جريمة اغتيال الشخصية | محامي | عمان الأردن
جريمة اغتيال الشخصية:
تجنباً للإطالة سأفرغ هذا الموضوع في مقالين، يتمثل أولهما في عرض الأحكام القانونية لجريمة اغتيال الشخصية، في حين يتمثل ثانيهما في واحد من بين أبرز أوجه الدفاع ضد جريمة اغتيال الشخصية.
إن التصدي لجريمة اغتيال الشخصية المنصوص عليها في المادة (16) من قانون الجرائم الإلكترونية الذي أصبح ساري المفعول من منتصف ليلة 2023/9/12 يتطلب تثبيت المادة المنوه عنها أعلاه في قولها:
– كل من أشاع أو عزا أو نسب قصداً دون وجه حق إلى أحد الأشخاص أو ساهم في ذلك،
عن طريق الشبكة المعلوماتية أو تقنية المعلومات أو نظام المعلومات أو الموقع الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي أفعالاً من شأنها اغتيال الشخصية،
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 5000 دينار ولا تزيد على 20000 دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.
قبل الخوض في الموضوع، لا بد من التفرقة بين اغتيال الشخص واغتيال الشخصية، كما سأبين لاحقاً.
فاغتيال الشخص يعني قتله، ويعني قتله الاعتداء على حقه في حياته التي تترتب عليه وفاته.
ويتبين من هذا التعريف أن اغتيال الشخص وقتله تعبيران متعددان لمعنى واحد.
أقرب محامي
وتفيد الدراسات أيضاً أن الاغتيال يختلف عن القتل في الأعم الأغلب من الأحوال بالطريقة التي يتم فيها.
إذ يتم الاغتيال في الأغلب من الأحوال بخديعة المجني عليه كإعطاء السم على أنه دواء، أو بمفاجأته، أو بأخذه على حين غرة، وفي الإجمال بطريقة لم يكن يتوقعها المجني عليه.
حيث يأتيه الموت من حيث لا يحتسب، والجدير بالذكر أن مصطلح الاغتيال أيضاً ينصرف إلى القتل الواقع على السياسيين.
وفي الختام، فإن قتل الشخص أو اغتياله يعني اعتداء على أهم حق من حقوق الإنسان.
وهو حق المجني عليه في حياته، فحقه هذا يشكل شرط تمتعه بما عداه من الحقوق الأخرى، فهو شرط وجوده الطبيعي وشرط مساهمته في بناء كيان المجتمع ووجوده.
ويليه في الأهمية، الحق في سلامة الجسم أو الجسد باعتباره الشرط الأساسي لاستطاعة ممارسة نشاطه الاجتماعي العادي والإسهام في ازدهار المجتمع وتقدمه.
أفضل محامي في عمان الأردن
وهناك نوع ثالث من الحقوق، وهو الحق في صيانة عرض الشخص وشرفه واعتباره وما اتصل بقيمته وكرامته ومكانته الاجتماعية لتسود في المجتمع مجموعة من القيم الأخلاقية والاجتماعية.
الظاهر أن القوانين العقابية قد أخذت هذا التدرج بعين الاعتبار في شدة الجريمة ورتبت عليه الجسامة أو القسوة في العقاب.
ففرضت عقوبة الإعدام أو الأشغال أو الاعتقال على جرائم القتل المقصود أكانت عقوبة الأشغال أو الاعتقال مؤبدة أم مؤقتة.
وفرضت عقوبة أقل جسامة في الاعتداء على حق الإنسان في سلامة جسده.
إلى أن انتهى الأمر بفرض عقوبات أقل جسامة على الجرائم التي تخص الشرف والاعتبار ممثلة في جرائم الشرف والاعتبار وما في حكمها.
عودٌ على بدء، أقول أن المادة (16) من قانون الجرائم الإلكترونية التي جرَّمت اغتيال الشخصية وأوجبت أن تتوافر فيها الأحكام القانونية التالية:
أولاً: الركن المادي:
تتناوب على تكوين الركن المادي في هذه الجريمة أفعال الإشاعة أو العزو أو النسب (الإسناد) بمعانيها اللغوية والقانونية.
وهي تعبيرات تفصح عن معنى فحواه نسبة واقعة إلى شخص معين، وهذه التعبيرات تعني الكشف عما يدور في الذهن كي يعلم به الغير، فهي وسائل لنقل الفكر من شخص إلى آخر أو من جهة إلى أخرى.
كما أن المشرع قد أوجب القيام بالأفعال أو المساهمة بها من خلال إحدى الطرق التالية، وهي:
أ- الشبكة المعلوماتية: مفهومة على أنها ارتباط بين أكثر من نظام معلومات لإتاحة البيانات والمعلومات والحصول عليها.
ب- تقنية المعلومات: مفهومة على أنها كل أشكال تسيير أنظمة المعلومات التي تعتمد على الحواسيب أو الهواتف الخلوية أو البرمجيات أو أوامر برمجية أو أية أجهزة إلكترونية أخرى، لتحويل أو تخزين أو حماية أو معالجة أو إرسال أو استرجاع، أو إدارة، أو تبادل للمعلومات أو البيانات، وأية وسيلة أخرى تحقق الغاية ذاتها.
ج- نظام المعلومات: مفهوماً على أنه مجموعة البرامج والأدوات المعدة لإنشاء البيانات أو المعلومات إلكترونياً، أو إرسالها أو تسلمها أو معالجتها أو تخزينها أو إدارتها، أو عرضها بالوسائل الإلكترونية.
د- الموقع الإلكتروني: مفهوماً على أنه حيز لإتاحة المعلومات على الشبكة المعلوماتية من خلال عنوان محدد.
ه- منصات التواصل الاجتماعي: مفهومة على انها كل مساحة إلكترونية تتيح للمستخدمين إنشاء حساب أو صفحة أو مجموعة أو قناة أو ما يماثلها، يقوم المستخدم من خلالها بنشر أو إرسال أو استقبال الصور أو الفيديوهات أو التعليقات أو الكتابة، أو الأرقام أو الرموز أو التسجيلات الصوتية.
وقد أراد المشرع من وراء كل ذلك ما يلي:
أ- العمل على اتساع نطاق التجريم والعقاب.
ب- العمل على اتساع نطاق الاطلاع على أفعال اغتيال الشخصية من قبل أكبر قدر ممكن من الجمهور.
ج- فهم تلك الأفعال في مدلول واسع.
د- اتساع وسائل التعبير أكانت بالقول أو بالكتابة أو مجرد الإشارة.
أفضل محامي في عمان الأردن
ويفهم من تعدد هذه الطرق أن المشرع قد أراد فهمها في مدلول متسع، فتستوي وسائل التعبير أكانت القول أم الكتابة أم مجرد الإشارة.
كما تستوي أساليب التعبير أكانت نسبة الواقعة إلى المجني عليه على سبيل اليقين أم على سبيل الشكل، أكانت تصريحاً أم على وجه ضمني، أكانت سرداً لمعلومات شخصية أم مجرد نقل عن الغير، فتقوم جريمة اغتيال الشخصية بالأفعال المنصوص عليها في مقتضى المادة (16) من القانون، فهي تعني جميعاً إعطاء أفعال الاغتيال معنى العلانية.
وهذه الطرق المستخدمة بواسطتها أفعال الاغتيال من إشاعة أو عزو أو إسناد هي طرق علمية حديثة من وسائل التواصل الاجتماعي.
ولا يشترط لقيام الجريمة أن يتم إطلاع المرسلة إليهم الرسائل الاطلاع عليها وإنما يكفي أن تكون عرضة للاطلاع عليها، فالاطلاع عليها مفترض.
ولا فرق بين أن يكون استخدام أدوات الكتابة أو الكلام -أي النطق.
هل جريمة اغتيال الشخصية جريمة ضرر أم جريمة خطر؟
إجابة على هذا السؤال نلاحظ بأن المشرع لم يشترط وقوع نتيجة ضارة لقيام هذه الجرائم.
فالجريمة تتحقق حتى ولو لم تحقق أفعالها أهدافها، فيكفي أن يكون من شأن الأفعال اغتيال الشخصية، حتى ولو لم يتحقق الاغتيال على أرض الواقع، فمناط التجريم هو الخطر وليس تحقق الضرر.
وتبعاً لذلك، لا مجال للحديث عن علاقة السببية في هذا المقام، فعلاقة السببية لا تبحث إلا إذا كانت الأفعال التي تتناوب على تكوين الركن المادي قد حققت النتيجة الجرمية.
ثانياً: الركن المعنوي:
يتطلب المشرع أولاً أن تكون صورة الركن المعنوي في هذه الجريمة صورة القصد الجرمي العام.
أي يجب أن تكون قد ارتكبت من قبل الجاني عن علم وإرادة، فلا مجال لارتكابها عن طريق الخطأ في صوره المتعددة المتمثلة بالإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة.
ومن المسلم به قانوناً أنه يتعين على النيابة العامة إثبات أركان هذه الجريمة وعناصرها لأن قرينة البراءة توقع على عاتق النيابة العامة إثبات كل ما تقدم من أركان وعناصر.
فلا مجال للافتراض في قانون العقوبات إلا إذا نص المشرع الجزائي على ذلك.
وليس أدل على صواب ما أقول به ما نصت عليه المادة (91) من قانون العقوبات في قولها:
“يفترض في كل إنسان بأنه سليم العقل، أو بأنه كان سليم العقل حين ارتكاب الجريمة حتى يثبت العكس”.
كما أنه لا مجال للافتراض في قانون أصول المحاكمات الجزائية، فالمادة (151) من قانون أصول المحاكمات الجزائية اشترطت لغايات القوة الثبوتية للقيود المنظمة من قبل الضابطة العدلية الشروط التالية:
أ- أن يكون قد نظم ضمن حدود اختصاص الموظف وأثناء قيامه بمهام وظيفته.
ب- أن يكون الموظف قد شهد الواقعة بنفسه.
ج- أن يكون الضبط صحيحاً في الشكل.
محامي في عمان الأردن
أما بقية الضبوط الأخرى فتكون جميعها كمعلومات عادية.
لكن توافر القصد العام لا يكفي لقيام هذه الجريمة، فلا بد من توافر القصد الخاص لغايات تحققها.
إذ يشترط أن يكون الفاعل عالماً أن من شأن أفعاله اغتيال شخصية المغتال، أو مدركاً من شأن أفعاله اغتيال تلك الشخصية التي قد تكون شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً.
أما إذا أقام الفاعل البينة على أنه كان يجهل ذلك فلا مسؤولية ولا عقاب.
ثالثاً: لا مجال لتحريك دعوى الحق العام في هذه الجريمة من قبل النيابة العامة إلا بناء على شكوى من قبل المشتكي:
بحيث لا يشترط أن تكون الشكوى مشفوعة بالادعاء بالحق الشخصي.
خلافاً لما هو عليه الحال بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (15) المتعلقة بالإرسال قصداً أو بإعادة إرسال أو نشر أي معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو تقنية المعلومات أو نظام المعلومات أو الموقع الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي تنطوي على أخبار كاذبة تستهدف الأمن الوطني والسلم المجتمعي.
حيث تلاحق هذه الجرائم من قبل النيابة العامة دون الحاجة إلى تقديم شكوى أو ادعاء بالحق الشخصي إذا كانت موجهة إلى إحدى السلطات في الدولة أو الهيئات الرسمية أو الإدارات العامة.
رابعاً: المحكمة المختصة بنظر جيمة اغتيال الشخصية:
عود على بدء، بالنسبة لجريمة اغتيال الشخصية المنصوص عليها في المادة (16) من القانون، ينعقد اختصاص النظر في رؤية هذه الجريمة والحكم فيها لمحاكم الصلح تطبيقاً للمادة (3) من قانون محاكم الصلح رقم (23) لسنة 2017 في قولها:
“تختص محكمة الصلح بالنظر في المخالفات والجنح جميعها والتي لم يُعَيِّن القانون محاكم أخرى للنظر فيها”.
خامساً: العقوبة:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 5000 دينار ولا تزيد على 20000 دينار، أو بكلتا هاتين العقوبتين.
فالحبس أو الغرامة كعقوبتين لجريمة اغتيال الشخصية هي عقوبات لجرائم جنحوية.
حيث عرفت المادة (21) من قانون العقوبات الحبس الجنحوي بأنه:
“وضع المحكوم عليه في مراكز الإصلاح والتأهيل للمدة المحكوم بها”.
وهي تتراوح بين أسبوع وثلاث سنوات إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك في حين تتراوح مدة الحبس التكديري بمقتضى المادة (23) من قانون العقوبات بين 24 ساعة وأسبوع.
أما الغرامة التكديرية فتتراوح بمقتضى المادة (24) من ذات القانون بين خمسة دنانير وثلاثين دينار.
سادساً: طرق الطعن:
تستأنف الأحكام الصادرة عن محاكم الصلح في جريمة اغتيال الشخصية إلى محاكم البداية بصفتها الاستئنافية تطبيقاً للمادة (258) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 2016 في قولها:
“تنظر محاكم البداية بصفتها الاستئنافية في القضايا الجزائية التي من اختصاصها النظر فيها استئنافاً بمقتضى قانون محاكم الصلح أو بمقتضى أي قانون آخر تدقيقاً إلا إذا أقرت المحكمة بخلاف ذلك أو إذا طلب أحد الفريقين أن تجرى المحاكمة مرافعة ووافقت المحكمة على ذلك، ويكون حكمها قطعياً”.
رقم أقرب محامي
والجدير بالذكر أن قانون هيئة مكافحة الفساد رقم 13 لسنة 2016 قد جعل من أفعال اغتيال الشخصية إحدى مهام الهيئة بمقتضى أحد بنود المادة الرابعة منه.
ولكنه لم يقم بتجريم أفعال اغتيال الشخصية، كما لم يمنح الهيئة حق التحريات والتحقيقات فيما لو تم إخبارها كذباً أو كيدياً بوقوع أفعال اغتيال الشخصية وإحالتها تبعاً لذلك إلى السلطات القضائية المختصة.
أسوة بما يجوز لها فعله بخصوص جرائم الفساد. وهذا النص المتمثل في اغتيال الشخصية من مهام الهيئة هو نص أفلاطوني لا يقدم ولا يؤخر.
إذ المفترض أن يمنح القانون هيئة مكافحة الفساد حق التحري والتحقيق على الأقل حتى يصح أن يقال بأنها تمارس مهامها أسوة بما فعله بجرائم الفساد.
سابعاً: تقع جريمة اغتيال الشخصية على جميع الأشخاص طبيعيين كانوا أو معنويين:
أي لا يهم ما إذا كان الأشخاص المعنويون عامون أو خاصون، بمعنى آخر أعم وأشمل، إن هذه الجريمة قد تقع على إحدى السلطات العامة في الدولة أو الهيئات الرسمية أو الإدارات العامة.
كما قد تقع على الأشخاص الطبيعيين سواء أكانوا من الموظفين العاملين في إحدى إدارات الدولة أم كانوا من الأفراد العاديين.
والسبب في هذا التعميم أن نص التحريم في المادة (16) من قانون الجرائم الإلكترونية قد جاء مطلقاً، والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد ما يقيده.
ثامناً: يجب أن تكون جريمة اغتيال الشخصية قد ارتكبت بدون وجه حق:
فإذا كان كل ما ارتكبه الشخص نقداً تقررت عدم مسؤولية الفاعل كون ما يكون قد أقدم عليه من أفعال لا تشكل جرماً أو لا تستوجب عقاباً تطبيقاً للمادة (178) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
أود أن أشير إلى أنني كنت أتمنى على المشرع أن يكون قد قرر في نطاق المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية المتعلقة باغتيال الشخصية، الأفعال التي إن أسندت للمتهم، فإنها تشكل جريمة اغتيال الشخصية.
ولا يكون قد اقتصر على ذكر عبارة عامة تمثلت بالقول أفعالاً من شأنها…الخ، لأن هذه الوقائع تعد من بين أهم أركان جريمة الاغتيال.
إذ من المسلم به أن المشرع هو الذي يتولى تحديد أركان الجرائم وعناصرها تطبيقاً للمادة (3) من قانون العقوبات في قولها:
“لا جريمة إلا بنص، ولا يقضى بأي عقوبة أو تدبير لم ينص القانون عليهما حين اقتراف الجريمة، وتعتبر الجريمة تامة إذا تمت أفعال تنفيذها دون النظر إلى وقت حصول الجريمة”.
وليس أدل على صحة ما أقول، ما نصت عليه المادتان (188) و(190) من قانون العقوبات لدينا، هما اللتان حددتا الأفعال المرتكبة والمشكلة لجرائم الذم والقدح والتحقير.
إن من مخاطر عدم قيام المشرع بالتقيد بنص المادة (3) من قانون العقوبات، احتمال اختلاف الرأي بين القضاة، فما يراه قاض أن الواقعة المسندة للمجني عليه تشكل جريمة اغتيال الشخصية، قد يراه قاضٍ آخر من أن تلك الواقعة لا تشكل هذه الجريمة.
مكتب العبادي للمحاماة
التواصل معنا يكون من خلال موقعنا الالكتروني هذا، أو بواسطة الواتس آب،
أو من خلال الإتصال بنا هاتفيا على أرقام الهواتف التالية.
راسلنا من خلال البريد الالكتروني المدرج على موقعنا:
أقرب محامي
الأردن ، عمان ، العبدلي ، شارع الملك حسين، مجمع عقاركو التجاري، الطابق رقم 4، مكتب رقم 4.
تواصل معنا من خلال رقم هاتف مكتب العبادي للمحاماة:
رقم أقرب محامي
0798333357 / 0799999604 / 064922183.