يجوز اثبات التدليس والخديعة بسائر وسائل الاثبات وخاصة بالبينة الشخصية والقرائن، ويشترط في القرائن، ان تكون قوية ودقيقة ومتوافقة، ولما كان لا فرق في ذلك بين الاتفاقات على انواعها وبين سائر الصكوك القضائية التي تحمل تعهدات. غير انه لما كانت المحكمة لم تلاحظ في توصيفها واقعة التدليس المزعوم العناصر الجوهرية التي يتالف منها التدليس وما شرعته المادة (126) من القانون المدني التي اجازت ابطال العقود للتدليس اذا كانت الحيل التي لجا اليها احد المتعاقدين من الجسامة بحيث لولاها لما ابرم الطرف الثاني العقد، ولما كانت الاجتهادات المستمرة نبذت الاستدلالات البسيطة على التدليس واجمعت على ان تكون المناورات الخداعية والاجراءات غير الشرعية التي يقوم بها احد الفريقين المتنازعين في الدعوى قد اجبرت الفريق الاخر على ابرام العقد، وان هذا الخداع يجب ان يكون هو الاساس في افساد رضا الطرف الاخر واجباره على التعاقد لا ان يكتفي القاضي بالدلائل البسيطة التي تقوم على مجرد التوهم (تراجع الفقرات 225 وما يليها من بحث العقود والاتفاقات بصورة عامة من مجموعة دالوز العملية). ولما كان القاضي في حكمه لم يناقش كل ذلك بوجه من الوجوه ولم يفصح عن الاسس التي جعلته يستدل على توفر عناصر التدليس التي اشترطها الفقهاء من شل ارادة واجبار معنوي…. الخ، بل جاء قراره قاصرا على (ان المدعي قد حصر دفعه للايصال المبرز بالتدليس الجائز اثباته بالبينة الشخصية). وكان اهمال ذلك يعرض قراره للنقض.
استقر الاجتهاد على ان الاعتراف في القضايا الجنائية اثناء التحقيقات الاولية لا يكفي لاعتماده دليلا في الاثبات اذا عدل عنه من نسب اليه امام القضاء و اذا لم يقترن ذلك الاعتراف بادلة و قرائن اخرى تسانده و تؤيده. استقر الاجتهاد على انه لا بد لادانة حائز المادة المخدرة بقصد الاتجار من التحدث عن هذا القصد بشكل واضح و اقامة الدليل عليه بصورة مستقلة و ان تقام الادلة المقبولة على وجوده و ان تبني المحكمة قناعتها في ذلك على ادلة راسخة وان لا تكتفي بالاقوال الواردة في التحقيقات الاولية. التفات المحكمة عن اجابة الطلب بسماع البينة الشخصية يشكل هدرا لحق الدفاع المقدس الذي صانه و حماه الدستور و القانون و يوقع الهيئة الحاكمة بالخطا المهني الجسيم. ان متعاطي المخدر ينظر اليه بعين العطف والرحمة وحيث ان ما اعتمدت عليه محكمة الجنايات في حجب منحه اسباب التخفيف لاتنسجم مع هدف المشرع ومع الاجتهادات القضائية مما يستتبع نقض القرار.
ان صدور قرار الاتهام بجناية تعاطي الحشيش المخدر تاسيسا على اعترافات اولية امام المخابرات ماخوذة بالاكراه دون دليل يؤيدها ودون مصادرة المادة المخدرة بحوزة المدعى عليه يخالف الاجتهاد القضائي في ضرورة ضبط المادة المخدرة بحوزة المتعاطي وتحليلها ويتعين نقضه .
في جريمة تجارة المخدرات لا بد من قيام الفاعل ببيع المادة المخدرة للمشترين ، ولا يكفي للتجريم اعترافه الاولي الذي حصل نتيجة الشدة و العنف ، فلا بد من مصادرة المادة المخدرة .