نص القانون المدني السوري على هذه النظرية في المادة ( ١٤٨ ) منه ، وتحديداً في الفقرة الثانية منها ، وهي تعني فيما تعنيه أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة ، لم يكن في الوسع توقعها ، وترتب على حدوثها ، أن تنفيذ الالتزام التعاقدي ، وإن لم يصبح مستحيلاً ، صار مرهقاً للمدين ، بحيث يهدده بخسارة فادحة ، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.
ونفس الشيء فعله كل من القانون المدني المصري والقانون المدني العراقي ، في حين خلت بعض القوانين العربية ، من نص مماثل ، كالقانون المدني اللبناني مثلاً.
وهذا التباين في الأخذ بهذه النظرية له اساس تاريخي وقانوني. فالنظرية في دنيا القانون مستحدثة ، وإن كانت معروفة قديماً ومعمولاً بها. فهي بداية كانت قد ظهرت في القانون الكنسي ، فقد كان رجال الدين يعتبرون كل غبن في العقد ، هو ربا محرام ، كما كان هناك رأي ديني مفاده أن في العقد شرطاً ضمنياً ، يقول بأن الظروف التي رافقت تكوين العقد ، لا تتغير تغيراً جوهرياً عند تنفيذ العقد ، فلا يلتزم المدين بالعقد إلا إذا لم تتغير هذه الظروف ، فإذا تغيرت وجب تعديل الالتزام ، بحيث يعود التوازن الذي اختل ، الى العقد ، وذلك بسبب هذا التغير. وفي الفقه الإسلامي تطبيق مشابه ، لهذه النظرية ، ولكن مجاله عقود الإيجار ، وهي حالة فسخ العقد للعذر. وفي القانون الفرنسي ، كان مبدأ سلطان الإرادة قوياً ، فكان هناك اعتداد قوي بالقوة الملزمة للعقود ، فلم يكن هناك ظهور لهذه النظرية. وظل الأمر على هذا الحال مدة طويلة من الزمن ، بحيث لم يقبل جمهور الفقهاء ، بهذه النظرية في كل من فرنسا ومصر وأغلب البلدان.