هل تعلم أنه في نظرية الحوادث الطارئة ، ليس للقاضي أن يقرر فسخ العقد ، لأن هذا لا يؤدئ إلى توزيع تبعة الحادث الطارئ على الطرفين ، بل إلى تحمل الدائن وحده تبعة هذا الحادث . وهنا لا يحق للمدين أن يطلب فسخ العقد ، وحقه محصور بالتعديل الذي يجريه القاضي . أما الدائن فمن حقه ذلك ، لأنه ليس مجبراً على تقبل تنفيذ العقد بعد التعديل الذي يجريه القاضي . كل هذا هو من النظام العام ، ولا يجوز الاتفاق على خلافه وقت التعاقد ، وحكمة التحريم هذه الغاية منها أن لا يتحكم الطرف القوي بالطرف الضعيف في العقد ، إنما يجوز للطرفين الاتفاق على خلافه بعد وقوع الحادث الطارئ لانتفاء شبهة الضغط من الطرف القوي على الطرف الضعيف في العقد ، وهذا فارق بين حالة القوة القاهرة والحادث الطارئ ، وعلة ذلك بالرغم من أن الحادث الطارئ ضرره أقل من القوة القاهرة ، أن الحادث الطارئ قليل الحدوث ، أما القوة القاهرة فكثيرة الحدوث ، وغالباً ما يحتاط المتعاقد القوي من أجل ذلك . وفي النهاية نجد أن الأساس القانوني لتطبيق هذه النظرية ، هو حكم تمليه قواعد العدالة .
نتيجة ظروف معينة قد يتوفى أشخاص يكون من المحتمل أن يحصل توارث فيما بينهم بسبب وجود روابط القرابة أو الزوجية أو سواه بينهم , بحيث يحصل ذلك دون أن نعلم منهم توفى قبل من , كأن يتوفى كامل أفراد إحدى العائلات في حادث سقوط طائرة أو في حادث غرق سفينة أو في حالة حرب أو في حالة حدوث زلازل مدمر ففي مثل هذه الحالات كيف يمكن لنا أن نوزع الإرث بينهم ؟
معلوم أنه قبل صدور قانون الأحوال الشخصية كانت الدولة العثمانية قد اتبعت أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية وذلك فيما يخص أغلب مسائل الأحوال الشخصية حيث كان المتبع في تلك الأيام في كل من الحكم والفتوى هو القول الراجح لدى اتباع المذهب الحنفي وكان ذلك مراعاة لكون أغلب سكان المنطقة من اتباع هذا المذهب .
والكتاب الأشهر في هذا المجال هو كتاب قدري باشا المعروف بكتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية فهذا الكتاب وفيما يخص موضوع البحث قد نص القانون على أنه لا توارث بين الغرقى والهدمى والحرفى إذا كانوا ممن يرث بعضهم بعضاَ لأنه لا يعلم أيهما مات أولاَ ويقسم مال كل منهم على ورثته الأحياء .
وعندما صدر قانون الأحوال الشخصية الأردني كان قد حافظ على هذا النهج حيث استمد أغلب أحكامه من القول الراجح لدى فقهاء الشريعة الإسلامية وتحديدا لدى فقهاء المذهب الحنفي .
وقانون الأحوال الشخصية فيما يخص الموضوع الذي نحن بصدد بحثه لم يبحث بما يجب من تفصيل في موضوع التوارث بين من ماتوا دون معرفة تاريخ وفاة كل منهم وإنما هو اكتفى بما تم بيانه في معرض بحثه العام في شروط الإرث وهذا النهج حصل بخلاف المذاهب الفقهية المعروفة التي كانت قد أشبعت هذا الموضوع بالبحث .
ومن حيث المبدأ نجد بأن أهم شرط من شروط التوارث بين الناس هو ثبوت وجود الوريث على قيد الحياة ساعة وفاة المورث وثبوت حياة الوريث عند وفاة المورث كما تكون حقيقة هي قد تكون تقديرا فالحياة حقيقة هي وجود الروح في البدن ولو كان ذلك في حالة الاحتضار وأما الحياة تقديراَ كحالة الجنين الذي يولد لمدة الحمل .
وعليه لا توارث بين الغرقى والهدمى والحرقى وفي العموم لا توارث بين الذين جُهل تاريخ وفاتهم ولكن إذا حصل وعُلم تاريخ وفاتهم ورث المتأخر المتقدم منهم إذا توفر فيه أحد أسباب الإرث وانتفت موانعه .
ومما لا خلاف فيه أن مثل هذه المشكلة إنما تثور عندما يتوفى اثنان أو أكثر ويكون بينهما سبب من أسباب الإرث كرابطة القرابة أو رابطة الزوجية دون أن نعلم منهما توفى قبل الآخر وإنما اعتبرا متوفيين معاَ حكماَ كأن توفيا في حادث سقوط طائرة أو في حادث غرق سفينة أو في حادث حريق مدمر أو في حالة حصول زلازل فهنا ومن الناحية القانونية والشرعية لا يرث أحدهما من الآخر لانتفاء شرط الإرث المتقدم وفي هذه الحالة يرث كلاَ منهما ورثته الآخرون وهذا الحكم يكون إذا لم يعلم وفاة الأول من وفاة الثاني ولكن إذا حصل وعُلم ذلك ورث الثاني الأول باتفاق الفقهاء ثم ورث الثاني ورثته الآخرون ولو كانت وفاته بعد وفاة الأول بثانية واحدة لتحقق شرط الإرث المذكور أعلاه .
وفي هذا الخصوص نجد بأن مواد قانون الأحوال الشخصية قد نصت على أنه يجب لاستحقاق الإرث تحقق حياة الوارث وقت موت المورث أو وقت الحكم باعتباره ميتا .
وعليه يُفهم مما سبق أن قانون الأحوال الشخصية اشترط لأجل التوريث أن يكون الوريث على قيد الحياة ساعة وفاة المورث وذلك يكون حقيقة أو تقديرا فالحياة حقيقة هي حالة وجود الروح في بدن الوريث ساعة وفاة المورث والحياة تقديرا هي اعتبار الوريث على قيد الحياة ساعة وفاة المورث كأن يكون مفقودا أو غائبا دون أن يكون قد صدر حكم قضائي باعتباره ميتا ساعة وفاة المورث .
وقانون الأحوال الشخصية نص على أنه إذا مات اثنان ولم يعلم أيهما مات أولا فلا استحقاق لأحدهما في تركة الآخر سواء أكان موتهما في حادث واحد أم لا . وعليه أحد شروط التوريث هو ثبوت حياة الوريث ساعة وفاة المورث وهذا الثبوت يكون حقيقة أو قد يكون تقديرا فإذا لم يثبت ذلك فلا توارث بين الاثنين وهذا رأي كل من الشرع الإسلامي وقانون الأحوال الشخصية الذي كما هو معلوم كان قد استمد أحكامه من الشريعة الإسلامية . ____________________________________ .
المراجع : ________ .
١ ) كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لقدري باشا. ٢ ) الأحوال الشخصية للدكتور أحمد الحجي كردي.
مما يُلاحظ أن التشريعات العربية وعندما اتجهت إلى الأخذ بمفاعيل نظرية الظروف الطارئة هي كانت قد أوردت نصا عاما بخصوص تطبيق هذه النظرية فهي لم تأت على تحديد العقود التي من الممكن أن نطبق أحكام هذه النظرية عليها .
وهي في هذا الخصوص وعند وضع النص الخاص بهذه النظرية كانت قد وجدت نفسها أمام طريقين الطريق الأولى هي الطريق التي كان قد سلكها المشرع البولوني في المادة ( 269 ) حيث سكت فيها عن تحديد هذه العقود .
والطريق الثانية هي الطريق التي كان قد سلكها المشرع الإيطالي في المادة ( 1467 ) فهو لأجل ذلك كان قد ذكر بأن هذه العقود هي العقود ذات التنفيذ المستمر أو التنفيذ الدوري أو التنفيذ المؤجل .
وبالاستناد إلى ذلك نجد أن المشرع العربي ومنه المشرع السوري , قد آثر اتباع الطريق الثانية بدليل ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ( 148 ) من القانون المدني السوري .
غير أنه يُلاحظ أن هذه النظرية ومن حيث المبدأ تفترض لتطبيق أحكامها أن حادثاَ وقع بعد قيام العقد وقبل تنفيذه وأن هذا الحادث قد أدى إلى اختلال التوزان الاقتصادي الذي كان موجوداَ وقت الانعقاد ومقتضى هذا أن تكون هناك فترة زمنية تفصل بين انعقاد العقد وبين تنفيذه .
وعليه فإن العقود التي تنطبق عليها هذه النظرية مفروض فيها على الأقل وبحسب الأصل أن تكون متراخية التنفيذ وهذه هي عقود المدة سواء أكانت ذات تنفيذ مستمر كعقد الإيجار أو كانت ذات تنفيذ دوري كعقد التوريد والعقود الفورية ذات التنفيذ المؤجل وهذا هو الإحصاء الذي كان قد ذكره المشرع الإيطالي .
ولما كان المشرع العربي قد سكت عن هذا التحديد متبعاَ مسلك المشرع البولوني فأنه من الممكن أن نضيف إلى هذه الطائفة من العقود صورة يندر وقوعها من الناحية العملية وإن كان هذا ليس مستحيلاَ فإن كان العقد فورياَ وغير مؤجل التنفيذ وحصل أن وقع حادث استثنائي عقب انعقاده مباشرة فأنه يصح أن تنطبق هذه النظرية عليه وفق ما قال الدكتور السنهوري في الفقرة ( 420 ) من الجزء الأول من كتابه الوسيط في شرح القانون المدني الجديد .
إلا أن حظ هذه الصورة من الناحية العملية ضئيل إلى الحد الذي يسمح لنا أن نقول إنه يشترط في العقد الذي تنطبق عليه النظرية أن يكون عقداَ متراخي التنفيذ .
والمقصود بذلك أن يكون تراخي التنفيذ في العقد راجعاَ إلى طبيعة العقد كما هي الحال في عقد المدة أو أن يكون ذلك بمقتضى الاتفاق كما هي الحال في العقد الفوري الذي يجب أن ينفذ فور انعقاده ولكن تراخي تنفيذه كان بسبب قهري لا يد للمدين فيه أما إذا كان العقد واجب التنفيذ فوراَ ولكن تراخي تنفيذه كان بسبب خطأ من المدين فإن النظرية لا تنطبق عليه إذ في هذه الحالة يتحمل المدين تبعة تقصيره .
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه النظرية لا تنطبق على العقود الاحتمالية إذ هي بطبيعتها تعرض المتعاقد لكسب كبير أو لخسارة جسيمة . _____________________________________ .
نظرية العقد في قوانين البلاد العربية الدكتور عبد المنعم فرج الصده الصفحتان ( 482 – 483 ) بتصرف بسيط. _____________________________________ .
إذا ما توفرت شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة جاز للقاضي تبعاَ للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ، ويقع باطلاَ كل اتفاق على خلاف ذلك ومما لاشك فيه أن مثل هذه الصلاحية إنما تكون بالاستناد إلى نصوص القانون المدني الأردني .
وفي هذا الخصوص نجد بأن صلاحية القاضي في مثل هذه الحالات ليست بصلاحية مطلقة ، بل هي صلاحية مقيدة بشروط معينة ، فهو قد يرى أن الظروف لا تقتضي إنقاص الالتزام المرهق ولا زيادة الالتزام المقابل بل هي تقتضي وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارئ وقد يرى زيادة الالتزام المقابل وقد يرى إنقاص الالتزام المرهق .
لذلك نجد أن القاضي قد يرى وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارئ إذا كان الحادث وقتياَ يقدر له الزوال في وقت قصير مثل أن يتعهد مقاول بإقامة مبنى وترتفع أسعار بعض مواد البناء لحداث طارئ ، ارتفاعاَ فاحشاَ ولكنه ارتفاع يوشك أن يزول لقرب انفتاح باب الاستيراد فيوقف القاضي التزام المقاول بتسليم البناء في الموعد المتفق عليه حتى يتمكن المقاول من القيام بالتزامه دون إرهاق إذا لم يكن في هذا الموقف ضرر جسيم يلحق صاحب المبنى .
وقد يرى القاضي زيادة الالتزام المرهق وقد ضرب لذلك مثل في لجنة القانون المدني لمجلس الشيوخ بأن تعهد تاجر بتوريد ألف أردب من الشعير بسعر ستين قرشاَ للأردب فيرتفع السعر إلى أربعة جنيهات فيرفع القاضي السعر الوراد في العقد .
ولكن يُلاحظ هنا أمران الأمر الأول أن القاضي لا يرفع السعر الوراد في العقد إلى أربعة جنيهات وإلا كان في ذلك تحميل للطرف الآخر ليس فحسب تبعة الارتفاع الفاحش للأسعار بأكمله بل أيضاَ تبعة الارتفاع المألوف والأصل أن الارتفاع المألوف للأسعار يتحمله المدين كما يتحمل الدائن انخفاض الأسعار المألوف .
فإذا فرضنا في المثل الذي نحن بصدده أن الارتفاع المألوف في سعر الشعير هو عشرون قرشاَ وجب أن يتحمل المتعهد هذا المقدار دون أن يشترك معه فيه الطرف الآخر وما زاد على ذلك ويبلغ في مثلنا ثلاثمائة وعشرين قرشاَ هو ارتفاع غير مألوف يقسمه القاضي بين المتعاقدين حتى يتحمل كل منهما نصيبه في الخسارة غير المتوقعة فيصيب المتعهد منه مائة وستون قرشاَ ويرفع القاضي السعر ومقداره ستون قرشاَ بنصف الزيادة غير المألوفة ومقداره مائة وستون قرشاَ فيصل إلى مائتين وعشرين قرشاَ وعلى الطرف الآخر أن يدفع للتاجر هذا السعر المعدل بدلاَ من السعر المتفق عليه .
والأمر الثاني أن القاضي عندما يرفع السعر من ستين قرشاَ إلى مائتين وعشرين قرشاَ لا يفرض على الطرف الآخر أن يشتري بهذا السعر بل يخيره بين أن يشتري به أو أن يفسخ العقد فإذا اختار الفسخ كان هذا أصلح للمدين إذ يرتفع عن عاتقه كل أثر للحادث الطارئ .
وقد يرى القاضي إنقاص الالتزام المرهق مثل ذلك أن يتعهد تاجر بتوريد كميات كبيرة من السكر لمصنع من مصانع الحلوى بالتسعيرة الرسمية ثم يقل المتداول في السوق من السكر إلى حد كبير لحادث طارئ كحرب منعت استيراد السكر أو إغلاق بعض مصانع السكر أو نحو ذلك فيصبح من العسير على التاجر أن يُورد لمصنع الحلوى جميع الكميات المتفق عليها فيجوز في هذه الحالة للقاضي أن ينقص من هذه الكميات بالمقدار الذي يراه مناسباَ حتى يرد التزام التاجر إلى الحد المعقول فإذا فعل أصبح التاجر ملتزماَ بتوريد الكميات التي عينها القاضي لا أكثر وجرى حكم العقد بهذا التعديل بين الطرفين .
وتبعاَ لذلك يجوز لمصنع الحلوى أن يتقاضى الالتزام عيناَ أو تعويضاَ طبقاَ للقواعد العامة ويجوز له كذلك إذا امتنع التاجر عن تنفيذ التزامه المعدل أن يطلب فسخ العقد مع التعويض وإذا كان الالتزام المرهق ثمن مبيع جاز للقاضي إنقاصه أو إنقاص فوائده أو إسقاط هذه الفوائد أو مد الآجال التي تُدفع فيها .
ويُلاحظ في حالتي إنقاص الالتزام المرهق وزيادة الالتزام المقابل أن القاضي لا يرد الالتزام إلى الحد المعقول إلا بالنسبة إلى الحاضر ولا شأن له بالمستقبل لأنه غير معروف فقد يزول أثر الحادث الطارئ فيرجع العقد إلى ما كان عليه قبل التعديل وتعود له قوته الملزمة كاملة كما كان في الأصل . وإذا جاز للقاضي أن يوقف الالتزام المرهق أو أن ينقص منه أو أن يزيد في الالتزام المقابل فإنه لا يجوز له فسخ العقد ذلك أن النص لا يجعل له إلا أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول فالالتزام المرهق يبقى ولا ينقضي ولكن يُرد إلى الحد المعقول فتتوزع بذلك تبعة الحادث الطارئ بين المدين والدائن ولا يتحملها الدائن وحده بفسخ العقد .
ومما يُلاحظ على الجزاء الذي قرره التقنين المدني المصري الجديد على توفر شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة أنه بالرغم من مرونة هذا الجزاء أنه يعتبر من النظام العام فلا يجوز للمتعاقدين أن يتفقا مقدماَ على ما يخالفه .
وأخيراَ نجد بأن مهمة القاضي في توقيع هذا الجزاء المرن المترتب على توفر شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة هي مهمة تختلف عن مهمة القاضي المألوفة فهذه المهمة لا تقتصر على تفسير العقد بل هي مهمة تتجاوز ذلك لتصل إلى تعديل العقد .
_____________________________________ .
الدكتور عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجديد الجزء الأول – الصفحات من ( 725 ) إلى ( 729 ) بتصرف بسيط. _______________________________________ .
من الناحية القانونية تكتسب واقعة تحديد تاريخ انتهاء التصفية أهمية قانونية وعملية كبيرتين , لأنه بانتهاء التصفية تكون قد انتهت شخصية الشركة تماماً وتزول جميع الآثار القانونية المترتبة على الوجود السابق الذي كان لهذه الشركة.
والقانون لم يحدد أحكاماً صريحة لتحديد تاريخ انتهاء التصفية , لذلك نجد بأنه قد ظهرت آراء فقهية كثيرة بهذا الخصوص , فقال البعض بأن التصفية عملية تمهد لعملية قسمة أموال الشركة بين الشركاء , لذلك قالوا بأن التصفية تنتهي بمجرد تقديم المصفي الحساب النهائي والمصادقة عليه من قبل الشركاء وحصول المصفي على المخالصة , أو على أبعد تقدير عند إجراء القسمة النهائية لصافي موجودات الشركة بين الشركاء , لأنه بموجب هذه الواقعة تكون قد فقدت الأموال صفة كونها من الأموال المشتركة , وتصبح أموالاً خاصة بالشركاء , وهي بذلك تدخل في نصيب كل واحد منهم , وبالتالي يفقد دائنو الشركة حق الأفضلية عليها.
في حين رأى البعض الآخر والذين يعتبرون بأن عملية التصفية على الأخص تهدف إلى حماية حقوق ومصلحة دائني الشركة , أنه يجب التفريق في هذا الأمر , ففي العلاقة بين الشركاء يتوقف انتهاء التصفية على إرادة هؤلاء , وهي أمر يعود استخلاصه للمحاكم عند الحاجة , فهنا تعد التصفية منتهية عند تقديم الحساب النهائي وحصول المخالصة بين المصفي والشركاء , أما في العلاقة مع دائني الشركة , فلا تنتهي التصفية ولا تزول شخصية الشركة , إلا بتمام وفاء ديونها أو بمرور الزمن عليها , وبالاستناد إلى ذلك يظل الحق لدائني الشركة في التنفيذ على أموالها طالما أنها موجودة عيناً حتى بعد إجراء القسمة , ولكن المطالبة في هذه الحالة تجري بمواجهة الشركاء بعد إن زالت ذمة الشركة.
والقضاء يتجه إلى اعتماد الرأي الأول فيعتبر التصفية منتهية بتقديم المصفي الحساب النهائي ومصادقة الشركاء عليه ومنح الشركاء المصفي المخاصمة عن أعمال التصفية , أو أيضاً منذ إجراء القسمة النهائية لموجودات الشركة , فهنا يصبح دائنو الشركة مجرد دائنين للشركاء يتزاحمون مع دائني الشركاء الشخصيين.
وقد ذهب القضاء في بعض قراراته إلى إعطاء الحق لدائني الشركة الذين تظهر ديونهم بعد القسمة بالرجوع على الشركة معتبراً التصفية مفتوحة من جديد , بحيث يعتبر المصفي ممثلاً لها في هذه المطالبة.