العقد وقيمته القانونية
العقد وقيمته القانونية:
إن العقد نظام قانوني من أنظمة القانون، وتأتي أهميته بعد أهمية القانون مباشرة، وتعود هذه الأهمية إلى كونه أكثر أنظمة القانون شيوعاً في حياة الناس،
حيث يؤدي العقد الدور الأساسي الأعظم في عالم المال بين الناس, إذ أن الفرد في حياته العادية يبرم مع غيره العديد من العقود في اليوم الواحد.
العقد وسيلة لتبادل المصالح بين الأفراد أوجده القانون ليكون أداة لتبادل الالتزامات، لذا فهو يمثل المصدر الأساسي الغالب لنشأة الحقوق والالتزامات،
بغض النظر عن طبيعة الحق فهو ينشئ وحده في واقع حياة الناس الغالبية العظمى من الالتزامات، وحتى يقوم العقد بهذه المهمة،
فقد وضع له القانون قواعداً يراعي فيها مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، وجعل من هذه القواعد شروطاً فيه لا يمكنه أن يحقق الغاية منه إلا بتقنينها.
رقم محامي عقود
إن الأصل في القعد أن يلزم عاقديه بكل ما اتفقوا عليه، فهو يتضمن قوة تحتم على طرفيه الرضوخ له في كل ما يحتويه وبعارة أخرى فهو قانون المتعاقدين.
تبدو أهمية الموضوع النظرية في ارتباطه بالعديد من مواضع القانون المدني، ومن ذلك ارتباط موضوع فسخ العقد بنظرية انعقاد العقد،
حيث لا يمكن الحديث عن فسخ العقد إلا إذا وجد عقد صحيح ولازم أي رتب جميع آثاره القانونية.
رقم محامي عقود
فنطاق الفسخ هو العقود الصحيحة الملزمة للجانبين، ويرتبط موضوع فسخ العقد بنظرية تنفيذ العقد،
والتي توجب على المدين أداء ذات عين الأمر الذي يقوع عليه التزامه،
حيث لا يمكن الحديث عن الفسخ إذا قام المدين بالتنفيذ العيني للالتزام طوعاً،
أما إذا لم يؤد المدين عين ما التزم به، وبعبارة أخرى إذا لم ينفذ التزامه تنفيذاً عينياً كاملاً من حيث الكيف والكم والزمن فبرغم إعذار الدائن له بوجوب ذلك الوفاء،
كان الفسخ جزاء لعدم التنفيذ.
أما الأهمية العملية للموضوع فتعود إلى أنه يرتبط بالغاية التي يرجوها المتعاقد من الدخول في الرابطة العقدية،
والتي لا يمكن أن تتحقق إلا إذا قام الطرف الآخر بتنفيذ عين ما التزم به، ولهذا فإن المنازعات في الغالب لا يكون محلها عدم انعقاد العقد, وإنما عدم تنفيذه.
محامي عقد
مفهوم الفسخ القضائي:
بيان مفهوم الفسخ القضائي باعتباره أحد النظم القانونية التي تنحل بواسطة الرابطة التعاقدية يقتضي منا أولا تعريفه وبيان خصائصه.
أولاً: تعريف الفسخ القضائي:
يعرف غالبية فقهاء وشراح القانون الفسخ القضائي بأنه جزاء يوقعه القاضي على تعدي أحد المتعاقدين،
أو تقصيره المتمثل في عدم تنفيذه لالتزاماته أو الإخلال بهذا التنفيذ أو التأخر فيه.
محامي عقد
والفسخ باعتباره جزاء عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه أي حل ارتباط العقد الملزم للجانبين،
بحكم يصدر عن القضاء بناء على طلب أحد المتعاقدين بسبب تقصير المتعاقد الآخر في تنفيذ التزاماته.
رقم محامي عقود
وبهذا المعنى يتبين أنه جزاء يترتب على إخلال المتعاقد في عقد ملزم للجانبين بالتزاماته المترتبة علىه بموجب هذا العقد،
وهو يمثل الموقف الإيجابي للدائن حيال تقصير مدينه في تنفيذ التزاماته،
فإذا كان الدفع بعد التنفيذ هو الموقف السلبي الذي يتخذه الدائن حيال عدم تنفيذ المدين للاتزاماته العقدية،
كوسيلة للامتناع من جانبه عن تنفيذ التزامه, فإن هذا الموقف السلبي المتمثل بالدفع بعد التنفيذ يبقي الدائن مرتبطا بالعقد،
أما إذا كان هذا الوضع يمكن أن يلحق به الضرر، فقد منحه القانون الحق في اتخاذ موقف إيجابي من خلال طلب الفسخ ليتحلل من الرابطة العقدية،
مجازاة للمدين على تقصيره في تنفيذ التزاماته.
محامي عقد
ويتصل بالمسؤولية العقدية التي هي جزاء عدم تنفيذ المدين لالتزامه،
كون الفسخ القضائي ليس الطريق الوحيد الذي يعطيه القانون للدائن في طلب توقيع الجزاء على مدينه لقاء عدم تنفيذه لالتزامه،
بل إلى جانب الفسخ يمكن للدائن أن يطالب بالتنفيذ عن طريق التعويض مع استبقاء العقد، وهذه هي المسؤولية العقدية،
كما يحق للدائن أن يطلب الفسخ مع التعويض وإجابة المحكمة لطلبه على أساس المسؤولية العقدية.
محامي عقد
ينتقد البعض اعتبار الفسخ القضائي جزاء بحد ذاته، فالفسخ عندهم لا يكون جزاء إلا إذا اقترن بالتعويض والذي هو الجزاء الحقيقي،
أما إذا لم يطلب الدائن مع الفسخ التعويض فلا يكون الفسخ جزاء، وكذلك إذا رفض القاضي إجابة طلب التعويض وأجاب فقط طلب الدائن بالفسخ،
ففي هذه الأحوال لا يمكن القول بأن الفسخ القضائي هو جزاء.
رقم محامي عقود
ويعرف البعض الفسخ القضائي بأنه إنحلال الرابطة التعاقدية بحكم القضاء بماله من سلطة تقديرية إذا استحال تنفيذ التزامات المدين لسبب يعود إليه،
وهذا هو أدق تعريف نظراً لامكانية التمييز من خلاله بين الفسخ القضائي كنظام قانوني يستخدم لحل الروابط التعاقدية عن غيره من النظم القانونية المشابهة.
وذلك لبيان نطاق العقود التي يكون فيها الفسخ القضائي والتي هي العقود التبادلية،
ولتحديد الأساس الذي يقوم عليه الفسخ القضائي وهو عدم التنفيذ لسبب يعود للمدين،
وأخيرا فإن هذا التعريف يركز على خاصية هامة وأساسية للفسخ القضائي لا تتوفر في بقية صور انحلال الرابطة وهو الخاصية المتعلقة بالسلطة التقديرية للقاضي.
محامي عقد
ثانياً: خصائص الفسخ القضائي:
إضافة إلى خصائص فسخ العقد بوجه عام، يتمتع الفسخ القضائي بخاصية هامة تتمثل في جوازية الفسخ القضائي بالنسبة للدائن والمدين،
والقاضي على حد سواء وعلى النحو الآتي:
– جوازية الفسخ بالنسبة للدائن:
تتمثل خاصية جوازية الفسخ بالنسبة للدائن في الأمور الآتية:
1) تمتع الدائن بالخيار بين طلب الفسخ وطلب التنفيذ العيني، إن كان التنفيذ العيني لازال ممكنا،
وهذا يعنى أن الفسخ القضائي ليس الطريق الوحيد أمام الدائن لمواجهة تعنت المدين وامتناعه عن التنفيذ العيني الذي لازال ممكنا،
فلا يجبره القانون على طلب الفسخ في هذه الحالة،
بل يمنح الدائن الخيار بين طلب الفسح وطلب التنفيذ بمقابل أو بطريق التعويض في الحالة التي يصبح فيها التنفيذ العيني غير ممكن يفعل المدين.
محامي عقد
2) منح الدائن حق العدول عن طلب الفسح أثناء المحاكمة واستبداله بطلب التنفيذ العيني،
فإن طلب التنفيذ العيني أو التنفيذ بمقابل فلا يمنعه ذلك من العدول عنه إلى طلب الفسح والعكس أيضا صحيح.
– جوازية الفسخ بالنسبة للمدين:
تتلخص خاصية جوازية الفسخ بالنسبة للمدين في أن المدين المقامة ضده دعوى الفسخ يستطيع أن يتق الحكم به،
إذا هو عرض أن ينفذ التزامه أو قام بتنفيذه فعلا قبل أن يصدر القاضي حكماً نهائياً بالفسخ،
وفي هذه الحالة لا يجوز أن يُلزم القاضي المدين بتعويض الدائن عما أصابه من ضرر بسبب تأخير التنفيذ بعد الإعذار.
ويفرق الفقه في مسألة جوارية الفسح بالنسبة للمدين على النحو المشار إليه بين المدين حسن النية والمدين سيء النية،
فيجوز للأول اتقاء الفسخ إذا هو قام بتنفيذ التزاماته قبل الحكم النهائي بالفسخ،
كما يجوز له أن يطلب حصر الفسخ على جزء من العقد،
أما المدين سيء النية أي الذي تعمد المماطلة وعدم الوفاء طبقاً لما يوجبه حسن النية في التعامل،
فلا يجوز له أن يتق الفسخ ولا طلب حصر الفسخ على جزء من العقد.
– جوازية الفسخ القضائي بالنسبة للقاضي:
إن جوازية الفسخ القضائي بالنسبة للقاضي مردها إلى السلطة التقديرية الواسعة التي منحها القانون للقاضي إزاء طلب الدائن فسخ العقد،
فإذا رأى القاضي أن عدم التنفيذ يستدعي فسخ العقد حكم به، وإن رأى أن ما لم ينفذ قليل الأهمية بالنسبة إلى ما تم تنفيذه رفض الفسخ،
وإن رأى أن المدين حسن النية يستطيع الوفاء إذا أمهل جاز له أن يمنحه مهلة للتنفيذ وهذا ما بينته صراحة المادة (246 فقرة 2) من القانون المدني الأردني.
سلطة القاضي في الفسخ القضائي:
استنادا إلى نص المادة (246) من القانون المدني الأردني يكون الحكم بفسخ العقد جوازياً للقاضي حتى ولو توافرت شروطه،
حيث أعطى المشرع القاضي عدداً من الخيارات إزاء طلب الفسخ، وهذه الخيارات تجعل سلطته تقديرية في الحكم بالفسخ.
أولاً: المقصود بالسلطة التقديرية للقاضي:
يقصد بالسلطة التقديرية للقاضي في الحكم بفسخ العقد بناءً على طلب الدائن وفقا للشرط الفاسخ الضمني،
قيام القاضي بالاختيار لأثر قانوني من بين الآثار القانونية الواردة في النص، والذي يرى بأنه أكثر ملائمة وفقاً لظروف الدعوى،
والقاضي في اختياره لهذا الأثر دون الآخر إنما يعتمد على فكرة الملائمة في إعمال الجزاء وفقا لتقدريه.
محامي عقد
ومما سبق يمكن استنتاج الأمور الآتية:
1) أن مصدر السلطة التقديرية للقاضي في إجابة طلب الدائن بفسخ العقد أو رفض هذا الطلب، والحكم بجزاء آخر، هو القانون،
وما نص عليه من آثار قانونية، فلولا وجود عدد من الآثار القانونية في نص المادة (24/2) من القانون المدني الأردني لما كانت للقاضي هذه السلطة التقديرية،
كما أنه لو لا صراحة العبارات الواردة في هذه المادة والتي منحت للقاضي الحق في إجابة طلب الفسخ أو رفضة أيضا،
لما كان للقاضي أي سلطة تقديرية بل سيكون الأمر مختلفا بالنسبة له، أي سيكون ملزماً بالحكم بفسخ العقد متى ثبت له تحقق شروطه.
محامي عقد
2) أن نطاق سلطة القاضي التقديرية بشأن طلب الدائن بفسخ العقد غير مفتوح ولا متروك لاختياره وتقدير ما يريد،
بل أن هذا النطاق مقيد في الاختيار لأحد الآثار القانونية المذكورة في النص فقط،
دون أن يتعداها أي يكون اختياره في إطار ما ذكر في هذه المادة فقط.
محامي عقد
3) أن اختيار القاضي لواحد من الآثار القانونية المنصوص عليها في المادة (24/2) يقتضي منه أن يبني قناعته على أساس تقدير جسامة عدم التنفيذ من جانب،
والأسباب التي أدت إلى عدم التنفيذ من جانب آخر.
رقم محامي عقود
وفي دعوى التنفيذ العيني الجبري لا يكون للقاضي سلطة تقديرية في القضاء بالفسخ،
ولكنه يأمر بالتنفيذ عن طريق العويض إذا كان التنفيذ العيني مرهقاً أوصعباً أو فيه استحالة على المدين،
ولا يلحق أضراراً وخسائر كبيرة بالدائن، ويقوم تقدير القاضي لعدم التنفيذ والذي لا يستطيع من خلاله أن يحكم بالفسخ على معيارين، وهما:
– المعيار الشخصي: يعتمد القاضي هنا على نية المتعاقدين ويقوم بالبحث في الظروف التي أحاطت بتكوين العقد،
والتي قصدت الفسخ ومعرفة مدى اهتمام الطرفين بتنفيذ العقد، وما إذا كانا قد قصدا تعليق بقاء العقد على تنفيذ الالتزام.
محامي عقد
-المعيار الموضوعي: يعتمد القاضي هنا بكيفية التنفيذ، وذلك من خلال مقارنة نسبة مقدار عدم التنفيذ إلى جملة المحل،
لكي يحصل على أساس حقيقي ومؤكد في تقدير ما إذا كان ينبغي له أن يحكم بالفسخ أو لا ينبغي له ذلك.
محامي عقد
أما البحث في الأسباب التي أدت إلى عدم تنفيذ المدين لالتزامه فهذا مهم في تمكين القاضي من اختيار الأثر القانوني الذي في الحكم إزاء طلب فسخ العقد،
فإذا تبين من بحثه لهذه الأسباب أن هناك ظروف طارئة للمدين جعلته غير قادر على الوفاء في الميعاد المحدد،
وأن هناك من العلامات والمؤشرات التي يمكن أن يستدل منها على زوال هذه الظروف في المستقبل،
وأن المدين شخص غير مماطل ففي هذه الحالة يمكن للقاضي أن يمنح المدين مهلة للتنفيذ،
أما إذا تبين للقاضي من بحثه في أسباب عدم التنفيذ إصرار المدين على عدم الوفاء بالالتزام (تعنته)،
وكان التنفيذ لا يمكن تحققه إلا بتدخل المدين شخصيا فله أن يحكم بفسخ العقد مع التعويض إن ثبت الضرر.
محامي عقد
ثانياً: نطاق السلطة التقديرية للقاضي في فسخ العقد:
سبق وأن عرفنا بأن السلطة التقديرية للقاضي في الفسخ استناداً إلى نص المادة (246) السابق ذكرها،
هي الاختيار لأحد الآثار القانونية المنصوص عليها في هذه المادة عند إصدار حكمة بناء على طلب الدائن بالفسخ،
والآثار القانونية التي حددتها المادة السابقة هي وحدها التي تنحصر فيها سلطة القاضي التقديرية، وهذه الآثار هي:
الأثر الأول: رفض طلب الفسخ:
للقاضي أن يرفض طلب الدائن فسخ العقد كلياً رغم توفر كل شروطه،
وذلك إذا رأى القاضي أن ما لم يوف به الدائن قليل الأهمية بالنسبة إلى جملة الالتزام،
كما لو كان المشتري قد امتنع عن الوفاء بجزء من الثمن، بعد أن كان قد دفع معظمه،
أو كان المدين قد وفى بكل الالتزامات الأساسية التي يفرضها العقد عليه ولم يتقاعس إلا عن الوفاء بالتزام ثانوي،
وكما يكون للقاضي رفض طلب الدائن فسخ العقد إذا تبين له عدم تعمد المدين بعدم الوفاء بالالتزامات التي على عاتقه والناشئة عن العقد (تعنت المدين عن الوفاء).
ويكون للقاضي أيضا رفض طلب الدائن فسخ العقد متى ما تبين له أن الوفاء بالالتزام من قبل المدين يقتضي تعاوناً من جانب الدائن ولم يقم الدائن بهذا التعاون.
محامي عقد
الأثر الثاني: منح المدين أجلا للوفاء بالالتزام:
للقاضي وفقاً لما له من سلطة تقديرية إمهال المدين للوفاء بالتزامه إذا لم يكن في ذلك ضرراً جسيماً للدائن،
وهو ما يعرف بنظرة الميسرة لعل الله يؤتيه من بعد عسر يسرا يتمكن من الوفاء بما عليه من التزام،
ومن الحالات التي يكون فيها للقاضي منح المدين أجلا للوفاء لما له من سلطة تقديرية إزاء طلب الدائن فسخ العقد، ومن الأمثلة الشائعة على ذلك:
1) إذا تبين للقاضي أن ظروف المدين وقت طلب الفسخ تستدعي ذلك، كأن أصيب مثلا بأزمة مالية نظراً لكساد تجارته.
2) إذا تبين للقاضي أن المدين في معاملاته السابقة مع الدائن لم يكن مماطلا، وأن ما وقع به من عسر هو السبب الرئيسي لعدم الوفاء بالالتزام في وقته المحدد.
3) إذا تبين للقاضي أن التأخير في الوفاء بالالتزام من قبل المدين لا يصيب الدائن بضرر.
4) إذا تبين للقاضي أن ظروف المدين في المستقبل يحتمل أن تمكنه من الوفاء بالالتزام … الخ.
ففي مثل هذه الحالات يكون للقاضي رفض طلب الفسخ والحكم بإعطاء المدين مهلة،
وفي مثل هذه الحالات لا ينفسخ العقد إلا إذا انقضت المدة التي منحها القاضي للمدين من غير أن ينفذ المدين التزاماته الناشئة عن العقد.
محامي عقد
والرأي المتفق عليه هو أنه لا يجوز أن يمنح القاضي المدين بهدف تجنبه دعوى الفسخ مهلة ثانية،
فنظرة الميسرة لا تمنح للمدين إلا مرة واحدة، ولذا فإن انتهاء المدة التي منحت للمدين للوفاء بالتزاماته الناشئة عن العقد،
يترتب عليها فسخ العقد مباشرة ومن تلقاء نفسه بحكم القضاء،
وأيضاً حتى ولو لم يتضمن الحكم الذي بموجبه منح المدين المهلة للتنفيذ إشارة إلى هذا الأثر أي انفساخ العقد مباشرة من تلقاء نفسه.
محامي عقد
الأثر الثالث: قبول طلب الدائن فسخ العقد:
إذا رأى القاضي أن عدم الوفاء بالالتزام من قبل المدين يعود إلى تعنته أو تعمده في الإضرار بالدائن أو أن تنفيذ المدين لالتزاماته أصبح مستحيلا ليس لسبب أجنبي،
بل يعود للمدين نفسه، كما لو شب حريق في المخزن الخاص بالمدين والذي فيه المبيع بسبب إهمال تابعي المدين, الأمر الذي جعل تسليم المبيع مستحيلا.
كما يكون للقاضي الحكم بفسخ العقد عندما لا تكون استحالة التنفيذ راجعة للمدين وحده،
بل يساهم فعل الغير مع فعل المدين في تحقيق استحالة التنفيذ بصرف النظر عن مدى مساهمة الغير،
أي سواء استغرق خطأ الغير خطأ المدين، أم أن خطأ المدين استغرق خطأ الغير، ففي كلا الفرضين يكون للقاضي الحكم بفسخ العقد.
الأثر الرابع: الحكم للدائن بالتعويض:
إذا رأى القاضي أن الفسخ وحده لا يكفي لرفع الضرر الذي أصاب الدائن من جراء إخلال المدين بالتزاماته،
كان للقاضي أن يحكم إلى جانب الفسخ بإلزام المدين بتعويض الدائن تعويضا يتناسب في مقداره مع الضرر الذي أصاب الدائن فعلاً،
فالفسخ عند تحقق شروطه والحكم به من قبل القاضي لا يعفي عن الحكم بالتعويض عند لزومه،
كما يكون للقاضي تقرير التعويض الذي يستحق الدائن في حالة الحكم بالفسخ للاستحالة الناتجة عن عدم إمكانية إجبار المدين على التنفيذ العيني،
لكن إذا كان هناك سبب أجنبي لعدم تنفيذ المدين لالتزامه كخطأ الغير المستغرق لخطأ المدين فهو،
وإن كان يؤدي إلى فسخ العقد، إلا أنه لا يعطي الدائن الحق في طلب التعويض إلى جانب فسخ العقد.
آثار الفسخ القضائي للعقد:
إذا أصدر القاضي حكمه بفسخ العقد سواء بناء على الشرط الفاسخ الصريح بعد أن ثبت له تحقق شروط الفسخ،
أو بناء على الشرط الفاسخ الضمني بما له من سلطة تقديرية, فإنه يترتب على هذا الفسخ انقطاع العلاقة العقدية،
والذي هي في الأساس مترتبة على عقد صحيح ومنتج لآثاره،
فهذا العقد وقبل فسخه من الطبيعي أن يكون قد رتب أثناء سريانه حقوقاً أو التزامات على أطرافه،
أو على الغير ولهذا فإن آثار الفسخ منها ما يتعلق بالعاقدين ومنها ما يتعلف بالغير.
أولا: آثار الفسخ فيما بين المتعاقدين:
نصت المادة (248) من القانون المدني الأردني على أنه إذا انفسخ العقد أو فسخ أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد،
فإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض.
يتبين من هذا النص أن القاعدة هي أن يكون فسخ العقد بأثر رجعي سواء كان الفسخ يرجع إلى تحقق الشرط الفاسخ،
أو فسخه فسخاً تلقائياً أو قضائياً نتيجة لعدم تنفيذ المدين لالتزامه، بحيث يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد،
فإن استحال إعادة الحالة حكم القاضي بالتعويض.
محامي عقد
فإن أبرم البائع عقد بيع وقام بتسليم المبيع، وامتنع المشتري عن دفع الثمن،
وقام البائع برفع دعوى الفسخ، وحصل على حكم بالفسخ فإن العقد ينحل ويلزم المشتري بإرجاع المبيع إلى البائع،
فإن كان المبيع قد هلك أو استهلك فإن المشتري يلزم بدفع قيمة المبيع إن كان قيمياً، أو يرد مثله إن كان مثلياً،
وإن كان الضرر كبيراً طالبه أيضاً بالتعويض لجبر كامل الضرر الذي لحق به،
وبذلك فإن فسخ العقد يؤدي إلى زواله بأثر رجعي بحيث يعد كأنه لم يكن ويزول به كل أثر له فيما بين المتعاقدين.
ولما كانت العقود التي يرد عليها الفسخ يمكن أن تكون من العقود الفورية يمكن أن تكون من العقود المستمرة، لذا لا بد من بيان القاعدة السابقة في كل نوع على حده.
محامي عقد
الأول: في العقود الفورية:
– إذا كان العقد الذي تم فسخه لم ينفذ شيء منه فلا يلتزم أي من المتعاقدين بأي شيء نحو الآخر.
– وإذا كان العقد قد نفذ في جزء منه وجب على كل من المتعاقدين أن يرد إلى الطرف الآخر الأداء الذي قبضه منه،
فإذا كان العقد بيعاً تعين على المشتري أن يرد المبيع الذي تسلمه إلى البائع دون أن يكون له المطالبة بالتعويض عن الزيادة الحاصلة في المبيع بدون فعله،
كما لو زادت قيمة المبيع بسبب ارتفاع الأسعار أو بسبب الزيادة في مقدار الالتصاق وتعين على البائع أن يرد الثمن الذي قبضه من المشتري.
– وإذا أصبح الرد مستحيلاً حكم القاضي بالتعويض، فمثلاً لو أن المبيع هلك في يد المشتري بخطأ منه، حكم القاضي عليه بتعويض يعادل قيمة المبيع وقت الهلاك،
ويكون التعويض هنا عن التلف الحاصل للمبيع سواء بتقصيره أو بفعله وسواء استفاد من التلف أو لم يستفد،
وفي مقابل مسؤولية المشتري عن الهلاك أو التلف الحاصل بتقصيره يلتزم المشتري بتعويض البائع عن المصاريف الضرورية.
محامي عقد
الثاني: في العقود المستمرة:
تشمل نظرية فسخ العقد جميع العقود الملزمة للجانبين الفورية التنفيذ أو المستمرة التنفيذ على النحو السابق تفصيله عند الحديث عن شروط الفسخ،
إلا أنه بالنسبة للأثر الرجعي للفسخ فقد اختلف الفقه بشأن هذا الأثر بالنسبة للعقود المستمرة.
حيث ذهب جمهور الفقه إلى أنه عندما يرد الفسخ على العقود المستمرة، لا يكون له آثار رجعية ولا تزول الالتزامات الناشئة في الماضي،
ويكون أثره مقتصراً على المستقبل فقط، إلا أن هناك فريقاً آخر من الفقهاء يرون أن الأثر الرجعي الذي يرتبه الفسخ يجب أن يكون شاملاً لجميع العقود،
دون تمييز بين العقود الفورية وعقود المدة.
على أن الرأي السائد هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء إلا أنه برز رأئ يقول بضرورة ترتيب الأثر الرجعي عند الفسخ على جميع العقود،
بدون استثناء سواء كانت عقود فورية أو عقود مدة, وذلك تطبيقا للقاعدة القانونية التي تنص على أنه:
إذا تم فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى ما كان عليه قبل التعاقد،
لأن ما ذهب إليه جمهور الفقهاء خروج عن نص القاعدة وتخصيص من عموم وتقييد للأثر الرجعي دون وجود مبرر قانوني،
كما في تطبيق قاعدة الأثر الرجعي حماية للغير،
لأنه قد يكون هناك من بين الغير من هم جديرون بالحماية من أثر فسخ العقد وهم الغير حسنو النية الذين لا يعلمون ما يتهدد العقد من حطر الزوال،
لذلك قام القانون بحماية هذا الغير من خطورة الفسخ بتجنيبه هذا الخطر ولو كان على حساب من تقرر الفسخ لصلحته أو على حساب نظرية الفسخ نفسها،
والقانون بذلك يقوم بتحقيق الصالح العام، وهذا مبرر من الناحية القانونية للخروج عن القاعدة العامة التي تحمي المتعاقد الدائن دون الغير.
محامي عقد
ثانياً: أثر الفسخ بالنسبة للغير:
القاعدة العامة في الفسخ هي زوال حقوق الغير بموجب الفسخ،
حيث يترتب على الفسخ انحلال العقد ومحو آثاره بأثر رجعي وزوال الالتزامات الناشئة عنه بالنسبة للمتعاقدين والغير،
ويترتب على ذلك أن حق الغير الذي تلقاه من أحد المتعاقدين يزول بزوال حقوق والتزامات المتعاقد الذي تعامل معه نتيجة لفسخ العقد،
ولا يجوز للغير أن يحتج على الدائن ولا يجوز له إنكار إنحلال العقد بل يجب عليه التسليم بانحلال العقد، وبذلك يكون الفسخ حجة على الكافة.
وإذا كانت القاعدة العامة كما ذكر أعلاه هي سقوط جميع الحقوق التي رتبها أحد المتعاقدين للغير بفعل الأثر الرجعي للفسخ، إلا أنه يستثنى من هذه القاعدة حالتان:
الحالة الأولى:
أنه إذا اكتسب الغير بحسن نية حقا عقاريا على الذي يرد عليه العقد الذي فسخ، أو التأشير بها على هامش تسجيل هذا العقد،
فإن حقه يبقى بالرغم من الفسخ، فمثلا لو كان الغير الذي قرر له المشتري حقاً عينياً وسُجل حقه وفقا للقانون، كالدائن المرتمن،
فإن المبيع يعود إلى البائع محملا بالرهن.
الحالة الثانية:
أنه إذا كسب الغير حقاً يتعلق بالشيء الذي ورد عليه العقد الذي فسخ وذلك بمقتضى عقد من عقود الإدارة، كالإيجار،
فإن حقه يبقى بالرغم من الفسخ لأن المشتري باعتباره مالكا تحت شرط فاسخ له حق الإدارة وهو في إدارته يعتبر نائباً عن البائع.
محامي عقد
رأينا القانوني بذلك:
1) اشترط المشرع على طالب الفسخ أن يقوم باعذار المدين، وذلك لكي يستوفي الفسخ شروطه القانونية وتتمكن المحمكة من استصدار الحكم بالفسخ،
وأرى أن تكون مدة الإعذار في العقود الفورية لا تقل عن ثلاثة أيام، وفي العقود المستمرة أو المدة لا تقل عن خمسة عشر يوماً.
2) المشرع لم يحدد حداً معيناً للمهلة التي يمكن أن تمنح إلى المدين للتنفيذ, فترك مطلق الأمر للسلطة التقديرية للقاضي،
وأرى أنه لو حدد القانون حداً معيناً أقصره شهر وأعلاه ستة شهور.
3) تبين لي من خلال مراجعتي لقرارات محكمة التمييز الأردنية خلوها من الأحكام المتعلقة بالفقرة 2 من المادة 246،
مما ولد لدي الاستنتاج بعدم تطبيق القضاء لأحكام هذه المادة، وأرى أنه لا مبرر لعدم تطبيقها سيما أنها ستساهم بشكل كبير في توسيع نطاق العدالة،
لذا أتمنى على أصحاب الرأي في السلطة القضائية توجيه القضاء إلى تفعيل هذه المادة في الأحكام القضائية الصادرة في الدعاوى ذات الموضوع.
4) أتمنى على نقابة المحامين عقد دورة تثقيفية بأحكام الفقرة 2 من المادة 246 وتوعية المحامين بضرورة استعمالها حسب مقتضى الحال،
لتكون طلبا موضوعيا أمام قاضي الموضوع يوجه به المحامي القاضي بضرورة الفصل فيه سواءً إيجاباً أو سلباً.
مكتب العبادي للمحاماة
التواصل معنا يكون من خلال موقعنا الالكتروني هذا، أو بواسطة الواتس آب،
أو من خلال الإتصال بنا هاتفيا على أرقام الهواتف التالية.
راسلنا من خلال البريد الالكتروني المدرج على موقعنا:
الأردن ، عمان ، العبدلي ، شارع الملك حسين، مجمع عقاركو التجاري، الطابق رقم 4، مكتب رقم 4.
تواصل معنا من خلال رقم هاتف مكتب العبادي للمحاماة:
798333357 00962 / 0799999604 / 064922183
خبرني : ورشة في (بيركيلي) حول قانون الاعسار (KHABERNI.COM)
محامي عقد