يعد هذا السؤال من أهم الأسئلة المطروحة في الوسط التجاري والعام …
بموجب التعديل الاخير على قانون العقوبات بموجب القانون المعدل رقم 28 لسنة 2023 فان الشيك البنكي أقوى من الكمبيالة بغض النظر عن تاريخ تحرير الشيك البنكي كون المشرع لم يرفع الحماية الجزائية عن الشيك البنكي ، ولكن يجب أن نأخذ بعين الإعتبار تاريخ عرض الشيك على البنك وتاريخ ختمه لعدم كفاية الرصيد .
بقي أن نذكر أن الشيك البنكي يتمتع بالحماية الجزائية فيجب أن يقدم إلى البنك في التاريخ المثبت عليه أو خلال ستة أشهر تلي التاريخ المثبت عليه وبخلاف ذلك لا يكون الشيك البنكي اقوى من الكمبيالة ، حيث لا يتمتع الشيك البنكي بالحماية الجزائية اذا قدم للبنك قبل التاريخ المثبت عليه أو بعد مرور ستة أشهر على التاريخ المثبت عليه .
كما أن الشيك البنكي اذا انقضت على ارتكاب الجريمة مدة تزيد على ثلاث سنوات فيصبح مثل الكمبيالة .
وفي ذلك نجد أنه وفي ضوء طلبات المدعيين فإن معالجتنا لها تكون تباعاً:
فيما يتعلق بالمطالبة بإجراء محاسبة والمطالبة بقيمة الشيكات الموصوفة في لائحة الدعوى:-
وحيث من الثابت من خلال البند الرابع من لائحة الدعوى أن الشيكات موضوع الدعوى هي الشيكات المعادة بدون صرف, وحيث إن المحاسبة تتم بعد التحصيل فلا محل واقعي أو قانوني لإجراء المحاسبة لإقرار الجهة المدعية بعدم تحصيل الشيكات محل الدعوى وعليه وعلى ضوء عدم تحصيل البنك لقيمة تلك الشيكات فلا سند قانوني للمطالبة بقيمتها تبعاً لذلك مما يستوجب رد هذا الشق من الادعاء.
أما بالنسبة للمطالبة باسترداد الشيكات المعادة دون صرف مع المطالبة بالعطل والضرر:-
وبالعودة إلى أحكام المادة (355/1) من القانون المدني نجد أنها نصت على أنه: (يجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ ما التزمه تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً).
وعليه وحيث إن الأصل أن للدائن المطالبة بتنفيذ الالتزام عيناً وللمدين عرض القيام بذلك ما بقي التنفيذ ممكناً ولم يستثنِ المشرع من هذه القاعدة إلا حالة واحدة وهي حالة ما إذا لم يكن التنفيذ العيني ميسوراً إلا ببدل نفقات لا تتناسب مع ما ينجم من ضرر من جراء التخلف عن الوفاء عيناً فأجاز للدائن بناءً على طلب المدين قصر حق الدائن استثناءً على اقتضاء عوض والسند في ذلك قاعدة إذا بطل الأصل يصار إلى البدل المادتين (232) من القانون المدني و (53) من مجلة الأحكام العدلية والمشقة تجلب التيسير المادة (17) من المجلة والأمر إذا ضاق اتسع المادة (18) من المجلة ولا ضرر ولا ضرار والضرر يزال المواد (62) من القانون المدني و(19 و 20) من المجلة والضرر الأشد يزال بالضرر الأخف المادة (27) من المجلة وإذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما المادة (28) من المجلة ويختار أهون الشرين المادة (29) من المجلة ودرء المضار أولى من كسب المنافع المادتين (64) من القانون المدني و (30) من المجلة والضرر يدفع بقدر الإمكان المادة (31) من المجلة والحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة أو خاصة المادة (32) من المجلة.
وعوداً على ذي بدء فإذا كان تنفيذ الالتزام يدخل في حدود الإمكان فمن حق الدائن أن يستأديه ومن حق المدين أن يعرض القيام به ولا يجوز العدول عن التنفيذ إلى طريق التعويض (أي أخذ عوض) إلا بتراضي المتعاقدين ذلك أن التعويض لا ينزل من التنفيذ العيني منزلة التزام تخييري أو التزام بدلي فهو ليس موكولاً للتخيير لأن رخصة العدول عن الوفاء عيناً إلى الوفاء بمقابل غير ثابتة لأي من المتعاقدين سواءً في ذلك الدائن أو المدين فمن واجب المدين أن يعرض الوفاء عيناً ومن واجب الدائن قبول هذا الوفاء وهو ليس بديلاً لأن المدين لا يملك إعطاء العوض النقدي ما بقي الوفاء العيني ممكناً.
ويمكن القول بأن تنفيذ الالتزام عيناً يدخل في حدود الإمكان فيما يتعلق بميعاد التنفيذ إذا حدد ميعاد للتنفيذ فالمفروض أن الوفاء العيني يمتنع بعد انقضاء هذا الميعاد إلا أن يقيم الدليل على عكس ذلك (المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني – إعداد القاضي الدكتور عمار القضاة – دار الثقافة – 2015 – ص 352-356).
وبإنزال حكم ما تقدم على ما استجد من وقائع الدعوى بعد صدور قرار الهيئة العامة رقم (2606/2019) الذي أكد على توافر ركن الخطأ لدى الجهة المدعى عليها ووفقاً للتفصيل الوارد به نجد أن وكيل الجهة المدعى عليها أفاد على محضر الدعوى الاستئنافية رقم (21652/2019) في جلسة 5/12/2019 بأنه أحضر أصل جميع الشيكات وأنه على استعداد لتسليمها لوكيل المستأنفين إن رغب في الجلسة ذاتها وأكد على العرض ذاته على الصفحة (32) من مرافعته الأولى المقدمة في الدعوى الاستئنافية رقم (21652/2019) وعلى الصفحة (75) من المحضر الاستئنافي ضمن مذكرته حول تقرير الخبرة.
إلا أن وكيل المدعيين وعلى محضر جلسة 5/12/2019 رفض استلام تلك الشيكات متذرعاً بمرور التقادم الصرفي.
وباستعراضنا للشيكات موضوع الدعوى نجد أن تواريخها تقع في الفترة الممتدة من 30/5/2011 وهكذا شهرياً حتى تاريخ 30/5/2014 وحيث صدر قرار الهيئة العامة رقم (8137/2018) الذي انتهى إلى أن الدعوى إذا أقيمت استناداً لأحكام قانون التجارة للمطالبة بالشيك كورقة تجارية فإن قانون التجارة هو الواجب التطبيق لأنه القانون الذي تضمن أحكام الشيك كورقة تجارية مما يتعين معه تطبيق أحكامه العامة على دعوى المطالبة بالشيك كورقة تجارية بما في ذلك مدة التقادم التجاري الطويل الوارد ضمن المادة (58/1) من القانون ذاته وهي عشر سنوات (ت/ح 3533/2017 و 4118/2018 و 1244/2011 و 239/1972 و 6467/2018).
وعليه فإن التقادم التجاري الطويل والحالة هذه والواقع بتاريخ العرض الحقيقي للجهة المدعى عليها بتسليم الشيكات في 5/12/2019 لم ينقضِ بعد وعلى ضوء ما خلصنا إليه أعلاه من أنه لا يجوز العدول عن التنفيذ العيني إلى طريق التعويض إلا بتراضي المتعاقدين لأن التعويض لا ينزل من التنفيذ العيني منزلة التزام تخييري أو التزام بدلي فهو ليس موكولاً للتخيير لأن رخصة العدول عن الوفاء عيناً إلى الوفاء بمقابل غير ثابتة لأي من المتعاقدين سواءً في ذلك الدائن أو المدين فمن واجب الدائن أن يعرض الوفاء عيناً ومن واجب المدين قبول هذا الوفاء لاسيما وإن تنفيذ الالتزام عيناً يدخل في حدود الإمكان لوقوعه خلال ميعاد التنفيذ سالف الإشارة أي قبل انقضاء ميعاد التقادم الصرفي.
وحيث لم تعالج محكمة الاستئناف الدعوى على ضوء ما استجد فيها من ظروف بعد صدور قرار الهيئة العامة سالف الإشارة ولم تبحث أثر رفض وكيل المدعين للتنفيذ العيني على ضوء ما أوضحناه بأن التعويض لا ينزل من التنفيذ العيني منزلة التزام تخييري أو بدلي مما يتوجب معه نقض قرارها من هذه الناحية.
كما كان عليها أن تعالج مدى أحقية الجهة المدعية بالتعويض عن الفترة السابقة لعرض الشيكات إن كان له مقتضى وفي ضوء تاريخ كل من الشيكات ومدى انقضاء مدة التقام بالنسبة إليه على ضوء سبب الدعوى وصراحة نص المادة (25/1) من قانون البينات .
وعليه وعلى ضوء ما خلصت إليه محكمة التمييز في قرارها التمييزي رقم (6688/2018) والذي تأيد بقرار محكمة التمييز بهيئتها العامة رقم (2606/2019) من توافر ركن الخطأ لدى الجهة المدعى عليها ونقض القرار المطعون فيه للبحث في مدى توافر باقي أركان المسؤولية العقدية بمواجهة المدعى عليه كون الركن الثاني في المسؤولية العقدية هو الضرر لا بد من وجوده حتى تترتب هذه المسؤولية في ذمة المدين, والدائن هو الذي يحمل عبء إثبات الضرر لأنه هو الذي يدعيه, ولا يفترض وجود الضرر لمجرد أن المدين لم يقم بالتزامه العقدي فقد لا ينفذ المدين التزامه ولا يصيب الدائن ضرراً من جراء ذلك (الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – مصادر الالتزام – المجلد الأول –د. عبدالرزاقالسنهوري الطبعة الثالثة الجديدة – نهضة مصر ص 679) .
وحيث إن الأمر كذلك فيكون قرار محكمة الاستئناف والحالة هذه قاصراً في التعليل والتسبيب ومستوجب النقض لورود هذه الأسباب عليه .
لهذا وبالبناء على ما تقدم نقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني .
قراراصادر عن محكمة التمييز بصفتها الحقوقية / بتاريخ 10 ربيع الآخرة سنة 1443هـ الموافق 15/11/2021م.