10:00 AM - 7:00 PM

دوام المكتب من السبت الى الخميس

798333357

اتصل بنا

Search
 

وكال خاصة Tag

وكالة خاصة / صحة توكيل / مدلول قانوني

كثيراَ ما يرد في متن الوكالات القضائية التي يستخدمها المحامون في تمثيل أطراف الدعاوي القضائية , بأن الموكل مدعياَ كان أم مدعى عليه , أو ممن لا علاقة له بالدعوى , سوى أنه تولى توكيل أحد المحامين بصفته وكيلاَ عن أحد الأطراف هذه الدعوى , بأنه يوكل هذا المحامي أو ذاك لتمثيله في دعوى مقامة منه أو عليه أمام المحاكم , أو لتمثيل من هو وكيل عنه , بالأصالة عن نفسه وبأية صفة كانت له.
وفي الآونة الأخيرة باتت المحاكم لا تقبل مثل هذه العبارة للدلالة على صحة التمثيل , وإنما هي باتت تعتبرها مما يعيب الخصومة , وراحت تشترط أن يذكر في متن الوكالة أن من باشر تنظيم التوكيل لصالح هذا المحامي الصفة التي يوكل بموجبها , من قبيل أن يذكر أنه يوكل هذا المحامي بصفته وكيلاَ عن أحد أطرافها بموجب الوكالة العدلية العامة أو الخاصة رقم كذا الصادرة عن الكاتب بالعدل في المنطقة كذا.
فهل مثل هذا النهج له ما يستند إليه في القانون من أساس , أم أن ذلك عبارة عن تزيد لا داعي له وهو مما لا يتفق مع أحكام القانون ؟؟؟؟
معلوم أنه ومن الناحية القانونية ومن حيث المبدأ , عبارة أصالة وبأية صفة كانت , الدارج أمر استخدامها في الوكالات عموماَ , تعني فيما تعني أن هذا الموكل يوكل وكيلاَ غيره , وذلك بأية صفة كانت له , وأنه وفق ما كان سائداَ فيما سبق من الاجتهاد القضائي , أنه يكفي للتدليل على ماهية هذه الصفة , وحتى تنتج هذه العبارة آثارها القانونية في نسبة هذه الصفة الى الموكل وبيان المقصود بها , إرفاق الوثيقة الرسمية التي تثبت هذه الصفة التي يدعي بها الموكل , كأن يكون الموكل يوكل غيره بصفته ولياَ أو وصياَ أو وريثاَ أو وكيلاَ عن غيره أو سوى ذلك من صفات.
وحسب ما نعلم أن سبب هذا التطبيق القانوني الذي ذهب إلى اشتراط ذكر وبيان الصفة صراحة في متن سند التوكيل المنظم من قبل الوكيل عن أحدهم لصالح وكيل أخر , هو أن الهيئة الخماسية لدى محكمة النقض المختصة في دعاوي المخاصمة ورد القضاة , هي وفي معرض نظرها في دعوى مخاصمة مقامة بمواجهة قضاة إحدى غرف محكمة النقض كانت قد أصدرت القرار رقم ( 181 ) في القضية رقم ( 418 ) لعام 2021 حيث انتهت هذه الهيئة بموجب هذا القرار إلى رد دعوى مخاصمة مقامة أمامها , بتعليل مفاده أن عبارة بأية صفة كانت الواردة في متن سند التوكيل إنما تنصرف إلى صفة الموكل الشخصية , كأن يكون وريث أو ولي أو وصي وليس إلى صفته كوكيل عن غيره.
ومن الناحية القانونية هذا القرار كان قد صدر عن الهيئة الخماسية المختصة في دعاوي المخاصمة ورد القضاة في الهيئة العامة لدى محكمة النقض , وهذه الهيئة هي الهيئة الخماسية المختصة في رؤية دعاوي المخاصمة التي تقام على إحدى غرف محكمة النقض المختلفة , وهي ليست الهيئة السباعية المختصة قانوناَ بتقرير العدول وإقرار المبادئ القانونية التي تنزل منزلة القانون والتي هي الملزمة للمحاكم بمختلف درجاتها.
وبالتالي وباعتبار أن هذا القرار لم يصدر عن الهيئة العامة السباعية لمحكمة النقض , حتى تكون له الحجية على ما سواه من دعاوي قضائية , وإنما هو صادر عن الهيئة الخماسية.
ودعوى المخاصمة ورد القضاة كما هو معلوم هي دعوى مبتدئة أساسها الخطأ المهني الجسيم , والقانون نص على إقامة هذه الدعوى أمام الهيئة العامة الخماسية لدى محكمة النقض , إذا كان القضاة المدعى عليهم في دعوى المخاصمة هم قضاة إحدى غرف محكمة النقض , وعليه قد يكون القرار الصادر في دعوى المخاصمة في حالات معينة صادراَ عن محكمة استئناف , فهل سيكون لهذا القرار الحجية التي هي للقانون , والتي تجعله ملزماَ لباقي المحاكم !!!!
وفي نفس السياق وكما هو معلوم أن قانون السلطة القضائية رقم ( 98 ) لعام 1961 وبموجب الفقرة ( أ ) من المادة ( 49 ) منه كان قد حصر مهمة العدول عن الاجتهاد وإقرار المبادئ القانونية بالهيئة العامة السباعية لدى محكمة النقض , في حين جعل الاختصاص في نظر دعاوي المخاصمة ورد القضاة في الهيئة العامة الخماسية وهذه الهيئة والمقصود الهيئة العامة السباعية لمحكمة النقض , هي أعلى مرجع قضائي في القطر السوري , لذلك نجد أن الاجتهاد والتعامل القضائي قد ذهب إلى إلزامية ما يصدر عن هذه الهيئة من مبادئ قانونية أو قرارات عدول عن الاجتهاد.
ووفق ما سلف ومن الناحية القانونية القرارات والمبادئ القانونية التي تقرها هذه الهيئة أو التي تصدر عنها هي التي تكون ملزمة للمحاكم , وهي التي تنزل منزلة القانون , وليس قرارات غرفة المخاصمة ورد القضاة لدى الهيئة العامة لمحكمة النقض , ذلك أن قرار الهيئة العامة الخماسية الصادر في معرض دعوى مخاصمة القضاة , هو ولئن كان له واجب الاحترام , لكون صادر عن إحدى الهيئات المؤلفة لمحكمة النقض , إلا أنه ومن الناحية القانونية هو قرار صادر في معرض دعوى مبتدئة , مثله مثل القرارات التي تصدر في الدعاوي عن محاكم البداية أو الصلح المدني , فهو لا حجية له إلا على الدعوى التي صدر في معرضها , وبالتالي لا حجية له على ما سوى ذلك من دعاوي.
وبمقابل هذا القرار الصادر عن الهيئة العامة الخماسية لدى محكمة النقض , والذي صدر في معرض دعوى مخاصمة برقم ( 181 ) في القضية رقم ( 418 ) لعام 2021 نقول وكما نعلم بأن الهيئة العامة السباعية لدى محكمة النقض , وهي الهيئة المختصة بالنظر في طلبات العدول عن الاجتهاد وتقرير المبادئ القانونية , وفي معرض طلب عدول وتقرير مبدأ قانوني , كانت وفي عام 1980 قد أقرت المبدأ القانوني رقم ( 24 ) الصادر في القضية رقم أساس رقم ( 53 ) لعام 1980 وبالمحصلة هي طلبت تعميمه على جميع المحاكم للعمل وفقه وبالرجوع إلى نص هذا المبدأ نجد أن الهيئة المذكورة عللت ما ذهبت إليه من مبدأ قانوني بما يلي :

[ إن الصفة بمعناها الاصطلاحي هي ما للشخص من شأن في الدعوى , يجيز له المخاصمة في موضوعها أو إبداء الدفوع فيها , والقاعدة العامة هي أن أصحاب الحقوق هم ذوو الصفة في المخاصمة عنها أمام القضاء , وقد يقوم بمباشرة الدعوى بالنيابة عن صاحب الحق وكلاؤه الاتفاقين أو نوابه أو دائنوه , ويكون لهؤلاء الوكلاء أو النواب أو الدائنين صفة في المخاصمة مستمدة من عقد التوكيل أو نصوص القرارات الصادرة بتسميتهم أو القوانين.
وحيث إنه لا داعي لأن ينص في الوكالة على مركز الموكل في الدعوى كمدعي أو مدعى عليه , فإذا وُكل الوكيل بالخصومة في أمر معين أو في سائر الأمور , فهو وكيل في هذا الأمر أو هذه الأمور سواء أكان مركز الموكل مدعياَ أو مدعى عليه.
وحيث إن الأصل هو إعمال الكلام لا إهماله لذا فلا وجه لأن تنصرف عبارة ( بأية صفة كانت ) إلى مركز الموكل كمدعي أو مدعى عليه , ولا بد من إعطائها مدلولها وصرفها إلى ما قصده الموكل بأنه يوكل لا بصفته الشخصية , بل بأية صفة تكون له , كوكيل اتفاقي أو ولي أو وصي أو غير ذلك , مادام الموكل عبر عن إرادته بأنه يوكل الوكيل بأية صفة كانت , وحيث إنه في مثل هذه الحالة يكفي إبراز ما يؤيد هذه الصفة سواء أمام موثق الوكالة أو أثناء المحاكمة مادام نص الوكالة له هذه السعة وهذا الشمول …….]

مما سلف نجد أن القرار رقم ( 181 ) الصادر في القضية رقم ( 418 ) لعام 2021 عن الهيئة الخماسية المختصة في دعاوي المخاصمة ورد القضاة لدى محكمة النقض , هو قرار مخالف لمبدأ قانوني سابق , كانت قد أقرته الهيئة العامة السباعية لدى محكمة النقض , وبالتالي لا حجية لهذا القرار , لكونه يخالف المبدأ القانوني رقم ( 24 ) اساس رقم ( 53 ) لعام 1980 هذا المبدأ الذي ينزل منزلة القانون , والذي هو الملزم للمحاكم كافة , والذي مخالفته تشكل الذلة المسلكية بالمفهوم القانوني المعروف , علماَ بأننا لم نجد ما يثبت أن الهيئة العامة السباعية لدى محكمة النقض كانت قد عدلت عن هذا المبدأ القانوني.
وعليه ووفق ما سلف نجد أن النهج الذي باتت تتبعه المحاكم في الفترة الأخيرة , إنما هو نهج غير محمود من الناحية القانونية , لكونه يقيد ما هو مطلق , والذي يجب أخذه على إطلاقه , مالم يوجد ما يقيده , وهو فوق ذلك نهج يضيق الأمر الواسع , ويقيد مسألة التمثيل في الدعاوي بشروط شكلية ضيقة لا فائدة منها سوى إضاعة الوقت والمال على الأطراف وأصحاب الحقوق , وهو ما يتنافى مع المبادئ الأساسية للقانون والعدالة والإنصاف , والأهم أنه هو نهج مخالف للمبدأ القانوني رقم ( 24 ) أساس رقم ( 53 ) لعام 1980 الصادر عن الهيئة العامة السباعية لدى محكمة النقض , هذه الهيئة الذي جعلها القانون هي وحدها دون غيرها المختصة في تقرير المبادئ القانونية.

مكتب العبادي للمحاماة

المحامي محمد زهير العبادي

محامي في عمان