علاقات الرهن المعروفة ، والتي جرى التعامل بها بين الناس ، فيما يخص المساكن ، تحت اسم عقود رهن هي في الحقيقية ليست بعقود رهن بالمعنى القانوني ، فالرهن وفق ما بحث فيه القانون المدني هو عقد عيني عقاري تبعي بحيث يُخصص بموجبه عقار لضمان تسديد دين ، أما عقود الرهن السائدة في التعامل على أرض الواقع فهي عبارة عن عقود ايجار أخفيت تحت ستار عقد رهن وهي علاقات كانت سائدة أيام نفاذ قوانين الإيحار الاستثنائية والتي كانت قائمة على قاعدة التمديد الحكمي وبالتالي هي من موروثات عقد الإيجار والغاية منها كانت التحايل على أحكام قانون الإيحار سيء الصيت ، وعليه كيف يكون العقد عقد رهن ، وتكون الغاية منه السكن دون إسكان الغير ، وكيف في معرض مثل هذه العلاقة أن نسمح للمسترهن ، بسكن العقار المرهون ، مع أن نصوص القانون المدني منعت عليه تناول ثمار العقار بدون موافقة الراهن وإلا ضمن له التعويض بما يعادل أجر المثل .
والرهن بالمفهوم القانوني يعني رصد العقار لضمان سداد دين معين ، على أن يكون هذا العقار بحيازة المسترهن ، وتحت اشرافه وعلى مسؤوليته وهذا العقد يخول المسترهن الحق في مباشرة إجراءات نزع ملكية العقار المرهون في حال امتناع الراهن عن تسديد الدين ، كما جاء في القانون المدني الذي نصت مواده على أنه إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها تسعة بالمائة في المسائل المدنية وخمسة بالمائة في المسائل التجارية وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً أخر لسريانها .وهذا كله مالم ينص القانون على غيره ، وعليه إذا ما حصل واستولى الراهن على العقار المرهون فهنا يكون المسترهن قد فقد حيازة المال المرهون والموضوع بموجب عقد الرهن تحت حيازته بمثل هذا العمل يكون قد اختل ركن هام من أركان عقد الرهن ومثل هذا العمل في حال حصوله هو مما لا يوجب الحكم بالتعويض للمسترهن بمواجهة الراهن لأنه ولئن كان الرهن يشترط وضع العقار تحت حيازة المسترهن إلا أنه بمقابل ذلك القانون نفسه منع على المسترهن الانتفاع بالعقار المرهون دون موافقة الراهن وباعتبار أن الرهن علاقة مديونية بين مدين ودائن ولكن بضمانة عقارية تضمن تسديد أو تحصيل الدين فإنه لا مجال للمطالبة بالتعويض لقاء التضخم أو لقاء تدني قيمة الدين نتيجة للظروف الاقتصادية التي أفرزتها الأزمة الحالية وبالتالي لا مجال في مثل هذه العلاقات لتطبيق نظرية الظروف الطارئة وكل ذلك في ضوء صراحة ما نصت عليه مواد القانون المدني ، وكل قول أو تطبيق بخلاف ذلك هو مما لا أساس له في القانون ففي مثل هذه العلاقات ليس للدائن إلا المطالبة بالدين مع الفائدة .