10:00 AM - 7:00 PM

دوام المكتب من السبت الى الخميس

798333357

اتصل بنا

Search
 

صور وعناصر وأركان جرم الإحتيال

صور وعناصر وأركان جرم الإحتيال

وباستقراء النصوص اعلاه تجد المحكمة ان جرم الاحتيال يتطلب وفقا لاحكام المادة (417) من قانون العقوبات توافر الاركان والعناصر التالية:

الاولالركن المادي: وقوامه فعل الخداع الذي يرتكبه المدعى عليه والنتيجة الجرمية التي تترتب عليه ويتطلب بعد ذلك موضوعاً ينصب عليه ذلك الفعل وتتعلق به الحقوق التي ينالها الاحتيال بالاعتداء.

ويعني ذلك أن هذا الركن يضم عناصر ثلاثة وهي:

أـ السلوك الجرميوله ثلاث صور حصراً وهي الوسائل الاحتيالية أو التصرف في مال منقول أو غير منقول وهو يعلم ان ليس له صفة التصرف بهأو اتخاذ اسم كاذب او صفة غير صحيحة.

اما فيما يتعلق بالصورة الأولى ؛ وهي الوسائل الاحتيالية أو المناورات الاحتيالية؛ ومفادها إيقاع المجني عليه في وهم، بحيث يترتب على وقوعه في ذلك الغلط تسليمه لماله إلى المحتال؛ فعِماد الوسائل الاحتيالية هو الكذب والخداع؛ سواء أكان شفوياً أم كتابياً، ولا يُشترط في الكذب أن يكون كلياً بل يكفي الكذب الجزئي؛ فمن يذكر وجود مشروع يحقق أرباح طائلة يعتبر كاذباً على الرغم من وجود ذلك المشروع وتحقيقه أرباحاً إذا كانت هذه الأرباح في حقيقتها غير طائلة، وكما يُشترط في الكذب أن ينصب على واقعة ماضية أو حالة ويستوي بعد ذلك أن تكون الواقعة مادية خارجة عن شخص الخادع أو نفسية داخلية بالنسبة له.

ويتعين التفرقة بين الكذب والحكم القيمي والذي يمكن التعبير عنه بسوء التقدير أو الابتعاد عن دقة، كما يذكر أوصاف سلعة بصورة حقيقية إلا أنه يضيف رأيه قائلاً بأنها من أجود الأنواع وهي ليست كذلك، فالأول (الكذبينصب على وجود موضوعي للواقعة ومن ثم كانت المعلومات بشأنها موضع ثقة باعتبارها إخباراً عن موجود، بينما الثاني (الحكم القيميفهو تقدير شخصي والفرض أن من يُدلى به إليه يقوم بفحصه وتمحيصه.

وبعد ذلك ينشأ عن الكذب الخداع، وهو نشاط متجه إلى إيقاع الشخص في الغلط، فالفرض أن العقيدة الوهمية تدفع الشخص إلى تصرف يقتنع بأنه في مصلحته بينما هو ليس كذلك أو على أقل تقدير ما كان ليقوم به لو كانت إرادته صحيحة، وسيّان لدى المشرع أن كان بِناء الخداع هو كذب لم يكن موجود من قبل أو أن يتخذ مظهر تدعيم غلط كان موجوداً من قبل أو صورة العمل على استمراره؛ كأن يكون المجني عليه من ذاته يظن بأن هنالك شركة وهمية تحقق أرباح فيأتي الجاني ويدعم هذه الفكرة، ومثال العمل على استمرار الغلط، كأن يكون المجني عليه معتقداً بقدرة المحتال على شفائه من مرض ثم يكتشف خداع الجاني فيبادر الجاني إلى إيجاد مظاهر تؤكد كذبه السابقمع التأكيد على أن الخداع لا يقع إلا بفعل إيجابيّ؛ فالسلوك السلبي (الصمتمهما بلغ سوء مرتكبه لا يُمكن أن ينسب له احتيال.

والقاعدة العامة بشأن الوسائل الاحتيالية أن الكذب المجرد لوحده لا يكفي ولو كان مكرراً؛ فالأصل في الناس ألا يستسلموا لزعم مجرد عما يؤيده ويقيم الدليل على صحته، فإفراط الشخص في الثقة وإيمانه بمجرد الزعم، يجعل منه مقصراً بحق نفسه ولا لوم إلا على نفسه هذا من جهة المجني عليهأما من جهة الجاني، فإن من يقتصر دوره على الكذب المجرد لا يُعد خطراً ومن ثم لا مبرر لتدخل المشرع ازاءه بالتجريم والعقاب.

ولم يحدد المُشرع وحسناً فعل الوسائل الاحتيالية على سبيل الحصر؛ فقد سبق الإشارة أن مجرد الأكاذيب الشفوية أو الكتابية ومن باب أولى كتمان أمر من الأمور بالغاً ما بلغ قدره لا يقع ضمن الصورة الأولى من جرم الاحتيال بل لا بد وحتى تدخل هذه الأكاذيب في دائرة الاحتيال المعاقب عليه أن تدعمها بعض المظاهر الخارجية (الوسائل الاحتيالية)؛ بحيث يكون لهذه المظاهر كيان مستقل عن الكذب في ذاته فهي ليست مجرد ترديد له أو محض إشارة إليه وإنما هي جديد يضاف إلى الكذب فيعطيه قيمة ليست له في ذاته فيجعله مقنعاً بعد أن كان غير ذلك، ومن هذه المظاهر والوقائع على سبيل المثالإعداد لوقائع مادية او مظاهر خارجية أو الاستعانة بشخص ثالث يؤكد واقعة الكذب أو حيازة الجاني لصفة خاصة تحمل على الثقة فيه.

ويجب ان تكون هذه الاعمال المادية مستقلة عن الكذب ويجب ان تكون على درجة متقنة من الإخراج قادرا على خداع الأفراد بحيث يتوه الأمر على الرجل العادي متوسط الذكاء؛ فالمعيار مختلط ما بين الشخصي والموضوعي؛ ومناطه نظرة الجاني إلى ذكاء المجني عليه وفطنتهويُشترط أن يكون الغاية من تلك الوسائل هو الإيهام وقد حدد المُشرع حصراً نتائج تلك الوسائل وبالنتيجة صور الإيهام وهي ايهام المجني عليه بوجود مشروع كاذب أو حادث أو أمر لا حقيقة له أو احداث الامل عند المجني عليه بحصول ربح وهمي او تسديد المبلغ الذي اخذ بطريق الاحتيال او الايهام بوجود سند دين غير صحيح او سند مخالصة مزور.

أما الاستعانة بشخص ثالث أو الاستعانة بصفة حقيقية موجودة لدى الجاني تمنحه ثقة الناس كرجل الدين؛ فهنا يدلي الجاني بكذبه ومن ثم يدعمه بمظاهر خارجية هي الشخص الثالث أو الاستعانة بصفة حقيقية موجودة لديه؛ ذلك أن المظاهر الخارجية هي الموطن الذي يستمد منه الجاني الأدلة على صحة أكاذيبه وعن طريقها تسبغ على الأكاذيب قوة الإقناع، وعلة تجريم تدخل الشخص الثالث تكمن في أن المجني عليه يفترض بأن ذلك الشخص خالي الوفاض من أية مصلحة في المعاملة بينه وبين المحتال فيصدقه، وسواء لدى المشرع أكان ذلك التدخل شفوياً أم كتابياً أو حتى مجرد الحضور، بل أكثر من ذلك قد يكون الشخص الثالث وهمياً كمن يقدم شهادة من شخص لا وجود له تفيد بقدرة الجاني على شفاء ما يستعصي من الأمراضإلا أنه يُشترط لقيام هذه الوسيلة، شرطين؛ الأول؛ أن يضيف الشخص الثالث جديداً إلى الكذب سواءً أكان ذلك حجة تدعمه أم واقعة تماثل تلك التي تتعلق بها الأكاذيب وتحقق بشأنها ما يدعيه المحتال؛ فإن كان دور الشخص الثالث مجرد ترديد ما ورد على لسان المحتال دون زيادة كما يكون رسولاً له، انتفت هذه الوسيلةأما الشرط الثاني؛ أن يكون التدخل مرجعه هو مسعى المحتال؛ أي أن يكون المحتال هو من حمل الشخص الآخر على التدخل لتدعيم أكاذيبه أيا كانت الوسيلة أو الصورة لذلك الحمل، بصرف النظر عما إذا كان ذلك الشخص متدخلاً مع الجاني أم كان هو الأخر حسن النية ضحية خداع الجاني، مع التأكيد على أن الفرض الأول (التواطؤ) يؤدي إلى نتيجة هامة مفادها أن تعدد المشتكى عليهم بالاحتيال قرينة قاطعة على تحقق الوسائل الاحتيالية ولو يصدر عن كل منهم غير أكاذيب أيد بها بعضهم البعض؛ إذ أن التأييد المتبادل يجعل من نشاط كل مشتكى عليه في ذاته وسيلة احتياليةأما إذا كان تدخل الشخص الثالث من تلقاء نفسه فينفي هذه الصورة، لأن الجاني لا يتحمل وزر نشاط لم يكن له به شأن.

لطفاً انظر دمحمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال (1-2)، منشورات دار الحلبي الحقوقية، 2010، ص312 وما بعدها).

اما فيما يتعلق بالصورة الثانية أي التصرف في مال منقول أو غير منقول وهو يعلم أن ليس له التصرف به.

ومفهوم هذه الصورة يقوم على تصرف الجاني كذباً في مال منقول أو غير منقول وحمله بذلك المتصرف إليهتسليم المال، فبنيان هذه الصورة يقوم على إتيان فعل التصرف؛ وهو فعل قاصر على الأعمال القانونية التي تتعلق بالحقوق العينية على المال فقط بصرف النظر عن كون المال عقار أم التصرف؛ والحق في التصرف مستمد من الملكية كقاعدة عامة أما الصفة في التصرف لا تستمد من الملكية وإنما من وجود صفة تخول الشخص التصرف في المال كالنائب القانوني أو الاتفاقي أو القضائي عن صاحب الحق، والعبرة في توافر الحق أو الصفة يكون لوقت التصرف، مع مراعاة أن المالك قد يرد على سلطاته على المال سبب قانوني يحرمه من سلطة التصرف.

(لطفاً انظر دمحمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال (1-2)، شورات دار الحلبي الحقوقية، 2010، ص339 وما بعدها).

اما فيما يتعلق بالصورة الثالثة أي اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، وما يميز هذه الصورة والصورة الثانية عن الأولى هو أن الكذب المجرد فيها يكفي لقيام الاحتيال؛ إذ اكتفى المشرع بالكذب ولم يتطلب بجانبه سلوكا يدعمه، وسيان لدى المشرع سواء أكان الكذب شفويا أم مكتوباً، ومفهوم الاسم الكاذب هو كل اسم غير الاسم الحقيقي للمشتكى عليه وسواء أكان الاسم الكاذب يعود لشخص له وجود حقيقي أو كان خيالياً وسواء اختلف الاسم الكاذب مع أحد جزئيات الاسم الحقيقي أو اختلف معه كله، أما حالة تطابق الاسم الحقيقي مع الكاذب ووقع المجني عليه في غلط في شخص المشتكى عليه لا تقوم به هذه الصورةأما الصفة الكاذبة فهي الكذب في خصيصة تحدد معالم الشخصية ولا يتسع مفهوم هذه الصورة لكافة الصور وإنما يحدّه قيدانفيجب أن تكون الصفة تتصل بالثقة المالية التي ترتبط بالشخصية، ويجب أن تكون صفة جرى العرف بشأنها على التسليم بها دون المطالبة بتقديم دليل يثبت صحة تلك الصفة، وعلى ذلك فإن الصفات التي تتعلق بالمركز العائلي المرتبط بالجانب المالي وكذلك تلك التي ترتبط بالمهنة وتوحي بضرورة منح المشتكى عليه الثقة يقوم بها هذا العنصر في جرم الاحتيال وكذلك تقوم هذه الصورة في حال وجود الصفة حقاً في المشتكى عليه إلا أنه يضفي عليها طابع المبالغة أو أنه كان يتمتع بتلك الصفة إلا أنها زالت عنه وقت الادعاء.

(لطفاً انظر دمحمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال (1-2)، منشورات دار الحلبي الحقوقية، 2010، 352 وما بعدها).

ب ـ النتيجة الجرمية (تسليم المال): وفي تعبير موجز نستطيع القول ان هذه النتيجة هي (التسليمالصادر من المجني عليه إلى المحتال تحت تأثير الغلط الذي أوقعه فيه، ولا يجوز النظر الى التسليم على أنه (واقعة ماديةتتمثل في مناولة مادية ترد على شيء ينقله المجني عليه من سيطرته إلى حوزة المحتال.

ج ـ علاقة السببية: تربط العلاقة السببية في الاحتيال بين فعل الخداع وتسليم المال، ويتوسط بين ذلك الفعل وهذه النتيجة حلقة اتصال تجمع بينهما، وهذه الحلقة هي الغلط الذي يترتب على فعل الخداع وينبغي ان يتم التسليم تحت تأثيرهويعني ذلك أن صلة السببية بين الفعل والنتيجة تضم جزأين مرتبطين مع ذلك فيما بينهما، صلة السببية بين فعل الخداع والغلط، وصلة السببية بين الغلط والتسليمأي بمعنى (ويجب لكي ان تتوفر جريمة الاحتيال ان تتكون علاقة سببية بين وسائل الاحتيال وبين تسليم الشيك أي أن يكون التسليم نتيجة طبيعية وأكيدة لعمل المدعى عليه).

ثانياًالركن المعنوي:جريمة الاحتيال من الجرائم المقصودة التي يُشترط لقيامها توافر:

أـ القصد العام بعنصريه :ـ

ـ العلم :ـ بأن يعلم الجاني أنه يرتكب فعلاً تقوم به الوسائل الاحتيالية وعالماً بماهية الكذب الذي يقوم به أو عالماً بأنه يتصرف في مال ليس له حق التصرف فيه أو عالماً بأنه يقوم بانتحال صفة أو اسم غير صحيحان دون أن يكون له الحق في ذلك، وأن يعلم بأن أفعاله هذه من شأنها إيقاع المجني عليه ضحيةً لها وأن تحمله على أن يُسلمه ماله، وأن يكون عالماَ بأن المال الذي سيتسلمه نتيجة أفعاله مملوك .

ـ الإرادةإذ يجب أن تتجه إرادة الفاعل إلى إتيان تلك الأفعال مريداً النتيجة التي ستترتب عليها وهي الحصول على مال الضحية متوقعاً رابطة السببية فيما بين أفعاله والنتيجة الجرمية.

ب ـ القصد الجنائي الخاص :ـ

وهو نية التملك؛ أي أن تتجه نية الفاعل إلى أن يباشر على المال مظاهر السيطرة التي ينطوي عليها حق الملكية ووسيلة الكشف عن هذه النية هي عزمه على عدم رد ما تحصل عليهأما اتجاه النية إلى الإضرار بالمجني عليه أو اتجاهها إلى إثراء المشتكى عليه فليست متطلباً في الركن المعنوي لجرم الاحتيال.

ثالثاًمحل الجريمة :يشترط ان يكون موضوع جريمة الاحتيال مالا” منقول او غير منقول” وان يكون مملوك للغير اي ليس للجاني حق التصرف فيه ولا اهمية لقيمة المال في قيام جريمة الاحتيال وكذلك فلا عبره بكون المال له قيمة مادية او مجرد قيمة ادبية كاخطابات والمراسلات ويستوي في المال موضوع الجريمة ان تكون حيازة المجني عليه له مشروعه او غير مشروعه وبالتالي فان الاستيلاء على المنفعة فقط باحدى وسائل الاحتيال لا يكفي لقيام محل جنحة الاحتيال.

وبتطبيق احكام القانون على وقائع الدعوى الثابته :

ومن خلال استعراض محكمتنا لبينة الاثبات المقدمة في هذه الدعوى المتمثلة بشهادة المشتكي والملف التحقيقي المبرز.

فإن محكمتنا تجد أن المستأنف ضدهما لم يتخذا اسم أو صفة كاذبة ولم يحاولا أن يستوليا على أموال المشتكي بموجب أي فعل احتيالي ، ولم يرد ببينات الاثبات قيام المشتكى عليهما بإيهام المشتكي بأي طريقة تندرج ضمن النموذج القانوني للاحتيال، ذلك لأن المشتكى عليه لم يمارس او يتخذ اي وسيلة احتياليه من شانها ايهام المشتكي وخداعه. لا سيما أن الثابت من شهادة المشتكي أن موضوع النزاع ينصب على بدل أجور مستحقة ، وبالتالي فإن النزاع بين الاطراف هو نزاع مدني، ولا تشكل افعال المشتكى عليهما اركان وعناصر جرم الاحتيال ، الامر الذي يستوجب إعلان عدم مسؤوليتهما.