بتطبيق القانون على واقعة هذه الدعوى تجد المحكمة أن ما قام به كل من المتهمين الأول علي غازي والسادس إبراهيم غازي من ضرب المغدور نائل على رأسه مباشرة ومفارقته للحياة متأثراً بهذه الإصابة يشكل سائر أركان وعناصر جناية القتل القصد خلافاً لأحكام المادتين 326 و 345 من قانون العقوبات وليس جناية القتل بالاشتراك خلافاً للمادتين 326 و 338 عقوبات المسندة للمتهمين من قبل النيابة العامة .
ولتعليل ذلك تجد محكمتنا أنها توصلت إلى أن المتهمين علي غازي وإبراهيم غازي قد تمكنا من ضرب المغدور نائل على رأسه بواسطة أجسام صلبه وراضه وهي من نوع الحجر ونوع البلوكة وهي أدوات قاتلة بطبيعتها وحسب كيفية استعمالها وان مثل هذه النتيجة جاءت منسجمة مع ما توصل إليه التقرير الطبي القضائي المنظم بحق المغدور من أن سبب الوفاة كان النزف في الدماغ وكسر في الجمجمة اثر تعرض رأس المغدور لارتطام بجسم صلب .
إلاّ أن مثل هذه الأفعال التي قام بها المتهمان علي غازي وشقيقه إبراهيم غازي كانت عرضية ولم تكن ثمره لاتفاق بينهما أو بينة الاشتراك في اقتراف هذه الواقعة حسب المادة 76 عقوبات إنما قام كل منهما بأفعاله مستقلاً عن الآخر على اثر حدوث المشاجرة العرضية في الشارع العام وقام كل منهما بضرب رأس المغدور دون اتفاق بينهما على الاشتراك الصريح أو الضمني وكان فعل كل منهما مستقلاً ومنفصلاً عن فعل الآخر مع اختلاف وسيلة الضرب لكل منهما الأمر الذي يجهلها الآخر كونها منفصلة عن فعله تماماً وحيث انه من المتعذر معرفة أية من الإصابتين على الرأس كانت تشكل السبب المباشر بالوفاة فإننا وتحقيقا للعدالة نكون أمام ظاهرة تضافر عدة عوامل وأسباب مستقلة أدت إلى النتيجة الجرمية الأمر الذي يستدعي تطبيق نص المادتين 326 و 345 عقوبات حيث نصت المادة 345 عقوبات على انه إذا كان الموت أو الإيذاء المرتكبان عن قصد نتيجة أسباب متقدمة جهلها الفاعل وكانت مستقلة عن فصله أو الانضمام سبب منفصل عن فعله تماما عوقب ……
وللتوضيح والمساعدة في تفسير هذا النص العقابي فإننا نفترض أن المتهم الأول قام بارتكاب الضربة الأولى على رأس المغدور بواسطة حجر ولكنه لربما لم يمت المغدور بسبب هذه الضربة وعندما جاء المتهم الآخر وقام بارتكاب الضربة الثانية بواسطة البلوكة ولكنه ولربما أجهز على المغدور والذي كان من الممكن عدم وفاته لولا فعل هذه الضربة أو أنها ساعدت في تحقيق النتيجة وهي الوفاة وبالتالي فإننا ( وتحقيقاً للعدالة ) نكون أمام تضافر عدة أسباب منفصلة ومستقلة ويجهلها الفاعل الآخر أدت إلى النتيجة الجرمية الواحدة وهو ما يطلق عليه نظرية تعادل الأسباب والتي اخذ بها مشرعنا الجزائي في المادة 345 من قانون العقوبات نقلاً عن نص المادة 568 من قانون العقوبات اللبناني منشوراتالحلبي الحقوقية ببيروت لبنان حيث وردت هذه المادة تحت عنوان ( في القتل والإيذاء الناجمين عن تعدد الأسباب ).
وكذلك الأمر فقد ثبت للمحكمة قيام المتهمين كافة بضرب وإيذاء المغدور نائل وضربه على أماكن مختلفة من جسمه ” دون منطقة الرأس ” الأمر الذي شكلت معه إصابات بسيطة بحدود المادة 334 عقوبات المسندة إليهم في مطلع هذا القرار من قبل النيابة العامة وقد تأيدت هذه الواقعة وهي قيام المتهمين كافة بضرب المغدور نائل شحادة الشافعي على أنحاء متفرقة من جسمه بما توصل إليه التقرير الطبي القضائي المبرز م / 2 المنظم بحق المغدور والذي جاء فيه أن المغدور قد تعرض لإصابات على الكوع الأيمن والإبط الأيسر والكتف الأيسر واسفل البطن والصدر وقد وصف الطبيب الشرعي د . حسين باحشوان بشهادته أمام المحكمة هذه الإصابات بأنها بسيطة ولا تؤدي إلى الوفاة وان لا يستطيع تحديد مدة التعطيل لو كان هناك مدة تعطيل لهذه الإصابات .