1. اذا قام المتهمان بضرب المغدور على رأسه ببلوكة وبحجر وهي أدوات قاتلة بطبيعتها وبالطريقة التي استعملت فيها ، وان هاتين الضربتين كانتا السبب في وفاة المغدور لما احدثتاه من نزف في الدماغ وكسر في الجمجمة ، وان هذه الاصابات كانت على اثر مشاجرة عرضية وقعت بين اطراف الدعوى والمغدور ، الا انها توصلت إلى عدم وجود اشتراك جرمي بينهما لانتفاء الاتفاق بينهما على القتل . وحيث أن المادة 76 من قانون العقوبات تنص على انه اذا ارتكب عدة اشخاص متحدين جناية او جنحة او كانت الجناية او الجنح تتكون من عدة افعال فأتى كل واحد منهم فعلاً او اكثر من الافعال المكونة لها وذلك بقصد حصول تلك الجناية او الجنحة اعتبروا جميعاً شركاء فيها وعوقب كل منهم بالعقوبة المعينة في القانون كما لو كان فاعلاً مستقلاً لها . وحيث أن المشاجرة كانت جماعية وقام كل من المتهمين المميز ضدهما علي وابراهيم بضرب المغدور بأداة قاتلة بطبيعة استعمالها في رأسه وهو مكان خطر من جسم المغدور أدت هاتين الاصابتين إلى كسر عظام الجمجمة ونتج عنه النزف الدموي خارج الانسجة الدماغية المصحوب بتكدم المادة الدماغية والوفاة ، مما يدل على اتجاه نية الجناة ( المميز ضدهما ) إلى قتل المغدور مما يشكل ذلك الاشتراك الجرمي بالقتل المقصود خلافاً لأحكام المادة 326 من قانون العقوبات لان قيامها بالاعتداء على المغدور كان بقصد التعاون بينهما ولا يشترط القانون يكون الاتفاق سابقاً للجرم بل قد يكون معاصراً للجريمة . ( تمييز جزاء رقم 665/99 ورقم 855/99 و 14/2000) والقرار رقم 254/99 ) .
2. جرى اجتهاد محكمة التمييز على اخذ مبدأ السببية في القصد الجرمي باتجاه تعادل الاسباب ، بمعنى وجوب أن يكون هناك رابطة سببية بين فعل الجاني وبين الاسباب والعوامل الاخرى التي يجهلها الفاعل والتي ادت إلى الوفاة وبحيث لا يسأل عن هذه النتيجة متى كان من المؤكد انها ستحدث حتى ولو لم يقع الاعتداء ( تمييز جزاء رقم 985/2005 ورقم 516/2005 ورقم 330/2004 ) . وحيث لم يرد في البينة الفنية المقدمة في الدعوى أن المغدور كان مصاباً قبل الحادث بمرض وان الموت كان نتيجة لهذا المرض الذي يجهله الجناة او أن موت المغدور كان لسبب انضم إلى ما احدثه المتهمان من كسر جمجمة المغدور بل الثابت بأقوال الشاهد الدكتور حسين صالح والتقرير الطبي المنظمة من قبله بالاشتراك مع الدكتور محمد الجراح أن سبب وفاة المغدور نتجت عن النزف الدموي خارج الانسجة الدماغية المصحوب بتكدم المادة الدماغية وانسجة الجسد الدماغي الناتجة عن الكسور الشرخية المتعددة في عظام الجمجمة الناتجة عن ارتطام بجسم صلب راض . وبالبناء عليه فإن ما توصلت إليه محكمة الجنايات الكبرى من هذه الجهة لا يتفق والواقع والقانون لان الوصف القانوني للأفعال المادية للمميز ضدهما علي وابراهيم هو القتل القصد بالاشتراك خلافاً للمادتين 326 و 76 عقوبات ، وحيث أن هذا الوصف يعرض المميز ضدهما إلى عقوبة اشد مما يتعين اعمال أحكام المادة 234 من الاصول الجزائية امهالهما لتمكينهما من تحضير دفاعهما على هذا الوصف المعدل ، وهذا السبب يرد على الحكم المطعون فيه . ?
3. من المقرر فقها وقضاءً أن القاضي وهو في سبيل تكوين قناعته يستطيع أن يأخذ بالبينة التي يطمئن اليها ويستبعد البينة التي لا يطمئن اليها كما له أن يأخذ بجزء من هذه البينات ويستبعد الباقي ولو قامت النيابة العامة شهادة شاهد فرد ، لان الشهادة الفردية المعترض عليها لا يؤخذ بها في القضايا الجزائية ( تمييز جزاء الرقم 1145/2004 ) ورقم 264/2004 ورقم 26/64 ) . وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى أخذت من أقوال الشاهد ناجي البرمكي الذي كان متواجداً مع المغدور وقت الحادث ما قنعت به واطمأنت إليه وفق صلاحيتها التقديرية فإن ركونها إلى اقوال هذا الشاهد لا يخالف القانون وان محكمتنا وبصفتها محكمة موضوع تؤيدها في ذلك والتي ثبت بها قيام كل من المميزين بضرب المغدور بالحجر والبلوكة وهي ادوات قاتلة حسب طبيعة استعمالها وفي مكان خطر من جسم المغدور وهو الرأس وادت إلى وفاته . وقد اناط المشرع بالمادة 147 من قانون اصول المحاكمات الجزائية بمحكمة الموضوع حق تقدير البينات والحكم حسب قناعتها الشخصية وعليه فإن قيام محكمة الجنايات الكبرى بعدم الاقتناع بشهود الدفاع وطرح شهاداتهم وعدم الاعتماد عليها لا يكون مخالفاً للقانون ( تمييز جزء رقم 137/78 ) ولا يلزمها القانون بتعليل سبب استبعادها لهذه البينة . وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى قنعت ببينة النيابة واخذت بها وطرحت بينة الدفاع وفق صلاحيتها في وزن البينة وترجيحها المستمدة من المادة 147 المشار اليها فتكون قد استعملت خيارها بالاخذ بالبينة التي تطمئن اليها وما قامت به لا يخالف القانون .