إن تنفيذ الأحكام الجزائية قانوناَ أمر منوط بالنيابة العامة وحدها دون غيرها , لذا فهي الجهة المختصة ابتداء ببحث مدى شمول العقوبة بالتقادم , غير أن ما تتخذه بهذا الشأن لا يعتبر نهائياَ , لأن النيابة العامة ليست جهة قضائية فاصلة في أساس النزاع , وإنما يعود هذا الأمر بصورة نهائية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم , باعتبار أن التقادم إحدى الصعوبات التي تواجه التنفيذ , وهذه الصعوبة ظهرت في طريق تنفيذ الحكم , والبت في هذه الصعوبات يعود إلى المحكمة , وبالتالي يعتبر ما تتخذه النيابة العامة بشأن التقادم خاضعاَ للتظلم منه أمام المحكمة التي تبت فيه بعد دعوة الطرفين بقرار يخضع للطعن فيه بطرق الطعن المقررة للطعن بالحكم الأصلي. وهذا المبدأ القانوني استقر عليه الاجتهاد , فقد قضت محكمة النقض اللبنانية ( الغرفة الجزائية الخامسة ) في قرارها رقم ( 20 ) تاريخ 25 / 1 / 1973 بأنه ولئن يكن قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني ما يزال خلواَ من نص يعين المرجع الصالح للبت في الخلافات الناشئة عن تطبيق أحكام مرور الزمن على العقوبات ( وهو الأمر نفسه بالنسبة للتشريع السوري ) إلا أنه أضحى من المبادئ العلمية المسلم بها في تفسير التشريع المماثل للتشريع اللبناني , أن النيابة العامة هي المرجع الصالح لتطبيق أحكام مرور الزمن من جهة , وأنه يعود لمحكمة الأساس التي أصدرت الحكم من جهة أخرى , أمر البت في جميع الخلافات الناشئة عن إمكانية استفادة محكوم من عفو عام أو عدم استفادته منه , وكذلك أمر البت بجميع الخلافات الناشئة عن تطبيق أحكام مرور الزمن , مما يتعين معه تماشياَ مع هذه المبادئ القانونية أن يستحصل المحكوم عليه على قرار من النيابة العامة بشأن طلبه اسقاط العقوبة الصادرة بحقه بمفعول مرور الزمن , وبالتالي ينبغي تقرير عدم صلاحية المحكمة للنظر في الطلب قبل صدور قرار النيابة العامة بهذا الشأن.
[ مجموعة عالية – اجتهادات محكمة التمييز الجزائية لعامي ( 1972 – 1973 ) الجزء الثالث الصفحة ( 308 ) البند ( 750 – 751 ].
وهو نفس الأمر الذي ذهب إليه الاجتهاد الفرنسي أيضاَ ( محكمة النقض في 31 / 1 / 1952 النشرة الجنائية البند ( 30 ) الصفحة ( 46 ) دالوز الأسبوعي ( 1953 ) الصفحة ( 234 ) وكذلك في 20 / 3 / 1952 مجلة الحقوق الجزائية لعام ( 1952 ) وقد صدرت هذه القرارات في معرض صعوبات تتعلق بالعفو العام , وهو الأمر ذاته بالنسبة للتقادم لأنه لا يعدو أن يكون من الصعوبات التي نهضت في وجه تنفيذ العقوبة , كما نهض قانون العفو العام. ___________________________________ .
مقالة للقاضي المرحوم الاستاذ نصرت منلا حيدر – رئيس المحكمة الدستورية في سورية. المحامون الأعداد ( 9 – 10 – 11 – 12 ) لعام ( 1979 ) الصفحتان ( 246 – 247 ) بتصرف بسيط جداَ. ______________________________________ .