بالتدقيــق والمداولة نجد أنه بتاريخ 1/12/2020 أقام المدعي أيمن يعقوب عبد السلام الحسيني لدى محكمة بداية حقوق عمان القضية رقم 7667/2020بمواجهة المدعى عليها شركة جوجل انترناشونال الأردن موضوعها المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي مقدرة بقيمة مليار دينار أردني لغايات الرسوم وإعادة الحال إلى ما كان عليه وقد لخص وكيله وقائع الدعوى بما يلي:
1. دولة فلسطين (تحت الاحتلال) تضم شعب وأرض ومعترف بها من قبل المملكة الأردنية الهاشمية كدولة مستقلة ولها سفارة قائمة وعاملة فيها ومعترف بها أيضاً من قبل جامعة الدول العربية والأمم المتحدة كعضو مراقب وكافة المنظمات والهيئات الدولية حيث بدأ العمل بخريطة فلسطين المعروفة بحدودها بعد تقسيم الوطن العربي إلى الخريطة المعروفة اتفاقية سايكس بيكو التي تنص على تقسيم الدول العربية شرقي المتوسط في عام 1916 في إطار تقسيم أراضي الإمبراطورية العثمانية المتداعية.
2. حيث كانت فلسطين من نصيب المملكة البريطانية التي دخلت الأراضي الفلسطينية كمحتلة عام 1917 ثم تحولت إلى انتداب بتاريخ 6/6/1921 .
3. قام الانتداب البريطاني برسم حدود فلسطين غرباً البحر الأبيض المتوسط وشرقاً إمارة شرق الأردن وشمالاً لبنان وسوريا وجنوباً مصر وقامت بتفريغ وتثبيت تلك الحدود على شكل خارطة جغرافية.
4. مكنت حكومة الانتداب البريطاني لليهود بالهجرة إلى فلسطين وأصدرت قرار وعد بلفور الذي تضمن إنشاء وطن قومي مزعوم لهم.
5. استمر الانتداب البريطاني حتى عام 1947 حيث استصدرت سلطة الانتداب البريطاني قراراً دولياً من الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار تقسيم حدود أراضي فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وأن يقتطع منها أراضي للدولة اليهودية.
6. في عام 1948 قامت سلطات الانتداب بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المنتدبة ولحق ذلك إعلان دولة الكيان الإسرائيلي.
7. إن خارطة فلسطين المشار إليها في البند الثالث وهي الحدود المعتمدة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها ممثل للشعب الفلسطيني ومنحتها حق المشاركة في مداولات الجمعية العامة بشأن قضية فلسطين.
8. وحيث تم الاعتراف من أكثر من 80 دولة بدولة فلسطين وأعلن منظمة التحرير الفلسطينية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اعتراف 94 دولة.
9. في 15/12/1988 استبدلت منظمة التحرير الفلسطينية باسم فلسطين في منظومة الأمم المتحدة.
10. في 23/12/2011 تم منح الجمعية العامة لعضوية فلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة مراقب في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي 17/12/2012 قرر رئيس بروتوكل الأمم المتحدة الرسمية أن تستخدم الأمانة اسم دولة فلسطين في جميع الوثائق حيث كان يوجد في الأمم المتحدة دولة واحدة تتمتع بهذه الصفة وهي الفاتيكان.
11. إن اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين دولة مراقبة لها في الأمم المتحدة يعني أنها ستسمح لدولة فلسطين بالانضمام إلى المعاهدات ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة.
12. إن هذه البقعة الجغرافية موجودة منذ آلاف السنين حقيقة ولا تقبل الشك وما تضمنه من مدن تاريخية ذكرت في التاريخ مثل القدس وأريحا وعكا ويافا وحيفا وغزة تسمي دولة فلسطين.
13. إن إزالة أو إزاحة اسم فلسطين وخريطته الجغرافية عن محرك البحث جوجل التابع للمدعى عليه واستبداله بخريطة اسرائيل يشكل إساءة وإهانة بالغة لكرامة هذه الشعوب وتاريخها والحضارات لا يقدر بثمن.
14. إن ما قامت به المدعى عليها من فعل ضار وتقصير قد تسبب بإضرار نفسية ومالية بالغة بالمدعي وللشعب الفلسطيني عامة الأمر الذي من شأنه إضاعة كثير من فرص تجارية بكافة أقطاب الأرض.
15. كما وقع الضرر على عائلة المدعي وتاريخها بهذه الصفة ألحق ضرراً كبيراً بالمدعي وعائلته وكل من ينتمي إلى شعب ودولة فلسطين.
سارت محكمة الدرجة الأولى بإجراءات التقاضي وبتاريخ 12/12/2021 أصدرت قرارها المتضمن رد دعوى المدعي لعدم استنادها إلى أساس قانوني سليم وتضمين المدعي الرسوم والمصاريف.
لم يرتض المدعي بالحكم المذكور فتقدم للطعن فيه استئنافاً بموجب الدعوى الاستئنافية رقم 9678/2022 والتي أصدرت بتاريخ 27/10/2022 قرارها المتضمن رد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف .
لم يرتض المدعي (المستأنف) بقضاء محكمة الاستئناف فتقدم للطعن فيه تمييزاً ضمن المدة القانونية بتاريخ 27/11/2022.
وقبل الرد على أسباب الطعن التمييزي :
نجد ابتداءً أن هناك مسألة متصلة بالنظام العام يتوجب بحثها والوقوف عندها وهي مدى تمتع المدعي بالمصلحة القانونية لإقامة الدعوى بالمعنى المقصود بالمصلحة المنصوص عليها بالمادة الثالثة من قانون أصول المحاكمات المدنية ومدى توافر عناصرها وأخصها أن يكون للمدعي المصلحة الشخصية المباشرة لإقامة الدعوى, ذلك أن الظاهر من أسباب الدعوى أن المدعي أسس دعواه واقعة مفادها أن المدعى عليها قامت بإزالة اسم فلسطين وخريطتها من محرك البحث (جوجل) واستبدلتها بخريطة (إسرائيل) وهو الأمر الذي انطوى على إساءة للشعب الفلسطيني وتاريخه وبما أن المدعي ينحدر من أصول فلسطينية وينتمي للشعب الفلسطيني فقد تضرر معنوياً من فعل المدعى عليها وتقدم بالدعوى الماثلة طالباً إلزام المدعى عليها بالتعويض عن الضرر المعنوي وإعادة وضع خارطة فلسطين التاريخية .
وحيث أن المقصود في هذه الدعوى بالمصلحة الشخصية المباشرة وهي تلك المصلحة المستمدة من حق ذاتي ووضع قانوني خاص لدى رافع الدعوى يتسم بدرجة من التفرد انبثق عن رابطة قانونية تشكلت بين المدعي وخصمه لم تختلط بالمصلحة العامة بحيث يرمي المدعي من دعواه الذود عن حق خاص به لا الدفاع عن حقوق عامة أياً كانت سياسية أو وطنية …إلخ.
ولما كان الأمر كذلك فإنه كان على محكمة الاستئناف وقبل البحث في الدعوى موضوعاً أن تقول كلمتها حول توافر المصلحة القانونية للمدعي بإقامة هذه الدعوى .
قرار محكمة التمييز / بصفتها الحقوقية رقم 2023/1255 تاريخ 2023/6/6