قرار تمييز هيئة عامة (2020/1930). برئاسة القاضي مصطفى العساف حول التنفيذ العيني و التنفيذ بطرق التعويض في الالتزامات . الفقرة الثالثة من المبدأ : 3- يتبين من أحكام المادة (355) من القانون المدني أنها تقضي بأن يجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ ما التزمه تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً ، على أنه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز للمحكمة بناء على طلب المدين أن تقصر حق الدائن على اقتضاء عوض نقدي إذا كان ذلك لا يلحق به ضرراً جسيماً”، ويستخلص من النص المقدم أن هناك شروطاً أربعة لاقتضاء التنفيذ العيني وهي أن يكون التنفيذ العيني ممكناً، وأن يطلبه الدائن أو يتقدم به المدين ، وألا يكون فيه إرهاق للمدين أو أن يكون فيه إرهاق ولكن العدول عنه يلحق بالدائن ضرر جسيم، وأن يعذر المدين. وعليه فإن الأصل في تنفيذ الالتزام عينياً وإن التعويض ليس التزاماً تخييراً أو التزاماً بدلياً بجانب التنفيذ العيني فليس للالتزام إلا محل واحد وهو عين ما التزم به المدين ولكن يجوز أن يستبدل بالتنفيذ العيني التعويض النقدي باتفاق الدائن والمدين معاً إذا بقي التنفيذ العيني ممكناً أو بحكم القانون إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلاً بخطأ المدين وفي الحالتين لا يكون التعويض النقدي إلا بديلاً عن التنفيذ العيني فالالتزام هو ذاته لم يتغير وإنما استبدل بمحله محل آخر باتفاق الطرفين أو بحكم القانون بمعنى أن الذي يتغير هو محل الالتزام فبعد أن كان تنفيذاً عينياً أصبح تعويضاً وتبقى الضمانات التي تكفل التنفيذ العيني كاملة للتعويض أما إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلاً بغير خطأ المدين فقد انقضى الالتزام لأن محله أصبح مستحيلاً باستحالة التنفيذ العيني ولأنه لا محل للتعويض النقدي لانتفاء المسؤولية، وكذلك إذا أصبح التنفيذ العيني للالتزام مستحيلاً بخطأ المدين لم يبق إلا التنفيذ بطريق التعويض ويعتبر التنفيذ العيني مستحيلاً إذا كان هذا التنفيذ يقتضي تدخل المدين الشخصي وامتنع عن هذا التنفيذ وحتى إذا كان التنفيذ العيني ممكناً دون تدخل من المدين ولكن لم يطلبه الدائن ولم يتقدم المدين به فإن التنفيذ بطريق التعويض يحل محل التنفيذ العيني، ويصبح التنفيذ العيني غير ممكن كأن يبيع شخص من آخر عقاراً ثم يبيعه من ثانٍ ويسجل هذا عقده قبل أن يسجل الأول فيصبح تنفيذ التزام البائع نحو المشتري الأول غير ممكن ، وحيث أن الحكم الصادر في القضية الصلحية الجزائية رقم (11913/86) تاريخ 2/4/1990 قد اكتسب الدرجة القطعية وحيث إن المشرع الأردني وفي المادة (78) من قانون أصول المحاكمات المدنية والمادة (9) من قانون محاكم الصلح رقم (15) لسنة 1952 النافذ المفعول بتاريخ التصديق على المصالحة قد أضفى على المصالحات الجارية بين أطراف الدعوى والمصادق عليها من قبل المحكمة صفة الحكم ورتب عليها ذات الآثار المترتبة على الأحكام الصادرة عن محاكم الموضوع من حيث الحجية والتنفيذ بحيث يكون لها قوة الشيء المحكوم فيه ويعتبر صك المصالحة المصادق عليه قابلاً للتنفيذ وتعتبر المصالحة وبهذه الصفة إعلاماً لازم الإجراء لمتطلبات المادة (9) من قانون الإجراء رقم (31) لسنة 1952 النافذ المفعول بتاريخ التصديق على المصالحة على اعتبار أن الإعلام اللازم الإجراء لمتطلبات هذه المادة هو الإعلام الذي استنفد طرق الطعن إلا أنه يجب عدم الخلط بين الحجية وتنفيذ الالتزام لاسيما وإن الالتزام الملقى على عاتق المدعى عليهما بموجب حكم المصالحة القطعي هنا وقع على عقار وهو نقل حق الملكية للأرض موضوع الدعوى للمدعي, وحيث إن الالتزام بنقل حق عيني على العقار لا يتم تنفيذه بمجرد نشوئه بل يجب مراعاة التسجيل بالنسبة إلى الحقوق العينية الأصلية كالملكية سنداً لأحكام المادة (3) من قانون التصرف بالأموال غير المنقولة والمادة (16) من قانون تسوية الأراضي والمياه, على أن عدم التسجيل لا يمنع من نشوء الالتزام بنقل الملكية أو الحق العيني لأن هذا الالتزام إنما نشأ عن الحكم القطعي الصادر في الدعوى الصلحية الجزائية بالتصديق على المصالحة؛ والتسجيل إنما ينفذ ذلك الالتزام ولا ينشأه ، وعليه فإن قرار المحكمة بالتصديق على المصالحة والمكتسب الدرجة القطعية المتضمن التزام المدعى عليهما بالتنازل عن قطعة الأرض موضوع الدعوى له حجية ويقع على المدعى عليهما بموجبه التزام بنقل الملكية إلا أنه وقبل تنفيذ حكم المصالحة وتسجيل الأرض بموجبه على اسم المدعي لا تنتقل ملكية الأرض للمدعي بل تبقى الأرض ملكاً للمسجلة على اسمه (المدعى عليهما) , ولا بد من الإشارة هنا إلى أن التزام المدعى عليهما بنقل ملكية الأرض على اسم المدعي هو تنفيذ لحكم المحكمة القطعي وهو يختلف عن البيوع الخارجية التي تتم على عقار والتي لا ترتب التزاماً بنقل الملكية لمخالفتها للشكل الذي فرضه القانون لانعقادها.