وفي ذلك نجد أن مبدأوقفتنفيذالعقوبة قد وردت احكامه في المادة (54 مكررة) من قانون العقوبات وحددت هذه المادة الشروط الواجب توافرها للحكم بوقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها وهي أن لا تتجاوز مدة العقوبة السجن أو الحبس عن سنة واحدة وان يكون في ماضي المحكوم وأخلاقه وسنه وظروف الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون ويجب أن يكون القرار مسبباً وحيث نجد أن طبيعة الجريمة المرتكبة وهي السرقة وما لها من اثر في الأخلاق لا تسمح بوقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها المستأنف ضدهما وهما غير جديران بوقف تنفيذ العقوبة بحقهما ، فإن ما توصلت إليه محكمة الدرجة الأولى وما ساقته من تبرير بخصوص وقف تنفيذ العقوبة غير مقبول ولا ينسجم مع نص المادة (54 مكررة) مدار البحث الأمر الذي يجعل أسباب الاستئناف واردة على قرارها ويتعين فسخه بحدود وقف التنفيذ فقط.
قرار صادر عن محكمة إستئناف عمان / جزاء رقم (2015/37011).
ومحكمتنا تجد ان المشرع أخذ بالنواحي الانسانية باحكامه الجزائية لاسباب كثيرة منها ان المشرع يبغي تحقيق اهداف وغايات كثيرة لا مجال هنا لتعدادها ومنها على سبيل المثال اعطاء فرصة للجاني باصلاح نفسه واعادة ادماجه بالمجتمع ولذلك أوجد المشرع احكام كثيرة تتعلق مرة بالاعفاء من العقوبة وتارة اخرى اسبابا وأعذار قانونية تتعلق بتخفيض العقوبة وجعل الاخيرة ملزمة للمحكمة بتخفيض العقوبة، كما اقر مبدأوقفتنفيذالعقوبة بكل الاثار المترتبة عليها اذا توافرت الشروط الواردة بحكم المادة (54) مكرر من قانون العقوبات بالاضافة به موقف المشرع الجزائي في التعديل الاخير لقانون العقوبات الاخذ بنظام العقوبات البديلة في بعض الجرائم لمرحلة اولى لتطبيق فكره الاصلاح الجنائي وهذا هو جزء من منظومة اصلاحية واسعة للقانون الجنائي ودوره بالاصلاح .
ومن هذا الجانب الانساني للعقوبة التي يبغيها المشرع الجزائي هو مواكبة تطور السياسة الجنائية وملخصها التركيز بدلا من العقوبات الحبسية لغايات حجز الحرية فقط لتتجاوزها الى محاولة ادماج المحكوم عليه بالمجتمع واعادته الى جادة الصواب لاسباب كثيرة.
الاسباب المخففة التقديرية وهي حالة نص عليها التشريع الجزائي الاردني الا انه لم يذكر ما هي الحالات التي تدخل تحت معنى الاسباب المخففة التقديرية وبالتالي هي حالات ترك المشرع تحديدها للقاضي الجزائي ليحدد فيما اذا كانت واقعة محددة تشكل سبب مخفف تقديري يستعملها القاضي لتخفيض العقوبة ام لا.
بمعنى ان واقعة ما يمكن ان تشكل سببا مخففا تقديريا لشخص او وفي واقعة معينة ولا تشكل بنفس الوقت سببا مخففا تقديريا لواقعة او لشخص اخر.
بمعنى انها خيارا واجتهادا لمحكمة الموضوع الجزائية تقدر كل حالة على حده والسبب المخفف التقديري اما ان يكون متعلقا بالشخص نفسة او ان يكون متعلقا بالواقعة وظروف ارتكابها .
ما نريد ان تتوصل اليه محكمتنا ان الاسباب المخففة التقديرية لم ترد بالقانون على سبيل الحصر ولا على سبيل المثال بل هي وقائع يستنبطها القاضي لكل واقعة على حده.
وهي اذن استنباط قضائي وبالتالي فما استقر عليه القضاء استقرارا ثابتا فيه صفة الديمومة يمكن اعتباره حالة من حالات الاسباب المخففة التقديرية اما اعتبار القضاء بقرار او قرارين ودون الاستقرار الثابت عليها بالاحكام القضائية لا يمكن الركون الى ثلة من هذه الاحكام باعتبار اي واقعة او حالة شخصية سبب مخفف تقديري او عدم اعتباره سبب مخفف تقديري لان الاجتهاد القضائي للمحكمة الاعلة يكون مؤنسا لدرجة الالتزام في تفسير القانون وتطبيقه وليس في استنباط الوقائع المادية واعتبارها القانوني.
وعودة على واقعة الدعوى وبالتأسيس على ما اسلفناه فان محكمة بداية الجزاء المشكلة كمحكمة جنايات صغرى والتي اعتبرت الاعتراف الذي أدلى به المستأنف ضده يشكل سببا مخففا تقديريا هو ايضا مكان تقدير ونظر من محكمتنا وقد يعني الاعتراف الاختياري امام المحكمة الجزائية دلالة على التوبة والندم وعدم العودة الى ارتكاب وهذا بحد ذاته غاية المشرع الذي يتبنى فكرة ادماج المحكوم عليه بالمجتمع وابعاده عن الجريمة بعد شعوره بالندم وقد يكون الاعتراف من شخص آخر مكرر للجنايات استثهار بالعقوبة وطريق لتخفيفها فقط دون التفكير الجدي بالعودة عن الجريمة.
ومحكمتنا وحيث انها تميل بقضاءها الى فكرة الاصلاح الجنائي واعطاء الفرصة للجاني في ان يراجع تصرفاته من خلال عدم التشدد في تطبيق العقوبة، وان محكمتنا لا تشترط وجود المصالحة للاخذ بالاسباب المخففة التقديرية في هذه القضية للاسباب التي اوضحناها اعلاه.
لذلك بناءا على ما تقدم فان محكمتنا تعتبر ولباقي ظروف الواقعة الجرمية والشخصية للمحكوم عليه وكونه لم يثبت انه مكرر بالمعنى التكرار الجرمي فانها ترى ان الاعتراف الذي ادلى به المحكوم عليه يعتبر سببا مخففا تقديريا.
قرار صادر عن محكمة إستئناف إربد / جزاء رقم (2018/10341).
وحيث ان فعل المتهم المتمثل بقيامه بضرب المجني عليه بعصا على فروة رأسه افقدته الوعي ادت الى جرح تهتكي في فروة الرأس ونزف داخلي وان الاصابة شكلت خطورة على حياة المجني عليه وانه ولوجود اسباب لا دخل لارادة المتهم بها لم تتحقق النتيجة المرجوة من فعلته والمتمثلة بالعناية الالهية والتداخل الجراحي.
هذه الافعال من جانب المتهم تشكل جناية الشروع بالقتل بحدود المادتين 326 و70 من قانون العقوبات.
وحيث أن أفعال المتهم والمتمثلة بقيامه بدهس المتوفي أثناء قيامه بقطع الشارع وذلك أثناء قيادة المتهم للبكب الذي قام بسرقته وبسبب عدم اعطائه الأولوية لمرور المشاة وسيره باتجاه عكس السير في شارع مفصول بجزيرة وسطية مما أدى الى وفاة المجني عليه على الفور متأثراً بالإصابات المتعددة الناجمة عن دهسه من قبل المركبة التي كان يقودها المتهم مما يتعين ادانته بجنحة التسبب بالوفاة خلافاً لأحكام المادة 42 من قانون السير.
وحيث أن نية القتل غير متوفرة كما أن المتهم وان كان قد دفع المغدور إلى الماء بإرادته إلا أنه لم يكن يتوقع غرقه لسبق سباحته بالماء ولأنه ورفيقه يعرفون السباحة بهذه القناة مما جعل إحتمال غرقه بحضورهم بعيداً ولذا فإن ما قام به في هذه الحالة لا يغدو أن يكون عدم إحتراز منه مما يشكل التسبب بالوفاة من غير قصد خلافاً للمادة 343 من قانون العقوبات وهو ما توصلت إليه محكمة الموضوع وعليه يكون قرارها موافقاً للقانون.