الإقالة في العقود الخطية
الإقالة في العقود الخطية وأثرها القانوني في ضوء الاجتهاد القضائي الأردني
مقدمة
العقد هو شريعة المتعاقدين، ويكتسب قوته الإلزامية بمقتضى أحكام القانون المدني الأردني، ولا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون.
ومن المسائل التي أفرزتها الممارسة العملية هي مسألة إقالة العقد أو إنهائه باتفاق الطرفين بعد انعقاده، وخاصة إذا كان العقد خطياً النشأة.
فهل يجوز إقالة العقد الخطي بطرق الإثبات الشفوية (البينة الشخصية)؟
أم يتعين أن تكون الإقالة بذات الشكل الذي نشأ به العقد؟
تعريف الإقالة
الإقالة في الفقه القانوني هي اتفاق الطرفين على فسخ العقد وإنهائه وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل إبرامه. وهي ليست فسخاً قضائياً بل هي عقد جديد يقوم على التراضي بين الطرفين.
القاعدة القانونية: الإقالة يجب أن تكون بذات شكل العقد
أجمع الفقه والاجتهاد القضائي على أن العقد الذي تم إبرامه بشكل رسمي أو خطي لا يجوز إنهاؤه أو تعديله إلا بذات الشكل الذي أبرم به، وذلك استناداً إلى القاعدة القانونية الراسخة:
“ما ثبت بالكتابة لا يجوز نفيه إلا بالكتابة”.
النصوص القانونية ذات الصلة
– المادة (28) من قانون البينات الأردني:
“في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على مائة دينار أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز البينة الشخصية في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك.”
– المادة (29) من قانون البينات الأردني:
“لا يجوز الإثبات بالشهادة ولو لم تزد القيمة على مائة دينار فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي.”
وهاتان المادتان تؤكدان أن العقد الخطي – سواء كان عقد شراكة أو بيع أو أي اتفاق آخر – لا يجوز إثبات تعديله أو إقالته أو إنهائه إلا بدليل كتابي مماثل لقوة الإثبات التي أنشأته.
الاجتهاد القضائي الأردني
أكدت محكمة التمييز الأردنية (تمييز حقوق 5507/2018 – هيئة عامة) على هذا المبدأ بقولها:
“إذا كان العقد محل موضوع الإقالة خطي النشأة فإن ذلك يستلزم في حال الاتفاق على إقالته أن يكون بالطريق ذاته الذي نشأ به أي خطي الانقضاء سواء أكان العقد تجارياً أم مدنياً وبصرف النظر عن قيمته لأن الإرادة التي أنشأت هذا العقد ابتداءً لم تترك الأمر لمجرد الثقة بين الأطراف أو للشهود وإنما حكّمت بينهما الكتابة لأنها الأقوى في الإثبات، وبالتالي لا يصح إنهاء هذا العقد الخطي المنشأ بحجة أضعف من التي أنشأتها إرادتهما أي بالشهود“.
وأضافت المحكمة في ذات القرار:
“إذا ثبت أن اتفاقية الشراكة المبرمة بين المميزين والمميز ضده خطية، فإنه لا يجوز قانوناً السماح للمميزين بإثبات شفوية إقالة هذه الاتفاقية الخطية بالبينة الشخصية إعمالاً لحكم المادة 28 من قانون البينات، وبما أنه لم يثبت إقالة اتفاقية الشراكة المعقودة بين الطرفين فإنها تعتبر نافذة بين الطرفين والحقوق المترتبة عليها من حق المدعي فيكون الحكم له بالمبلغ المطالب به كعوائد استثمار واقعاً في محله”.
الأساس المنطقي للحكم
المحكمة استندت إلى أن الكتابة تمثل ضمانة للإثبات وتعبيراً عن إرادة جدية للطرفين، وبالتالي لا يجوز هدم هذه الإرادة القوية بأدلة أضعف منها كالشفاهة أو شهادة الشهود. فالمساواة في الشكل تحقق العدالة وتحفظ استقرار المعاملات وتمنع التلاعب والادعاءات الكيدية.
تطبيقات عملية
عقود الشراكة: لا يجوز إنهاؤها إلا بموجب ملحق أو اتفاق خطي موقع من جميع الشركاء.
عقود البيع والإيجار الخطية: لا يجوز إثبات فسخها أو تعديلها إلا بوثيقة خطية.
عقود الاستثمار: لا تسقط حقوق المستثمر إلا بإقالة خطية متفق عليها بين الأطراف.
قرار حكم صادر عن محكمة التمييز الاردنية الحقوقية رقم 49/ 2024/هيئة خماسية/منشورات عدالة مدنية
1- باستقراء المادة 169/ 1 من قانون أصول المحاكمات المدنية يتبين إن المحكوم عليه في الأصل هو صاحب الحق بالطعن في الحكم، وقد أجاز المشرع للمحكوم له الطعن في الحكم إذا بُني على أسباب خلاف الأسباب التي بني عليها ادعاؤه أو دفاعه بحيث تتوافر للطاعن مصلحة في الطعن تطبيقاً لأحكام المادتين 3/ 1 و 169 من قانون أصول المحاكمات المدنية، لأنه يشترط لقبول الدعوى و/أو الطعن قيام المصلحة والصفة في الدعوى والطعن, وحيث لم يثر المحكوم له بالدعوى الاستئنافية أي طعن على الحكم الذي قضى له بأتعاب المحاماة فإن الطعن المقدم منه يكون واقعاً على غير محل ويقتضي رده .
2- جرى الاجتهاد القضائي على أنه إذا كان العقد محل موضوع الإقالة خطي النشأة فإن ذلك يستلزم في حال الاتفاق على إقالته أن يكون بالطريق ذاته الذي نشأ به أي خطي الانقضاء سواء أكان العقد تجارياً أم مدنياً وبصرف النظر عن قيمته لأن الإرادة التي أنشأت هذا العقد ابتداءً لم تترك الأمر لمجرد الثقة بين الأطراف أو للشهود وإنما حكّمت بينهما الكتابة لأنها الأقوى في الإثبات، وبالتالي لا يصح إنهاء هذا العقد الخطي المنشأ بحجة أضعف من التي أنشأتها إرادتهما أي بالشهود وهذا ينسجم مع المادة 29 من قانون البينات تمييز حقوق 5507/ 2018/هيئة عامة/ منشورات عدالة مدنية)
3- إذا ثبت ان اتفاقية الشراكة المبرمة بين المميزين والمميز ضده خطية، فإنه لا يجوز قانوناً السماح للمميزين بإثبات شفوية إقالة هذه الاتفاقية الخطية بالبينة الشخصية إعمالاً لحكم المادة 28 من قانون البينات، وبما أنه لم يثبت إقالة اتفاقية الشراكة المعقودة بين الطرفين فإنها تعتبر نافذة بين الطرفين والحقوق المترتبة عليها من حق المدعي فيكون الحكم له بالمبلغ المطالب به كعوائد استثمار واقعاً في محله.
خاتمة
إن قاعدة “ما ثبت بالكتابة لا ينقض إلا بالكتابة” هي قاعدة أصيلة في القانون الأردني، وتعكس حرص المشرع على حماية استقرار المعاملات.
وعلى الممارسين القانونيين والمتعاملين التجاريين أن يلتزموا بهذا المبدأ عند إنهاء أو تعديل عقودهم، تفادياً للنزاعات القضائية وخسارة الحقوق.
مكتب العبادي للمحاماة
مجمع عقاركو التجاري – شارع الملك حسين – العبدلي – عمان – الأردن.
الهاتف المتنقل:
00962798333357
البريد الإلكتروني:
info@alabbadilawfirm.com
الموقع الإلكتروني:
الهاتف:
064922183
