وضع المشرع قواعد تحديد الاختصاص القضائي للمحاكم المدنية ومن فروع تلك القواعد قواعد الاختصاص الوظيفي التي تضفي على القاضي الصلاحية المباشرة لجميع إجراءات الخصومة المدنية بوصفه صاحب الولاية القضائية في نظر النزاع المعروض أمامه فإذا فقد تلك الولاية فيكون كل إجراء أو حكم صدر عنه منعدمًا، فالاختصاص الوظيفي هو صلاحية القاضي لمباشرة ولايته القضائية في نطاق معين وعليه فإن قواعد الاختصاص الوظيفي هي تلك القواعد التي تحدد أنواع المنازعات التي تختص بنظرها كل جهة من جهات القضاء داخل النظام القضائي للدولة
يعتبر القضاء الإداري جهة قضائية طارئة أسندت إليها منازعات معينة أخرجها المشرع من اختصاص جهة القضاء العادي، وعقد الولاية فيها للمحكمة الإدارية فهي بذلك لا تختص إلا بالمنازعات المحددة التي أورد المشرع بيانها بنصوص خاصة في القانون المنشئ لها، لذلك يقال بأن القاعدة بالنسبة لهذه الجهات القضائية أنه لا اختصاص إلا بنص، أما بالنسبة لولاية القضاء العادي فإن تقرير اختصاصه بمسألة ما لا يحتاج إلى نص لأن هذا هو الأصل العام
يتوجب على المحكمة البحث في اختصاصها الوظيفي بنظر النزاع المعروض أمامها ابتداءً وقبل الشروع في أي إجراء آخر في النزاع ذلك أن الاختصاص الوظيفي للمحاكم النظامية من متعلقات النظام العام وتملك المحكمة إثارته من تلقاء نفسها ولو بغير طلب من الخصوم وفي أية مرحلة تكون عليه الدعوى لما يترتب على مخالفة قواعده من آثار من شأنها انعدام صحة الإجراءات والأحكام الصادرة عن المحكمة
من الثابت بموجب كتاب دائرة الأراضي والمساحة رقم (17/1/104/3573) تاريخ (10/2/2016) إن قطعتي الأرض موضوع الدعوى تقعان ضمن حدود منطقة وادي الأردن الواقعة بين الطرف الشمالي للبحر الميت شمالاً والحد الشمالي لمنطقة تنظيم مدينة العقبة جنوباً، فتكون قطعتا الأرض موضوع الدعوى قد تم استملاكهما استناداً إلى أحكام المادة (21) من قانون تطوير وادي الأردن (رقم 18 لسنة 1977 )
منحت المادة (21) من قانون سلطة تطوير وادي الأردن رقم (19) لسنة 1988 سلطة وادي الأردن الحق في الاستملاك والحيازة الفورية في أراضي وادي الأردن بطرق الاستيلاء مقابل التعويض أو الإيجار مقابل بدلات إيجار كما تضمنت في فقراتها المتعددة أحكاماً أخرى منها ما يتعلق بالتعويض (شاملاً بدل الإيجار) ومنها ما يتعلق بمسائل تنظيمية؛ ورهنت الحق في تقدير التعويض عن الاستملاك الذي يتم وفقاً للطريق القانوني المحدد في مطلعها حصراً بسلطة وادي الأردن من خلال لجان التقدير الابتدائية والاستئنافية المشكلة وفق أحكام الفقرتين (أ و د) التي أصبغت على أعمال هذه اللجان الصبغة القضائية؛ وحددت إجراءات ومنهجية عملها بقواعد وضوابط وأصول قانونية، وأعطت الفقرة (ج) من المادة ذاتها كل صاحب مصلحة أو متصرف أو صاحب منفعة الاعتراض على قرار لجنة التقدير خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهاء الإعلان عن قرارات اللجنة أمام اللجنة الاستئنافية واعتبرت الفقرة (ه) القرارات الصادرة عن اللجنة الاستئنافية قطعية سواء صدرت بالإجماع أو الأغلبية وأن هذه القرارات في حقيقتها قرارات إدارية نهائية
وحيث إنّ قواعد الاختصاص الوظيفي من النظام العام وللمحكمة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها وفي أيّة مرحلة من مراحل الدعوى، وحيث إن محكمة الاستئناف لم تتصدَ لهذه المسألة ابتداء فيكون إصرارها على قرارها السابق برد الدعوى لعدم صحة الخصومة مخالفاً للقانون مما يتعين نقض الحكم المطعون فيه