لم يتضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية أصولاَ خاصة , وذلك فيما يخص استرداد مذكرة التوقيف من قبل محاكم الموضوع , وإنما هو وبموجب المادة ( 106 ) منه كان قد بحث في أصول استرداد هذه المذكرة من قبل قاضي التحقيق , لذلك نجد أنه لا مانع من الاستعانة بهذا البحث للوصول إلى حكم قانوني , فيما يخص استرداد مذكرة التوقيف من قبل محاكم الموضوع. ففي معرض تصدي قاضي التحقيق للتحقيق في الجرائم , قد يصدر مذكرة توقيف بحق شخص , على سبيل الاحتياط , حتى لا يهرب أو على الأقل حتى لا يعمد إلى طمس معالم الجريمة , ولكن حين يتوسع في تحقيقاته ويجد أن الجرم لا يستحق هذا التوقيف , أو أن الأدلة ليست بذات شأن أو لأسباب أخرى يراها تستدعي إعادة النظر في هذه المذكرة , فله من تلقاء نفسه , ولكن بموافقة النائب العام , أن يقرر استرداد هذه المذكرة , شريطة أن يتخذ الموقوف موطناَ في مركز القاضي تبلغ فيه الأوراق إليه , في هذه الحال يخلي سبيل الموقوف فوراَ. ويتم هذا عملياَ بإحدى صورتين , الصورة الأولى أن يكتب النائب العام إلى قاضي التحقيق , ويطلب إليه استرداد مذكرة التوقيف , وعندها يوافقه قاضي التحقيق , وفي هذه الحالة يكون الاثنان متفقين , أو يخالفه , وعندها تكون الكلمة لقاضي التحقيق , وللنائب العام أن يطعن , إذا شاء , في قرار الرفض. الصورة الثانية أن يكتب قاضي التحقيق إلى النائب العام يطلب موافقته على استرداد المذكرة , فإن وافق فإن الأمر يكون قد انتهى , وتمت موافقته , ولكن الصعوبة فيما لو رفض النائب العام منح الموافقة على الاسترداد , عندها ليس لقاضي التحقيق أن يسترد مذكرة التوقيف , ولكن يكون من حقه اللجوء إلى طرق إخلاء السبيل الأخرى. ونلاحظ ان هذا الاسترداد حسب صريح المادة ( 106 ) أصول محاكمات جزائية , في حال حصوله , هو قرار غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة , فليس للنيابة العامة أن تستأنف هذا القرار , لأنها وافقت عليه سلفاَ , وليس للموقوف أن يستأنفه , لأنه قرار لا يلحق به أي ضرر , وكذلك ليس للمدعي الشخصي حق استئنافه , لصراحة النص. ____________________________________ .
الصفحتان ( 472 – 473 ) أصول المحاكمات الجزائية – الطبعة الثانية – عبد الوهاب حومد – بتصرف بسيط. ______________________________________ .