع العقوبات المؤقتة على الحد الأعلى للعقوبة المقررة قانوناً للجريمة الاشد الا بمقدار نصفها في حالة الجنايات وبمقدار مثلها في حالة الجنح. إذا لم يكن قد قضي بإدغام العقوبات المحكوم بها او بجمعها احيل الامر على المحكمة لتفصله. تجمع العقوبات التكديرية حتما. الحكم رقم 4275 لسنة 2019 – محكمة التمييز بصفتها الجزائية
المبدأ المستخلص من الحكم: –
يستفاد المادة (72) والمادة (101) من قانون العقوبات إن الفصل الثالث من باب المسؤولية تتكلم عن حالة التكرار حيث نصت المادة (101) سالفة الذكر حالة التكرار عندما تحصل بحكم مبرم ثم يرتكب الفاعل جرماً آخر بينما المادة (72) تتكلم عن حالات اجتماع العقوبات في باب الجريمة وعناصرها، وحيث إن المتهم قام بهتك عرض المجني عليه بتاريخ 20/11/2018 ثم عاد وهتك عرضه مرة أخرى بتاريخ 21/11/2018 فإن حالة التكرار الوارد النص عليها في المادة (101) عقوبات غير متوافرة في هذه القضية.