قرار تمييز حقوق رقم (2022/6801)
هيئة عامة – نقطة قانونية مستحدثة وعلى جانب من الأهمية
برئاسة القاضي ناصر التل
أن التكييف القانوني للدعوى لا يخضع لرغبة الخصوم ولا يقيد المحكمة في إعطاء الوصف القانوني للدعوى
إن النظر في طلبات الدية وبما يعني أن أي نزاع يثار في هذه الدعاوى ومنها الادعاء باستحقاق جزء من الدية المقبوضة يكون القضاء الشرعي هو صاحب القول الفصل في هذه المنازعة تطبيقاً لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع وأن التابع تابع ولا يفرد بحكم، والقول بغير ذلك فيه مصادرة للنصوص القانونية الواضحة وفيه تسلط القضاء النظامي على القضاء الشرعي
القرار
لم يقبل المستأنف عليهم بقضاء محكمة الاستئناف فطعنوا فيه تمييزاً بتاريخ 2021/20/26 على العلم وتبلغ المميز ضدهما لائحة التمييز بتاريخ 2021/11/15 وتقدموا بلائحة جوابية بتاريخ 2021/11/18
وبسبب انطواء الدعوى على نقطة قانونية مستحدثة وعلى جانب من الأهمية تتعلق بالاختصاص الولائي فقد تقرر نظر هذا الطعن من قبل الهيئة العامة في محكمة التمييز والتي أصدرت بتاريخ 2022/5/18 الحكم رقم (2021/6533) والذي جاء فيه
وقبل بحث أسباب التمييز نجد أن المدعين أقاموا دعواهم للمطالبة بالمبلغ المدعى به على سند من القول بأن ذلك المبلغ يمثل حصتهم من الدية المستلمة من قبل المدعى عليهما بموجب صك صلح عشائري وأن المدعى عليهما قدما الطلب رقم (2020/398) لرد الدعوى لعدم الاختصاص الولائي للمحاكم النظامية
وحيث تمسك المدعى عليهما بعدم ولاية المحاكم النظامية للفصل في الدعوى بموجب الطلب رقم (2020/3498) إلا أن محكمة البداية ومن بعدها محكمة الاستئناف قررتا إعلان اختصاصهما بنظر الدعوى
وحيث إن هذا الدفع هو من النظام العام الذي أجاز المشرع للمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها عملاً بالمادة (2/111) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأمر الذي يستتبع أن يكون القاضي عالماً بالأحكام والقواعد القانونية التي تحكم النزاع المطروح عليه حتى يتمكن من الفصل فيه بين الخصوم
وحيث إن المادة (99) من الدستور قسمت المحاكم إلى ثلاثة أنواع
١ – محاكم نظامية
٢ – محاكم دينية
٣- محاكم خاصة
وأن المادة (100) من الدستور نصت على أن المحاكم واختصاصها تعين بموجب القانون كما أن المادة (2/105) من الدستور نصت على اختصاص القضاء الشرعي بقضايا الدية
وعليه فإن لكل من القضاء النظامي والقضاء الشرعي اختصاصه الوظيفي والولائي والذي رسم القانون حدود اختصاص كل منهما من خلال تعيين الدعاوى التي يختص كل قضاء بنظرها إذ أولت المادة (2/11) من قانون أصول المحاكمات الشرعية بالمحاكم الشرعية النظر في طلبات الدية وبما يعني أن أي نزاع يثار في هذه الدعاوى ومنها الادعاء باستحقاق جزء من الدية المقبوضة كحال دعوانا هذه يكون القضاء الشرعي هو صاحب القول الفصل في هذه المنازعة تطبيقاً لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع وأن التابع تابع ولا يفرد بحكم وفقاً للمادة (228) من القانون المدني والتي رسختها المادة (47) من مجلة الأحكام العدلية والتي تعني أن التابع للشيء في الوجود تابع لذلك الشيء في الحكم (علي حيدر – درر الأحكام في شرح مجلة الأحكام – المجلد الأول – ص 48 – دار الثقافة)
وحيث إن الأمر كذلك فيغدو القضاء النظامي غير مختص بنظر قضايا الدية وما يتفرع عنها والقول بغير ذلك فيه مصادرة للنصوص القانونية الواضحة وفيه تسلط القضاء النظامي على القضاء الشرعي
وحيث إن موضوع النزاع هو ادعاء المدعين باستحقاقهم جزءاً من الدية المقبوضة يكون الاختصاص في هذه الحالة من اختصاص المحاكم الشرعية (ت/ح 2002/589 تاریخ 2002/3/28) خاصة وأن فريقي الدعوى سلما بأن المبلغ المقبوض هو دية
وحيث إن محكمة الاستئناف انتهت لغير هذه النتيجة يكون ما توصلت له مخالفاً للقانون ولما ورد بالطلب رقم (2020/398) ينال من حكمها المطعون فيه
لهذا وبالبناء على ما تقدم نقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني
اتبعت محكمة الاستئناف النقض وأصدرت بتاريخ 2022/6/29 الحكم رقم (6979/2022) وجاهياً قضت فيه بقبول الاستئناف وفسخ القرار المستأنف والحكم برد دعوى المدعين لعلة عدم الاختصاص الوظيفي (الولائي) وتضمين المستأنف ضدهم الرسوم والمصاريف ومبلغ (500) دينار أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي
لم يقبل المستأنف عليهم بقضاء محكمة الاستئناف فطعنوا فيه تمييزاً بتاريخ يوم الأحد 2022/7/31 وتبلغ المميز ضدهما لائحة التمييز بتاريخ 2022/9/11 تقدما بلائحة جوابية بتاريخ 2022/9/20
وعن أسباب التمييز كافة والتي يخطئ فيها الطاعنون تمييزاً محكمة الاستئناف بما توصلت إليه كون مطالبتهم هي قبض المميز ضدهما غير المستحق للمبلغ المدعى به وأن دعواهم محكومة بالمادتين (209 و 274) من القانون المدني ولا مجال لإعمال قانون أصول المحاكمات الشرعية على هذه المطالبة لأنهم لم يطالبوا بالدية فيكون القضاء النظامي هو المختص كون الشرط الوارد في متن صك الصلح هو تعهد عن الغير وغير ملزم لهم وما دفع من دية يجب أن يوزع على جميع الورثة وتكون الخصومة متوفرة مع المميز ضدهما وأن مطالبتهم تستند إلى صك الصلح العشائري مما يجعل من قرار محكمة الاستئناف مخالفاً للقانون خاصة وأن المميز ضدها (ب…) لم تنكر قبض المبلغ المدعى به بالإضافة إلى أنهم غير ممثلين بصك الصلح العشائري وأن الجاهة هي من تعهدت نيابة عنهم فيكون هذا التعهد غير ملزم لهم
وفي ذلك نجد أن التكييف القانوني للدعوى لا يخضع لرغبة الخصوم ولا يقيد المحكمة في إعطاء الوصف القانوني للدعوى
وحيث إن محكمة الاستئناف وامتثالاً لقرار الهيئة العامة رقم (2021/6533) الصادر بتاريخ 2022/5/18 الذي اتبعته توصلت إلى أنها غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى الذي ينعقد فيه الاختصاص للمحكمة الشرعية إعمالاً لحكم المادة (11/2) من قانون أصول المحاكمات الشرعية المختصة بالنظر في طلبات الدية كما هو الحال في هذه الدعوى كون أن موضوعها الادعاء باستحقاق جزء من المبالغ المقبوضة كدية تطبيقاً لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع وأن التابع تابع ولا يفرد بحكم
وحيث إن الأمر كذلك فيكون ما توصلت له محكمة الاستئناف موافقاً للقانون وهذه الأسباب حقيق ردها
لهذا وبالبناء على ما تقدم نقرر رد الطعن التمييزي وتصديق القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها