إذا كانت المسؤولية التأديبية تقترب من المسؤولية الجنائية في بعض الجوانب، وتختلف في بعضها، وأن الإفلات من العقاب الجنائي لا يؤدي حتما إلى الإفلات من العقوبة التأديبية، كما أن أثر الحكم الجنائي لا يحول دون مساءلة الموظف أو العامل تأديبيا، فإن كلا من الفقه والقضاء التأدیبي قد استقرا على استقلال مبدأ المسؤولية الجنائية عن التأديبية، وأن تحريك أي من المسؤوليتين لا يمنع في الأصل تحريك المسؤولية الأخرى، غير أن المخالفة التأديبية لا تقوم إلا إذا توافرت أركانها، والمحكمة لما تبين لها أن الإدارة استندت في متابعتها التأديبية للمطلوب في النقض إلى نفس الأسباب التي سبق للقضاء أن أعلن برائته منها، واعتبرت قرارها مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة، فضلا أنه لم يتبين من واقع الملف أن الموظف قام بعمل يخرج عن مقتضی الواجب في أعمال وظيفته، أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بما يبرر جزاءه تأديبيا، تكون قد بنت قضاءها على أساس، وعللت قرارها تعليلا كافيا.