10:00 AM - 7:00 PM

دوام المكتب من السبت الى الخميس

798333357

اتصل بنا

Search
 

السياسة ما قبل ٧ أكتوبر لن تكون كما قبله

السياسة ما قبل ٧ أكتوبر لن تكون كما قبله

لا تريد الدول العربية أن تدرك أن هناك قطارًا ما، قد انطلق ولن يعود إلى محطته التي بدأ منها..

السياسة ما قبل ٧ أكتوبر لن تكون كما كانت قبله، ويجب أن يفهموا ذلك جيدا، ولا يراهنوا على نجاح عملية إسرائيل في غزة… لماذا؟

لقد حولت عملية ٧ أكتوبر المعركة إلى صراع “صفري” بما يعني أن هناك نهاية يحب أن تحدث لأحد الطرفين، وهذه النهاية حتمية لأن بقاء المقاومة في غزة تعني بالضرورة تفكك اسرائيل من الداخل وانهيار ثقة الشعب المحتل بنفسه..

ما يعني بالضرورة نهاية التعويل على أن اسرائيل كموطن لليهود، ونهاية التعويل عليها كقاعدة متقدمة للغرب، وعليه لا يمكن أبدا أن يستمر وجودان.. وحود حماس بغزة ووجوداسرائيل مستقرة.. فماذا يعني ذلك؟

يعني أن اسرائيل مجبرة لا مخيرة يجب أن تخوض الحرب، وخوض الحرب للنهاية تعني في تفاعلاتها النهائية شيئين لا ثالث لهما، في حال انتصرت اسرائيل فهذا يعني حتمية مخطط التهجير والذي سيزلزل مصر والأردن، وسيتداعى الوضع الداخلي للدولتين، ويتداعى معمها الموقف الإقليمي..

السيناريو الثاني وهو دخول اسرائيل الحرب بريا، وتعثرها، ودخول قوات أمريكية تستدعي دخول “حتمي” وليس اختياري لجبهات ٤، وهي سوريا والعراق ولبنان، ثم لاحقا جبهة إيران نفسها..وهذا بعني بالضرورة حرب إقليمية لا يملك حتى الآن أي طرف لتوقع نهايتها وحجمها..

وهذه الحرب ليست بين “مجرد” جيوش، بل هي حرب تستدعي “النص الديني” والمواجهة الهوياتية، وخلخلة كل قواعد وأسس النظام الإقليمي، لأن الحالة الشعبية ستكون أكبر من الحالة العسكرية، فهذه حرب تأخذ الكل في مداها وميدانها..

ولهذا فالدول العربية يجب الآن وليس غدا، والأمس وليس اليوم، أن تغير تعاطيها مع الأزمة، وأن تنسى خططها التنموية وطموحاتها الاقتصادية، وخصوماتها السياسية، وتستخدم كل ما أوتيت من قوة لوقف الحرب، وإلا لن تنتهي المواجهة عند حدود غزة..

وإن لم يكن الأمر كذلك، فستتدحرج كرة الثلج على الجميع، وهذا الأمر يسعى له طرفان، لن أقول إسرائيل، ولن أقول إيران، بل أزعم أن الإمارات وحماس هما طرفي النقيض في هذه المواجهة، في مداها الاستراتيجي..

أي أننا أمام إراداتين، إرادة القنبلة في الماء الراكد التي. ألقتها حماس، والتي قرأت جيدا أن مخطط إنهاء القضية الفلسطينية وتسليم مفاتيح القدس للصهاينة يتم على عجل بعد تطبيع المغرب وسيكتمل بعد تطبيع الرياض..

وإرادة الإمارات التي كانت تدفع لإنهاء القضية الفلسطينية تماما، وهي التي تحفز إسرائيل منذ البداية وتتحالف مع أقصى تياراتها تطرفا، تلك التيارات التي كانت تتبرأ منها واشنطن والغرب، لأن حرب الإمارات عقائدية على المقاومة ومشروع التحرير، وهذا أعنيه جيدا وأعلمه جيدا “معلومة” لا تحليلا..

ولهذا، فالدول العربية ليس أمامها سوى مسار واحد، دعم صمود غزة للنهاية، سرا وعلنا حسب مقدرة كل منها، حتى وإن كانت تكره ما تمثله المقاومة من سردية سياسية وأيديولجية، وأن تعيد تصحيح بوصلتها الداخلية تهيئا لما يمكن أن يتبع توسع رقعة المواجهة من هزات إقليمية شرسة ومدمرة..
ودون ذلك لا خيارات في الأفق، فالأوراق لا أقول قد خُلطت.. وإنما حرّقت تحريقا.

بقلم


أنس حسن