أركان وعناصر وصور جريمة إساءة الأمانة ، المستفاد من نص المادة (422) انه لا بد من توافر الاركان التالية مجتمعة للقول بقيام جريمة اساءة الائتمان وهذه الاركان هي :-
الركن الاول : الفعل المادي وهو فعل الاختلاس او الاستعمال او التبديد او الكتمان والعامل المشترك بينها هو تحويل الشيء عن وجهته او اضافته الى ملك حائزة وكل فعل مادي يُظهر به الحائز انه اصبح مالكاً ويقصد به تحويل الحيازة المؤقتة الى حيازة كاملة وتغيير نيته في حيازته للشيء بقصد تملكه وليس من الضروري أن يتصرف به الحائز أي تصرف اخر اذا امكن الاستدلال باي وجه من الوجوه على تغيير نيته.
الركن الثاني : التسليم على سبيل الامانة وبموجب عقد من العقود المبينة في المادة 422 عقوبات .
ولتحقق هذا الركن ينبغي توافر شرطين اساسيين وهما :
اولا : أن يكون الشيء قد سلم للجاني : وهذا يعني أن يكون الشيء قد سلم ابتداءً للجاني وقد يكون التسليم مادياً وقد يكون معنوياً.
ثانيا : أن يكون التسليم بمقتضى عقد من العقود الواردة في المادة 422 عقوبات : فيجب أن يكون الشيء قد سلم الى الجاني بمقتضى عقد من العقود الواردة في المادة 422 عقوبات وهي الوديعة، الوكالة، الاجارة، عارية الاستعمال، الرهن الحيازي، المقاولة، وأي عقد يلتزم بموجبه الجاني بإجراء عمل لقاء أجر أو بدون أجر.
الركن الثالث : محل الجريمة ” مال منقول “: نصت المادة 58 من القانون المدني على انه ” كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف او تغيير هيئته فهو عقار وكل ما عدى ذلك من شيء فهو منقول”. والمال المنقول أحد نوعين: مثلي وقيمي وفقاً للمادة (56) من القانون المدني.
الركن الرابع : الضرر : وان هذا الشرط يستفاد ضمناً من احكام المادة 422 من قانون العقوبات فلا تتحقق الجريمة اذا لم يتوفر عنصر الضرر سواء أكان محقق الوقوع أو محتملٌ وقوعه.
الركن الخامس : نكران الامانة ” جحودها “: بمعنى ان يطالب صاحب الامانة المؤتمن فينكر الاخير وجودها ويجحدها بالرغم من تسلمه اياها ويده عليها يد امانة.
الركن السادس : القصد الجرمي : ان النية الجرمية وكما عرفتها المادة 63 من قانون العقوبات هي ارادة ارتكاب الجريمة على ما عرفها القانون وان جريمة اساءة الائتمان تحتاج بالإضافة إلى القصد العام قصد جرمي خاص بمعنى ان يقدم الفاعل على الفعل وهو عالم بانه يتصرف بشيء ليس له عليه سوى حق الحيازة الناقصة وانه وبتصرفه هذا يجعل من المستحيل اعادة الشيء لصاحبه وانه يقصد من وراء فعلته هذه نية تملك الشيء وحرمان صاحبه منه.
( انظر في تفصيل أركان جرم إساءة الائتمان د . محمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال (1-2) ، منشورات دار الحلبي الحقوقية، 2010 ، ص 31 وما بعدها . وأ . د . محمد سعيد نمور، شرح قانون العقوبات ( الجرائم الواقعة على الأموال ) ، دار الثقافة، 2007 ، ص 21 وما بعدها . ود . عبد الرحمن توفيق، شرح قانون العقوبات ( الجرائم الواقعة على الأموال ) ، دار الثقافة، 2012 ، ص 15 وما بعدها ).
وبتطبيق القانون على الوقائع الثابتة في هذه الدعوى تجد محكمتنا أن الثابت لديها من خلال شهادة المشتكي و الشاهد يوسف عرفات أن المشتكى عليه (المستانف) قد تسلم من المشتكي على سبيل الإجارة جهاز بلاستيشن (منقول) تعود ملكيته للمشتكي (الغير)، وقد كان تسلمه هذا على سبيل الحيازة الناقصة وفقاً لما ورد في شهادة المشتكي من أن تسليم المال له كان لغايات التأجير ( عقد الايجار من عقود الأمانة )، إلا أنه لم يقم برد الجهاز في الموعد المتفق عليه وتوقف عن الرد على اتصالات المشتكي، بعد ان طلب تقديم شكوى كما ورد بشهادة الشاهد يوسف عرفات وبما يعني بأنه أنكر حق المشتكي في ذلك المال بأن قام باخذه والظهور عليه بمظهر المالك.
أما الركن المعنوي فقد استقر الاجتهاد القضائي على أن النية في الجرائم عموماً هي أمر باطني يضمره الجاني في نفسه ولا يستدل عليه من خلال الشهادة ولا البينات المباشرة وإنما يُستدل عليها من خلال ظروف الدعوى وملابساتها والأمور الخارجية التي يقارفها المشتكى عليه وما يتكشف عن وقائع الدعوى من أمور يكون من شأنها أن تعكس قصد المشتكى عليه ( قرار محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم 690/2018 ، هيئة عامة، تاريخ 2/4/2018) ، وحيث أن محكمتنا تستدل من وقائع هذه الشكوى على توافر القصد بصورتيه العامة والخاصة في فعل المشتكى عليه (المستانف) بأن كان يعلم بأن المال لا يعود له وأنه قد تسلمه على سبيل الأمانة من المشتكي واتجهت إرادته رغم ذلك إلى إتيان ذلك الفعل، وكانت نيته الجرمية تتجه نحو تملك المال والظهور عليه بمظهر المالك، ووجه الدلالة على توافر تلك الأمور الباطنية لدى المشتكى عليه (المستانف) يتمثل في امتناعه عن الرد على اتصالات المشتكي وقيامه بأخذ الجهاز ولم يقم برده حتى تاريخه، الأمر الذي يعني تحقق كافة عناصر الركن المعنوي بحقه وبالنتيجة تحقق كافة أركان وعناصر جرم إساءة الائتمان بحدود الماده 422 من قانون العقوبات في جانب المشتكى عليه (المستانف) .