اولا: ـ من حيث الشكل: نجد أن القرار المستأنف قد صدر بتاريخ 3/5/2023 فان ما ينبني على ذلك أن يكون الاستئناف المقدم من مدعي عام محكمة الجيزة بتاريخ 15/5/2023 مقدم ضمن المدة القانونية، فنقرر قبول الاستئناف شكلا تبعا لذلك.
ثانيا: ـ من حيث الموضوع:
نجد بأنه وبتاريخ 26/9/2021 تم ملاحقة المستأنف ضده (المشتكى عليه) أمام محكمة صلح جزاء الجيزة بجرم مخالفة احكام المادة 30/د/3 من قانون سلطة المياه بناء على قرار الإحالة الصادر عن المدعي العام بتاريخ 22/9/2021 في القضية التحقيقية رقم 877/2021 حيث سجلت الأوراق تحت الرقم 1256/2021.
سارت محكمة الدرجة الأولى بإجراءات المحاكمة وأصدرت بتاريخ 13/10/2021 حكمها المتضمن:
أولا: وعملا باحكام المادة 177 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ادانة المشتكى عليه بجرم حفر الابار الجوفية دون ترخيص وفقا لاحكام المادة 30/د/3 من قانون سلطة المياه والحكم عليه عملا بأحكام المادة ذاتها بالحبس لمدة اربع اشهر والرسوم والغرامة ألف دينار والرسوم.
لم يرتض المستأنف ضده بهذا الحكم فبادر الى تقديم اعتراضه عليه أمام محكمة صلح جزاء الجيزة بتاريخ 25/1/2023 حيث سجلت الاوارق تحت الرقم 154/2023.
سارت محكمة الدرجة الأولى بإجراءات المحاكمة وأصدرت بتاريخ 3/5/2023 حكمها محل الطعن المشار اليه قرارنا أعلاه.
لم يرتض مدعي عام محكمة الجيزة بهذا الحكم فبادر الى تقديم استئنافه عليه أمام محكمتنا للأسباب الواردة في لائحة الاستئناف.
وعن أسباب الاستئناف مجتمعة والتي جاءت في محصلتها لتنصب على تخطئة محكمة الدرجة الأولى بإعلان براءة المستأنف ضده ذلك ان بينات النيابة العامة اثبتت ارتكاب المستأنف ضده للجرم المسند اليه وكان يتعين ادانته به وبوزن بينات النيابة العامة ولم تقم بوزنها الوزن القانوني السليم.
وفي الرد على ذلك تجد محكمتنا وبعد التدقيق والمداولة أن الوقائع الثابتة في هذه القضية وكما خلصت إليها أنه وعلى سند من القول وبتاريخ 1/9/2021 واثناء قيام منظمي الضبط بوظيفتهم الرسمية تم ضبط المشتكى عليه يقوم باستخراج مياه جوفية دون ترخيص، حيث نظم الضبط بحق المشتكى عليه وجرت الملاحقة.
وفي القانون:
نصت المادة150 من قانون اصول المحاكمات الجزائية على: ((يعمل بالضبط الذي ينظمه افراد الضابطة العدلية في الجنح والمخالفات المكلفون باثباتها بموجب احكام القوانين الخاصة وللمشتكى عليه اثبات عكسها بجميع طرق الاثبات)).
كما عرفت المادة 75 من قانون العقوبات فاعل الجريمة على انه هو من أبرز الى حيز الوجود العناصر التي تؤلف الجريمة او ساهم مباشرة في تنفيذها، وبالتالي فإن الفاعل هو من ارتكب الركن المادي للجريمة كما يتوجب ثبوت الجرم المسند للفاعل بالأدلة والحجج القطعية الثبوت.
وبالرجوع الى البينات المقدمه امام محكمتنا نجد انه يشوبها عدم الجزم بصحة واقعه استجرار المياه بصوره غير مشروعه من قبل المشتكى عليه (المستانف ضده) ويتضح ذلك من خلال شهادة منظمه حيث أورد منظم الضبط خالد الحديدي في شهادته (… ولم نقم بالدخول الى البئر وكنا بعيدين عنه،…)، كما ورد في شهادة منظم الضبط ماهر الشخانبة (…علما بأنه لم يتم مشاهدة الواقعة وتم تنظيم الضبط بالمكتب بناء على معلومات سابقة…) وجاء في شهادة منظم الضبط خالد الحديدي ( …ولم اشاهد المشتكى عليه وقت المخالفة علما بانه لم يتم دخول البئر ولم يتم مشاهدة الواقعة وتم تنظيم الضبط بالمكتب)… وحيث ان منظمي الضبط لم يشاهد أي منهم الواقعة بنفسه وقاموا بتنظيم الضبط في المكتب الامر الذي نجد معه ان الضبط تم تنظيمه بناء على استنتاجات وليس بناء على واقعة استخراج المياه محل الجرم المسند للمستانف ضده .
وحيث ان العبرة في وزن البينة للشهادة وليس للضبط ذلك أن المقصود بالضبط الذي له قوة الثبوت هو الضبط الذي يغني عن سماع أقوال منظمه” (انظر لطفاً قرار محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم 917/2012، تاريخ 27/6/2012، وقرارها رقم 258/2000، تاريخ 19/4/2000).
الامر الذي نجد معه ان بينة النيابه المقدمه غير كافيه لتشكيل قناعة محكمتنا للقول بثبوت الجرم المسند للمستانف ضده.
وحيث أن غياب الأدلة المباشرة على قيام الجرم ونسبته إلى فاعله يوجب من المحكمة ووصولاً إلى وجه الحق في الدعوى أن تبحث في الأدلة غير المباشرة وهي القرائن مع مراعاة ما استقر عليه الاجتهاد الفقهي والقضائي بشأن تعريف القرينة في مجال الإثبات الجزائي من أنها استنباط واقعة مجهولة من واقعة معلومة على سبيل الجزم واليقين (انظر قرار محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم (2129/2014)، (هيئة خماسية)، تاريخ (22/2/2015)، وقرارها رقم (143/1992)، (هيئة خماسية)، تاريخ (8/7/1992)، منشورات مركز قسطاس، وجندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الأول، منشوراتالحلبي الحقوقية، ص 258 وما بعدها)، فالقرينة القضائية يجب أن تكون أكيدة في دلالتها، لا افتراضية محضة وأن يكون في النتائج المستخلصة منها ما يتفق وحكم العقل والمنطق وهو ما لم يتوفر في هذه الدعوى.
وحيث انه من المستقر عليه فقها وقضاءً ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وأن حكم الإدانة لا يصدر إلا بتوافر الأدلة القاطعة والجازمة بارتكاب المشتكى عليه للجرم المسند اليه وان الشك يفسر لمصلحة المشتكى عليه ولا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها إدانة بريء وان إفلات ألف مجرم من العقاب خير من إدانة بريء واحد، انظر لطفا قرار محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم 456/2006 تاريخ 11/5/2006 منشورات مركز عدالة : ( يفترض براءة المتهم حتى تتوافر الادله والحجج القطعية الثبوت فإذا كانت أدلة الإثبات قائمة على الشك و الاحتمال فان قرار إعلان براءة المتهم عن الجرائم المسندة اليه يتفق وأحكام القانون .
ولما كان الأمر كذلك، وكان من جميع ما تقدم ان غدت هذه الدعوى خالية من أية بينة قانونية يُمكن الركون إليها في إصدار حكم بالإدانة بشأن الواقعة موضوع الضبط وبما أن حكم الإدانة يجب أن يصدر عن الاقتناع اليقيني بصحة ما ينتهي إليه من وقائع وبينات لا بمجرد الشك أو الاحتمال الامر الذي يقتضي معه إعلان براءة المشتكى عليه (المستأنف ضده) لعدم قيام الدليل القانوني المقنع بحقه، (انظر لطفاً قرار محكمة التمييز بصفتها الجزائية رقم (1419/2015)، (هيئة خماسية)، تاريخ (15/11/2015)، منشورات مركز قسطاس).
وحيث ذهبت محكمة الدرجة الأولى في قرارها الى ذات النتيجة فتكون قد اصابت صحيح القانون ونقرها على ذلك وتكون أسباب الاستئناف والحالة هذه غير وارده على القرار المستانف ومستوجبة الرد تبعا لذلك.
لهذا وتأسيسا على ما تقدم نقرر وعملاً بأحكام المادة 14 من قانون محاكم الصلح والمادة 267 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رد الاستئناف موضوعا وتأييد القرار المستأنف وإعادة الأوراق لمصدرها.