كما هو معلوم مجلة الأحكام العدلية ولاحقها القرار رقم ( 3339 ) كان كل منهما يجيز بيع الوفاء , فيا ترى ما هو بيع الوفاء ؟؟؟؟. بحثت مجلة الأحكام العدلية بموجب المواد من ( 396 ) إلى ( 403 ) في بيع الوفاء , حيث بينت بشكل مختصر ومقتضب الأحكام الخاصة ببيع الوفاء. ولكن على خلاف ذلك يلاحظ أن القرار رقم ( 3339 ) الصادر بتاريخ 12 / 11 / 1930 كان وبداية من المادة ( 91 ) وحتى المادة ( 100) منه قد بحث في هذا النوع من البيوع , وذلك حصل بشيء من التفصيل هذا القرار بحث في بيع الوفاء في معرض بحثه في الرهونات , مما يعني أنه كان يعد بيع الوفاء إحدى أنواع الرهن العقاري المخصص لضمان الديون المالية. ولأجل ذلك نجد أن هذه المواد بداية من المادة ( 91 ) من هذا القرار بينت بيع الوفاء بأنه البيع الذي يكون محله عقاراَ على شريطة أن يحق للبائع في أي وقت كان , أو عند انتهاء المدة المعينة , أن يسترجع المبيع مقابل رد البدل , وأن يحق للشاري المطالبة باسترجاع البدل عند إرجاع الشيء المبيع. ثم تابعت المادة ( 92 ) منه فنصت على أن كل عقار قابل للبيع يكون قابلاَ للبيع بالوفاء , ويمكن أن يذكر في سند البيع أن البائع يداوم على اشغال العقار بصفته مستأجراَ [ وفي حال توفر مثل هذا الشرط , فإن البيع في مثل هذه الحالة , يكون إحدى معاملات بيع الوفاء , وهو بيع الاستغلال ]. أما المادة ( 93 ) منه فقد نصت على انه لا يجوز لا للشاري ولا للبائع في أثناء مدة العقد أن يتنازلا عن العقار , ولا أن يؤجراه , ولا أن يجريا عليه حقوقاَ عينية , بدون رضاهما المتبادل الصريح. كما نصت المادة ( 94 ) منه على أنه يمكن ان يشترط في العقد أن للشاري الحق في أن يستفيد من العقار استفادة مجانية أو أن ينتفع بقسم من غلته. أما المادة ( 95 ) منه فقد ألزمت الشاري بأن يعتني بصيانة العقار وإجراء التصليحات المفيدة له , مالم يكن ثمة اتفاق على خلاف ذلك , وله أن يخصم من غلى العقار المصاريف التي تنجم عن صيانة العقار وتصليحه , وإنه إذا استلم الشاري العقار أصبح مسؤولاَ تجاه البائع عن الغلة التي يجنيها , مالم يكن ثمة نص على خلاف ذلك , وتخصم كل سنة قيمة الغلة من أصل الدين , بعد إن يكون قد طرح منها عند الاقتضاء قيمة الغلة التي جمعها لحسابه الشخصي , وفقاَ للشروط المدرجة في الصك , وأن يكون قد خصم منها أيضاَ المصاريف التي انفقها على العقار. ووفق المادة ( 96 ) من هذا القرار يكون المشتري مسؤولاَ عن تلف العقار الذي هو باستلامه وعن ضرره وفق شروط حددها هذا القرار وفق التالي :
١ ) إن مقدر التلف أو الضرر يخصم من أصل الدين , فإذا كانت هذه القيمة توازي أو تفوق بدل المشتري , فسخ البيع حكماَ , ووجب على المشتري دفع ما زاد عن ذلك مالم يكن التلف أو الضرر قد نجما عن ظروف قاهرة.
٢ ) إذا تلف عقار مضمون ( مسوكر ) والمقصود عقار مؤمن عليه لدى شركة تأمين , أو تضرر فيخصص تعويض الضمان بصورة ممتازة لتسديد دين الدائن , ويستحق على المديون من الدين ما يوازي قيمة التعويض.
أما المادة ( 97 ) من القرار رقم ( 3339 ) فقد نصت على أنه عند وفاة المشتري أو البائع ينتقل حق فسخ البيع لورثتهما. في حين نصت المادة ( 98 ) منه على أن بيع الوفاء لا يتجزأ وإن قسم الدين فيما بين ورثة المشتري أو البائع. أما المادة ( 99 ) من القرار نصت على أنه لا يحق لدائني البائع في أثناء مدة العقد , كلها وقبل أن يدفعوا ثمن العقار للمشتري أن يستعملوا أي حق كان على هذا العقار. وأنهت المادة ( 100 ) من القرار البحث في بيع الوفاء بأن نصت على أنه إذا لم يرد البائع بدل البيع فيحق للدائن أن يطالب ببيع العقار ليستوفي من ثمنه دينه. وما يهمنا في الموضوع أنه وكما هو معلوم بتاريخ 18 / 5 / 1949 وبموجب المرسوم التشريعي رقم ( 84 ) كان قد صدر القانون المدني السوري , حيث اعتبر نافذاَ من تاريخ 15 / 6 / 1949 حيث ألغى مرسوم إصدار القانون المدني كل من مجلة الأحكام العدلية والقرار رقم ( 3339 ) الصادر بتاريخ 12 / 11 / 1930 كما هو اعتبر أي بيع وفاء باطل لمخالفته النظام العام , وكان ذلك لأسباب تتعلق باستغلال حاجة الناس لاستدانة المال لضروراتهم الحياتية. ولكن بالمقابل وتبعاَ لضرورة وأهمية مثل هذه المعاملات في الحياة الاقتصادية للناس , القانون المدني استعاض عن بيع الوفاء بمعاملات الرهن العقاري , وبالتالي من الناحية القانونية الرهن العقاري هو البديل الشرعي لبيع الوفاء , ومما يؤكد ذلك التشابه الكبير بين الأحكام القانونية التي نص عليها القانون المدني , في معرض بحثه في الرهن العقاري , مع الأحكام القانونية التي كانت فيما سبق تخص بيع الوفاء.
المبدأ يقول … إذا صادف أخر يوم لازم لتمام مدة التقادم ، يوم عطلة امتد الأجل حتى أول يوم عمل ، وندلل على ذلك بالتالي :
١ ) تُحسب مدة التقادم من منتصف الليل إلى منتصف الليل التالي ، ليكتمل اليوم ووفقاً للتقويم الميلادي ، ويقتضي ذلك عدم حساب اليوم الأول ويدخل في الحساب ، ما يتخلل هذه الأيام من مواسم أعياد ، وإذا كان التقادم لا يكتمل إلا بإنقضاء آخر يوم منه ، فإنه يقع صحيحاً ما يُتخذ من الإجراءات بشأن قطع التقادم في هذا اليوم ، فإن كان اليوم الأخير ، يوماً من أيام الأعياد أو المواسم ، فإن سريان التقادم يُوقف بالقوة القاهرة إلى اليوم التالي أو ألى أول يوم صالح لاتخاذ الإجراء.
المرجع : ________ .
الوسيط في شرح القانون المدني الجديد. الجزء الثالث للدكتور عبد الرزاق السنهوري الصفحة ( ١٠٥٧ ).
ومثله كذلك : ___________ .
المطول في شرح القانون المدني الجزء الخامس للمستشار أنور طلبه الصفحة ( ٥٤٤ ).
٢ ) ُتحتسب مدة التقادم ، أياً كانت ، بالأيام لا بالساعات ، ويتفرع على ذلك إن اليوم الأول لا يدخل في الحساب ، في حين يدخل فيه ما يُعرض خلال هذه المدة من أيام المواسم والأعياد ، وينبغي لاستكمال مدة التقادم أن ينقضي آخر يوم فيها ، ولذلك يقع صحيحاً ما يُتخذ من الإجراءات بشأن التقادم في هذا اليوم ، كإجراءات قطع المدة مثلاً ، وإذا وقع آخر أيام المدة في عطلة أو موسم لا يتيسر اتخاذ الإجراءات في خلالها ، كان ذلك من قبيل القوة القاهرة ، ووقف سريان التقادم .
المرجع : ________ .
المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني المصري. مشار إليها من قبل الدكتور السنهوري في هامش الصفحة ( ١٠٥٧ ) المذكورة أعلاه.
معلوم إنه ومن حيث المبدأ ، إن إقامة الدعوى قاطع للتقادم ، حتى ولو قُدمت الدعوى إلى محكمة غير مختصة ، ولكن من وجهة نظر فقهية ، إن مجرد إقامة الدعوى كإجراء ليس بقاطع للتقادم ، وإنما ما يقطع التقادم هو إقامة الدعوى وإجراء التبليغ ، التالي لقيد هذه الدعوى ، والمقصود بالتبليغ هو التبليغ إلى المدعى عليه ، المدين بالحق أو الالتزام ، فما يقطع التقادم ، هو علم المدين بالمطالبة التي قام بها المدعي الدائن ، وليس مجرد إجراء قيد الدعوى. وحقيقة لم أجد في سورية ، اجتهاد أو رأي فقهي ، يؤيد هذا الرأي ، ولكن وجدت ذلك في الاجتهاد القضائي المستقر في لبنان وفرنسا ، والذي نذكر منه التالي :
[ إذا أقيمت دعوى إبطال عقد لسبب ما ، ثم أقيمت دعوى أخرى لسبب آخر ، فإن الدعوى الأولى لا تقطع مرور الزمن ، لأن انقطاع مرور الزمن ، لا يمتد من دعوى إلى أخرى ، ولا من شخص إلى أخر ، ولا يستفيد منه إلا الذي يتذرع به ].
أستئناف شمال لبنان. رقم ( ٦١ ) في ٣ / ٢ / ١٩٦٠ م . ش . ج. جزء ( ٢٦ ) صفحة ( ٥٨ ).
وأكثر منه صراحة الاجتهاد التالي :
[ إن المطالبة لا يكون لها أثر لجهة قطع مرور الزمن مالم تُبلغ إلى المدين ].
استئناف جبل لبنان رقم ( ٣٣٦ ). في ٧ / ٦ / ١٩٥٥ م . ش . ج جزء ( ٢٦ ) صفحة ( ٥٤ ).
ومثله الاجتهاد التالي :
[ إن الدعوى الجزائية ضد مسبب الضرر ، لا تقطع مرور الزمن ، تجاه شركة الضمان ، التي ظلت غريبة عنها ، لأنه لا يمكن أن يُقطغ مرور الزمن ، تجاه شخص لا يعلم بالإجراءات المُتخذة لقطعه ، والموجهة أساساً ضد المتضرر الأساسي في دعوى جزائية ، كان مسبب الضرر فيها مدعى عليه ].
استئناف بيروت رقم ( ١٢٠٨ ). في ٣٠ / ٦ / ١٩٦٠ ن . ق . ل ١٩٦٠ صفحة ( ٥٧٥ ).
ومثله وبهذا المعنى نقض فرنسا. تاريخ ٥ / ٥ / ١٨٧٨. دالوز دوري ١٨٨٠ – ١ – ١٤٥. __________________________________ .
الاجتهاد منقول عن مؤلف جورج أنطاكي. [ التقادم المسقط ]. الصفحات ( ١٦٦ – ١٧٢ ). ______________________________________ .
معلوم إن القانون منح الشخصيات الاعتبارية حق التقاضي ، وعلى اعتبار إنه بات من حق هذه الشخصيات ممارسة حق الإدعاء ، بمواجهة الأخرين من الشخصيات ، طبيعية كانت أم اعتبارية ، كما بات من حق الغير الإدعاء على هذه الشخصيات. هكذا أمر تطلب أن يكون لهذه الشخصيات الاعتبارية ممثل قانوني يتولى التعبير عن إرادتها ، لكونها وبسبب طبيعتها لا تستطيع القيام بهذه المهمة. والممثل القانوني عادة ما يتم تحديده بصك إحداث أو إنشاء هذه الشخصيات ، فهو قد يكون رئيس مجلس إدارة أو مدير عام أو مدير تنفيذي أو سوى ذلك. والأصل أن تُقام الدعوى من أو على الشخصية الاعتبارية ، وليس على ممثلها القانوني ، ولكن وبالمقابل هذا الممثل القانوني ، هو من يتولى اختيار وكيل من المحامين ، لكي يمثل الشخصية التي هو في الأصل ممثلها ، وذلك في الدعوى التي تُقام من أو على الشخصية التي يمثلها. وعليه الدعوى التي تُقام على خلاف هذا المبدأ ، تكون غير مقبولة ، فيما إذا لم تُقام على الشخصية الصحيحة أو فيما إذا أقيمت من أو على من لا يمثل هذه الشخصيات الاعتبارية ، على اعتبار إن ذلك مما يتعلق بصحة التمثيل والذي هو من متعلقات النظام العام. وفي هذا الخصوص فإن قانون أصول المحاكمات أوجب على المحكمة في جميع الأحوال التثبت من صحة التمثيل ، ولكننا بتنا نلاحظ إن بعضاً ممن يمثل قانوناً هذه الشخصيات ، راح لا يتولى بنفسه تنظيم التوكيل القضائي للمحامين ، ممن يتولى تمثيل هذه الشخصيات في الدعاوى ، وإنما راح يفوض أشخاصاً أخرين لكي يتولوا تنظيم الوكالات القضائية ، فهل هذا الأمر مقبول من الناحية القانوتية ؟؟.
معلوم إن التفويض في بعض الصلاحيات هو أمر جائز ومعروف ، في دنيا الوظيفة الإدارية ، وهو أمر تتطلبه السرعة قي انجاز المعاملات والقضاء على الروتين الإداري ومن ذلك أن يفوض الوزير معاونه ببعض صلاحياته الإدارية ، كما قد يفوض المدير العام للشركة أو المؤسسة مدير إحدى الدوائر أو المعامل التابعة له ببعض الصلاحيات التي هي في الأصل له. ولكن وبما إن القانون وبنصوص خاصة ، حدد الممثل القانوني للشخصية الاعتبارية وهذا يعني ، وكما سلف ذكره إن الدعوى يجب أن تُقام على الشخصية الاعتبارية مممثلة بمن حدده القانون ، كممثل قانوني لهذه الشخصية ، وإلا ترتب العيب في صحة التمثيل في حالة مخالفة الإجراء لهذا المبدأ. وعليه ولما كان التوكيل في الخصومة من متطلبات إقامة الدعوى من أو على الشخصية الاعتبارية ، ولما كان القانون حدد الممثل القانوني للشخصية الاعتبارية الذي يكون على عاتقه ، ومن صلاحيته هو فقط ، مهمة التعبير عن إرادة الشخصية الاعتبارية ، على اعتبار إن الشخصية الاعتبارية لا تستطيع ، بسبب طبيعتها ، تولي هذه المهمة ، فإن من يجب أن يتولى تنظيم التوكيل هو الممثل القانوني للشخصية الاعتبارية. وبالتالي يغدو من غير المقبول من الناحية القانونية ، التفويض في هذه الصلاحية ، ذلك إن التفويض هو تنازل ونقل للصلاحية من الممثل القانوتي إلى شخص أخر ، وهكذا أمر في حال حصوله لا أساس له في القانون ، وهو مما يورث البطلان في صحة التمثيل ، ذلك إن القانون شرع مثل هذه الصلاحية القانونية ، وبموجب نصوص قانوتية للمثل القانوني فقط ، وهكذا صلاحية غير معلقة على إرادة الأفراد ، ولا يمكن التنازل عنها أو نقلها أو التفويض فيها ، ذلك إن التفويض مقتصر على بعض الصلاحيات الإدارية ، وبالتأكيد صلاحية التمثيل أمام المحاكم ، هي مسألة قانونية بحتة ، وهي ليست من جملة هذه الصلاحيات التي تقبل التفويض أو التنازل أو النقل إلى الغير.
الأصل والمبدأ أن يكون الإنسان , كل إنسان , مسؤولاَ عن تبعات ونتائج الأعمال التي تصدر عنه , وهذا ما يعرف بالمسؤولية الشخصية , والتي عناها القانون المدني بموجب نص المادة ( 164 ) منه والتي نصت على أن كل خطأ سبب ضرراَ للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض. ولكن القانون المدني , ولاعتبارات خاصة , في بعض الأحيان ، قد خرج عن هذا المبدأ , فجعل البعض مسؤولاَ عن أعمال غيره. والمسؤولية عن أعمال الغير ورد الحديث عنها في المواد ( 174 ) وما بعد من القانون المدني , فهذه المواد بحثت في نوعين من المسؤولية عن أعمال الغير , وهما مسؤولية الولي عن أعمال من هم تحت رعايته أو حراسته , ومسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه. ومصدر مسؤولية الولي عن أعمال من هم تحت رعايته أو حراسته , إما أن يكون القانون وإما أن يكون الاتفاق , وما يدعو لوجود مثل هذه الرقابة ، قد يكون بسبب قصر من يحتاج إليها أو بسبب حالته العقلية , أو بسبب حالته الجسمانية. وفي معرض بحث القانون المدتي في أحكام هذه المسؤولية ، هو أقامها على خطأ مفترض قابل لإثبات العكس , من جانب متولي الرقابة , وأساس هذا الخطأ هو بشكل خاص الإهمال في الإشراف والرعاية أو في العموم إساءة التربية والتأهيل , وبالتالي هو أعفى المضرور من إثبات الخطأ , وفي نفس الوقت الذي هو أعفى المضرور من واجب إثبات الخطأ ، هو أتاح المجال للمتولي للتحلل من هذه المسؤولية , وهذه المسؤولية تترتب على الولي حتى ولو كان من تسبب بالعمل الضار غير مميز. والقانون اعتبر القاصر في حاجة إلى مثل هذه الرقابة , مادام لم يبلغ الخمسة عشرة من عمره ، أو حتى إذا كان قد بلغها , ولكنه لازال يعيش في كنف وتحت رعاية القائم على تربيته , أما إذا كان قد بلغها ولم يعد يعيش في كنف من يرعاه , فيصبح مسؤولاَ عن أعماله. وهذه الرقابة قد تنتقل من الولي إلى معلم المدرسة أو المشرف عليها , كما قد تنتقل إلى معلم الصنعة أو الحرفة التي قد يتم وضع القاصر لديهما لتعلم صنعة أو حرفة , وهذه المسؤولية تبقى على المذكورين مادام القاصر تحت إشرافهم ورعايتهم. والقانون المدني عندما بحث في مسؤولية متولي الرقابة , هو قسمها إلى عدة مراحل مرحلة عدم التميز ومرحلة التميز والمرحلة التي يبلغ فيها القاصر الخمسة عشرة من عمره , وعدم عيشه في كنف أو رعاية وليه , وهو في بحثه هذا , كان قد مميز بين الآثار القانونية التي تترتب على هذه المرحل , فجعل الولي والمعلم والمشرف مسؤولاَ عن الأعمال الضارة التي تقع من جانب القاصر , حتى ولو كان غير مميز , وهو بذلك جعل هذه المسؤولية مسؤولية أصلية , ذلك أن غير المميز من حيث المبدأ هو غير مسؤول عن أعماله الضارة لانعدام التميز لديه أصلاً , وبالتالي هو غير مسرول ، وفق نص الفقرة الأولى من المادة ( 165 ) من القانون المدني , في حين جعل المسؤولية في المراحل الأخرى هي مسؤولية تبعية احتياطية. وبسبب نوع هذه المسؤولية خلال هذه المراحل , فإن القانون لا يجيز للولي الرجوع على مسبب الضرر , غير المميز , بما دفعه من تعويض للمضرور , لكون مسؤولية الولي عن أعمال من هو تحت رقابته ورعايته هي مسؤولية أصلية , في حين أن مسؤوليته عن أعمال المميز هي مسؤولية تبعية , لذلك هو أجاز له الرجوع على مسبب الضرر بما دفعه من تعويض للمضرور , ذلك وفق ما نصت عليه المادة ( 176 ) من القانون المدني. وعليه في حال ارتكب غير المميز خطأ سبب ضرراَ للغير , كان الولي مسؤولاَ أصلياَ عن تعويض الضرر , وما جاز الرجوع عليه بالتعويض , بعد بلوغع سن الرشد ، لا من قبل وليه , في حال دفعه التعويض للمضرور , ولا من قبل المضرور نفسه. أما إذا كان مسبب الضرر مميزاَ , فإنه يكون مسؤولاَ عن أعماله , ومسؤولية وليه عن هذه الأعمال هي مسؤولية تبعية اقتضها ضرورات متعددة , أهمها حاجة هذا المميز للرقابة والرعاية. وعليه إذا تسبب المميز بالضرر للغير , كان مسؤولاَ أصلياَ عن التعويض , لكونه مسؤولاَ عن أعماله الشخصية ، وكان وليه مسؤولاَ تبعياَ عن التعويض للمضرور , وبالتالي يحق له الرجوع عليه بما دفعه عنه من تعويض. وعليه لو ارتكب المميز خطأ سبب ضرراَ للغير , ولم يقم هذا الغير الدعوى على وليه لمطالبته بالتعويض , بل هو انتظر حتى بلوغ مسبب الضرر المميز سن الرشد , وأقام الدعوى عليه , كانت هذه الدعوى مقبولة , لكون هذا المميز في الأصل مسؤول مسؤولية شخصية عن أعماله الشخصية , وهذا يكون بخلاف ، فيما لو كان مسبب الضرر عديم التميز. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ . الدكتور عبد الرزاق السنهوري شرح القانون المدني الجديد – الجزء الأول – الصفحات ( 1121 ) وما بعد بتصرف. ____________________________________ .