في زمن الدولة العثمانية كان للوقف عهد زاهر , لأن السلاطين وأصحاب الخير , كانوا يتبارون في إنشاء الجوامع والمساجد والمدارس والمكتبات وغيرها من جهات الخير , كما كانوا هؤلاء يوقفون على هذه المرافق العقارات ويخصصون لها الأراضي الأميرية أو أعشارها بإذن السلطان , فيجبي المتولون أعشارها وينفقونها على الجهات الموقوف عليها , فانتشرت بسبب ذلك الأوقاف الذرية والخيرية كثيراَ , مما أدعى لاتساع رقعتها , لدرجة زادت فيها عن الحاجة , وكانت الأسباب الداعية لذلك عديدة سياسية أو اجتماعية او اقتصادية , من قبيل كسب ولاء الناس أو بقصد التهرب من مصادرة الدولة لهذه الأموال , ولكن كان أهم سبب للوقف هو ما تعلق بالصدقات وأعمال البر والخير. هذا وقد صنف الفقهاء الأوقاف في تصنيفات عديدة , ولكن التصنيف الأبرز للأوقاف هو تصنيفها في ثلاثة أنواع تختلف بحسب طريقة توزيع غلتها أو طريقة إدارة أموالها. فمن حيث الأموال الموقوفة تصنف الأوقاف إلى أوقاف صحيحة وأوقاف غير صحيحة وأوقاف عشرية وهذه الأخيرة يُقال لها التخصيصات. فالأوقاف الصحيحة تشمل المنقولات والعقارات التي يوقفها مالكوها وقفاَ صحيحاَ وفق أحكام الشريعة الإسلامية , وتكون رقبة هذه الأموال مالكاَ لجهة الوقف , وتخضع في إدارتها وفي توزيع غلتها لشروط الواقفين وينحصر نطاق هذه الأوقاف بالعقارات الملك وهي العقارات الكائنة ضمن حدود الأماكن المبنية. أما الأوقاف غير الصحيحة فهي الأوقاف التي يكون محلها الأراضي الأميرية , التي أوقفها السلاطين أو التي أوقفها غيرهم بإذن منهم , على جهة من جهات الخير أو على الذرية , أو التي تكون مشتركة الجهتين معاَ , فمثل هذه الأوقاف لا يجري فيها تمليك للعين الموقوفة , لكون رقبة الأرض الأميرية الموقوفة تكون للدولة , ولهذا السبب ينحصر الوقف على منافع هذه العقارات , لذلك أطلق على هذه الأوقاف غير الصحيحة لتميزها عن الوقف الذي يكون محله العقارات الملك. أما الأوقاف العشرية أو ما يُعرف بالتخصيصات , وفيها لا يكون الوقف على عقارات ولا على منقولات , وإنما يكون على حقوق مالية تخلت عنها الدولة للجهة التي أوقف عليها سواء اكانت جهة خير أم جهة ذرية أم جهة مشتركة. وهناك تصنيف أخر للأوقاف , وهو تصنيف الأوقاف وفق طريقة توزيع غلتها , وهي أن تكون الأوقاف خيرية أو ذرية أو مشتركة. فالوقف الخيري ما يكون مخصصاَ ابتداء لأعمال الخير , دون أن يكون للواقف أو ذريته حق في هذه غلة هذا الوقف , اما الوقف الذري هو ما يكون موقوفاَ على الواقف وعلى ذريته من بعده , بشرط أن تؤول هذه الغلة إلى جهة من جهات الخير عند انقراض الذرية. أم الوقف المشترك فهو الوقف الذي توزع غلته على جهات الخير والذرية معاَ وفق حصص او نسب معينة ووفق شروط الواقفين. أم التصنيف الثالث فهو تصنيف الأوقاف حسب طريقة إدارتها , حيث تقسم الأوقاف إلى أوقاف ملحقة وأوقاف مضبوطة , فالملحق من الوقف هو الوقف الذي تكون إدارته بيد المتولين , أما الأوقاف المضبوطة فهي الأوقاف التي تكون إدارتها بيد جهة الوقف. هذا وتجدر الإشارة إلى أنه وفي عام 1958 وبسبب ما ظهر من تسيب وفلتان في إدارة الوقف واستغلال غلته , صدر القرار بقانون رقم ( 104 ) الذي قضى بتصفية الأوقاف الذرية وفق شروط وطريقة حددها هذا القانون , بحيث بات في الوقت الحالي الوقف المسموح به هو الوقف الخيري فقط.