19
أكتوبر
0
Comments
الدعاوى غير مقدرة القيمة / إذن بالتمييز / فسخ عقد بيع شقة سكنية مقابل بدل إعاشة / حق التقاضي
هذا القرار ينطوي على نقطة قانونية ذات أهمية خاصة تتعلق بالدعاوى غير مقدرة القيمة ومدى قابلية الطعن التمييزي عليها دون وجوب الحصول على إذن بتمييزها أم لا ويتضمن رجوعًا عن اجتهادات قضائية سابقة .
-
إن المستفاد من نص الماديتن (55 و 191) من قانون أصول المحاكمات المدنية والمادة 2 من قانون محاكم الصلح أن المشرع ومن ضمن الغايات التي ابتغاها من تحديد نصاب مالي للدعاوى بمبلغ محدد ، هو تحديد الاختصاص القيمي لمحاكم الدرجة الأولى من محاكم الصلح والبداية لتوزيع العبء الوظيفي في نظر هذه الدعاوى بينهما ؛ بحيث إذا كانت قيمة الدعوى مساويةً لهذا النصاب أو أقل منه فينعقد الاختصاص لمحاكم الصلح وإذا تجاوزت هذا النصاب فينعقد الاختصاص لمحكمة البداية، وكذلك تبرز الأهمية في تحديد مدى قابلية الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف للطعن عليها تمييزاً دون الحصول على الإذن بتمييزه أم بوجوب ذلك ، وما يعنينا في هذا المقام هو بحث الغاية الأخيرة وفقاً للنصوص أعلاه .
-
إن المستفاد من المسار التشريعي لنص المادة (55) المشار إليه أعلاه هو ارتباط تحديد قيمة الدعاوى غير محددة القيمة بقيمة الحد الأعلى لقيمة الدعاوى الصلحية في ظل القانون الذي تقيد فيه تلك الدعوى، وتعتبر زائدة عليه، خلافاً للنص السابق الذي كان يحدده بمبلغ معين ، وتفسر حكمة المشرع من ذلك رغبته في تحقيق الاستقرار في تطبيق هذا النص ، وتفادي تأثره من أية تعديلات تشريعية لاحقة قد ترد عند تغير نصاب اختصاص محاكم الصلح ، فاعتبر الدعوى غير المقدرة القيمة بالنظر إلى مقدار الحد الصلحي الأعلى الذي يحدده حكماً قانون محاكم الصلح الساري المفعول بتاريخ قيد الدعوى ، وحيث إن قانون محاكم الصلح الأخير رقم(23) لسنة 2017 اعتبر الحد الصلحي الأعلى هو مبلغ (10000) دينار ، واعتبرت المادة (55) المذكورة الدعوى غير المقدرة القيمة من حيث قيمتها زائدة على الحد الصلحي ما يعني أن الدعاوى غير المقدرة القيمة قيمتها تزيد على مبلغ (10000) دينار .
-
ولما كان نصاب الطعن بالتمييز هو الأحكام التي تزيد قيمتها على عشرة آلاف دينار، فإن جميع الدعاوى غير مقدرَة القيمة والتي لا يمكن تقديرها وفقاً لنصوص المواد (48 -54) من قانون أصول المحاكمات المدنية، تخضع للطعن بالتمييز دون إذن سواء في القضايا التي يختص بها قاضي الصلح اختصاصاً نوعياً أو القضايا التي تختص بها محكمة البداية اختصاصاً نوعياً
-
إن طلب فسخ عقد بيع شقة سكنية مقابل بدل إعاشة هو عقد غير مقدر القيمة وتعتبر قيمة دعوى المطالبة بفسخه زائدة على مبلغ عشرة آلاف دينار، مما يجوز معه الطعن في الحكم الصادر فيها تمييزاً دون حاجة للحصول على إذن تطبيقاً لنص المادة (191) من أصول المحاكمات المدنية.
-
إن المستفاد من أحكام المادة (17) من قانون الملكية العقارية أنه يجوز للمالك أن يبيع عقاره إلى آخر لقاء الإعالة، بإعالة المشتري البائع أو شخص آخر يحدده في عقد البيع طيلة حياة المعال وأنه لا يجوز التصرف في العقار المبيع لقاء الإعالة ولا حجزه ولا رهنه طيلة حياة المعال، وللبائع بموجب المادة (18) من القانون ذاته الحق في استرداد العقار المبيع لقاء الإعالة بقرار من المحكمة، إذا قصر المعيل أو ورثته من بعده في حال وفاته في التزامه بإعالة المعال وفقاً للشروط المتفق عليها في عقد البيع وبموجب المادة (19) من القانون ذاته فإن الإعالة تنتهي ويشطب قيدها في القيد العقاري باتفاق الطرفين أو بوفاة المعال، أو بوفاة المعيل دون وارث، أو بالحكم للبائع باسترداد العقار.
-
إذا كان العقد المطلوب فسخه تضمن أن الثمن هو بدل إعاشة وهو يحقق مصلحة مشروعة للمدعي، مما يترتب على المتصرف إليه (المدعى عليها) التزام بإعطاء المدعي بدل الإعاشة وهو التزام يجب الوفاء به كون هذا العقد ملزم للجانبين وأن الإخلال به ترد عليه أحكام الفسخ طبقاً للقواعد العامة المقررة في القانون المدني في هذا الشأن.
-
إذا لم يدع المدعي أن المدعى عليها تخلفت عن تنفيذ التزامها بموجب العقد سالف الإشارة، أو أنها تخلفت عن دفع بدل الإعاشة، فإن طلب الفسخ لا يستند إلى أساس صحيح من القانون.
-
إن حق التقاضي حق دستوري مكفول للكافة على حد سواء، وأن اللجوء للقضاء هو رخصة لمن يدعي أن له حقاً تجاه الغير، وبالتالي فإن القول بأن المدعى عليها بإقامتها دعوى محاسبة ولي على المدعي قد أخلت بالتزامها بمواجهته لا يتفق وصحيح القانون .