من المبادئ القانونية المعروفة أنه لا يجوز توجيه اليمين على سبيل الاحتياط ، ولكن البعض يفهم هذا المبدأ بشكل مغلوط بعض الشيء ، فالاحتياط المقصود قد يكون على ثلاث حالات أحدها جائزة والباقي غير جائز .
في الحالة الأولى وهي الحالة الجائزة ، قد يقدم الخصم أدلة على صحة إدعائه ، فيفحصها القاضي ولا يقتنع بها ، فإذا عرف الخصم منه ذلك ، ينزل عما قدم من أدلة ، ويقتصر على توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه وهذا قطعاً ودون شك هو أمر جائز فيجوز للخصم أن يلتجأ إلى توجيه اليمين الحاسمة بعد تقديم العديد من الأدلة حتى أمام محكمة الاستئناف لا بل إنه يجوز له أن يطلب إعادة القضية إلى المرافعة لتوجيه اليمين الحاسمة .
والحالة الثانية وهي حالة غير جائزة فقد يوجه الخصم اليمين الحاسمة إلى خصمه ، ويقول إنه يوجهها ابتداء فإذا حلفها الخصم فإنه يحتفظ لنفسه بالحق في تقديم أدلة أخرى ، وهذا دون شك أمر غير جائز ، ذلك إنه متى ما حلف الخصم اليمين الحاسمة خسر من وجه اليمين الحاسمة الدعوى وبالتالي لا يُسمح له بالرجوع إلى هذه الدعوى على أية صورة كانت بل إن مجرد قبول من وجهت إليه اليمين الحاسمة بحلفها تمنع من وجه هذه اليمين من الرجوع في توجيهها ومن ثم هذا يمنعه من التقدم بأدلة أخرى .
والحالة الثالثة وهي أيضاً حالة غير جائزة ، فقد يقدم الخصم الأدلة على إدعائه ، ويقول إنه على سبيل الاحتياط ، وفي حالة ما إذا لم يقنع القاضي بهذه الأدلة ، يوجه يمينه الحاسمة إلى خصمه وهذا هو توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط ، وهي الحالة الدقيقة التي يجب أن نقف عندها قليلاً .
بادئ ذي بدء نذكر بأن الخصم قد يجد نفسه في حاجة إلى مثل هذا الاحتياط ، فقد يكون الحكم الذي يوشك أن يصدر في دعواه حكماً نهائياً بأن تكون الدعوى أمام محكمة الاستئناف أو إذا كان الحكم الذي سيصدر في الدعوى مما لا يجوز الاستئناف فيه ، وهو كان قد قدم في هذه الدعوى ما توفر لديه من أدلة ، وهو في شك من مبلغ اقتناع القاضي بها فيخشى إن هو ترك القاضي يفصل في الدعوى بحالتها هذه أن يصدر حكم نهائي برفضها فلا يستطيع بعد ذلك توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه ، لذلك لا يجد نفسه مضطراً لمثل هذا الاحتياط ، فيطلب في حالة ما إذا لم يقنع القاضي بالأدلة المقدمة ، أن تُعاد القضية إلى المرافعة لكي تتاح له الفرصة لتوجيه اليمين الحاسمة لخصمه .
ومما لا شك فيه أن مثل هذا الطلب هو طلب غير مقبول ، لأن طلبه إعادة القضية إلى المرافعة ليس بطلب منجزاً كما هو في الحالة الأولى ، بل هو طلب معلق على شرط عدم اقتناع القاضي بالأدلة التي قدمها ، ومن هنا جاءت القاعدة القانونية المعروفة التي تنص على أنه لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط ، لأن التكليف بحلف اليمين الحاسمة يفيد ترك ما عداها من أوجه الإثبات للمادة المراد الاستحلاف عليها ، لذلك فإن هذه الحالة تحمل على الحالة الثانية والتي هي حالة غير مقبولة قانوناً .
____________________________________ .
عبد الرحمن السنهوري – شرح القانون المدني الجديد – الصفحات من ( 534 ) إلى ( 537 ) بتصرف بسيط .
______________________________________ .
عرّفت مواد القانون أن الشيوع هو الحالة التي يملك فيها اثنان أو أكثر شيئا غير مفرزة حصة كل منهم فيه . أي إذا اختلف الشركاء في اقتسام المال الشائع ، فعلى من يُريد الخروج من الشيوع أن يُقيم الدعوى بذلك أمام لجنة إزالة الشيوع في دائرة الأراضي الموجودة في مكان المال الشائع . وفي سبيل قسمة المال الشائع إذا لم تمكن القسمة عينا ، أو كان من شأنها إحداث نقص كبير في قيمة المال المراد قسمته ، يُقرر القاضي بيع المال بالمزاد العلني بالطريق المبينة في قانون التنفيذ ، وتقتصر المزايدة على الشركاء ، إذا طلبوا هذا بالإجماع.
وعليه على الراغب بالخروج من حالة الشيوع ، في حالة عدم الاتفاق الرضائي على الخروج منها ، أن يُقيم الدعوى بذلك أمام لجان إزالة الشيوع ، وعادة ما كان يتم الخروج من الشيوع عن طريق بيع المال بالمزاد العلني .
وكان يحصل أن يكون المدعى عليه في دعوى إزالة الشيوع ، هو الشاغل للعقار المراد الخروج من حالة الشيوع في ملكيته ، فكان هذا المالك لا يترك وسيلة إلا ويلجأ إليها لعرقلة سير هذه الدعوى، من إدعاء فسخ تسجيل حصة المدعي أو سواه من دعاوى الغاية منها وقف السير في دعوى إزالة الشيوع ، وأحياناَ ما كان يذهب إلى أبعد من ذلك ، بأن يلجأ إلى إحداث إنشاءات جديدة في العقار مما يؤدي إلى التغيير في أوصاف العقار ، بهدف وقف دعوى إزالة الشيوع ، ذلك أن التعامل القضائي جرى على عدم بيع أي عقار بالمزاد العلني إذا كانت أوصاف هذا العقار على أرض الواقع مخالفة لما ورد في قيده العقار ، كل ذلك من باب المحافظة على حقوق المشتري عن طريق المزاد والذي يُفترض أنه يشتري بالاستناد إلى الأوصاف الواردة في القيد العقاري دونما مشاهدة حسية للعقار على أرض الواقع .
وأمام رغبة المشرع لتلافي مثل هذه الحالات ، والتي تؤدي إلى عرقلة مسعى الأفراد للخروج من حالة الشيوع ، حيث إذا حُكم ببيع العقار المشترك لعدم إمكان قسمته يجري بيعه بطريق المزايدة بناء على قائمة تتضمن شروط البيع يقرها رئيس التنفيذ ، كما وتُطبق على بيع العقار لعدم إمكان قسمته أو لاستيفاء حقوق الامتياز والتأمين والرهن المسجلة ، الأحكام المقررة للتنفيذ على العقار . وفيما يخص أوصاف العقار الذي سيجري بيعه بالمزاد العلني وأصافه نبين التالي :
– إذا تبين وجود اختلاف في أوصاف العقار بين الواقع و القيد العقاري فعلى مباشر الإجراءات أن يبرز من الجهات المختصة بيانا بقابلية العقار لتصحيح الأوصاف و في هذه الحالة يصدر رئيس التنفيذ قرارا بالتصحيح مع قرار الإحالة القطعية وذلك على نفقة المحال عليه . – أما إذا كان العقار غير قابل لتصحيح الأوصاف كلياً أو جزئياً فيُباع على وضعه الراهن .
وبالتالي في مثل هذه الحالات ، وفيما يخص الحالة موضوع البحث ، وسواء أكان التبديل في أوصاف العقار جرى بحسن أو سوء نية ، يجب علينا أن نفرق بين حالتين :
الأولى : ـــــــــ .
أن تكون الأوصاف قابلة للتصحيح ، وفي هذه الحالة يجب على مباشر الإجراءات أن يُبرز من الجهات المختصة ما يُفيد بقابلية هذه الأوصاف للتصحيح وهنا على رئيس التنفيذ أن يُضمن قرار الإحالة القطعية ما يُفيد بإجازة المحال عليه بتصحيح الأوصاف على نفقته الخاصة .
الثانية : ـــــــــ .
أن تكون الأوصاف غير قابلة للتصحيح ، كلياَ أو جزئياَ ، فهنا يُباع العقار على وضعه الراهن .
من المعلوم أنه في حال كان لأحدهم حقاً عينياً أو ديناً بذمة آخر ، قانون أصول المحاكمات المدنية , ولكي يضمن لهذا الدائن تحصيل دينه , هو أجاز له أن يمنع مدينه من تهريب أمواله , لذلك هو وبموجب المادة ( 314 ) وما بعد كان قد أجاز له أن يطلب إلقاء الحجز على أموال هذا المدين المنقولة وغير المنقولة. والقانون من باب التسهيل على هذا المدين , هو بموجب المادة ( 317 ) منه أجاز له التقدم بهذا الطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة , كطلب مستقل بمعزل عن دعوى الأساس أو الطلبات في أصل الحق , كما أجاز له بموجب المادة ( 318 ) منه أن يتقدم به كطلب تبعاً لطلباته في الأساس , فعندها ينظر في هذا الطلب قاضي الموضوع كقاضي أمور مستعجلة , وفي الحالتين مثل هذا الطلب ووفق المادة ( 320 ) من قانون أصول المحاكمات المدنية يصدر عن القاضي في غرفة المذاكرة دون أي تبليغ للمدعى عليه المحجوز عليه , سواء أكان قاضياً للأمور المستعجلة أم قاضياً للموضوع. وبمقابل ذلك كلنا يعلم بأن الفقرة الأولى من المادة ( 323 ) من قانون أصول المحاكمات المدنية أجازت للمحجوز عليه أن يطعن بقرار الحجز الاحتياطي , عن طريق دعوى مستقلة , يتقدم بها خلال ثمانية أيام تلي تاريخ تبلغه صورة عن قرار الحجز , إلى المحكمة التي قررت إلقاء الحجز , سواء أكانت محكمة الموضوع أم قاضي الأمور المستعجلة. ولكون القانون اوجب أن يصدر قرار الحجز في غرفة المذاكرة , ودون تبليغ للمدين المدعى عليه , سواء أكان صادراً عن قاضي الأمور المستعجلة ً أم عن قاضي الموضوع , لذلك نجد أن نفس القانون , ولهذا السبب كان قد أجاز للمحجوز عليه أن يطعن بهذا القرار. وعليه قد تكون هذه الإجازة هي من مخالفات القانون العثماني , فكما هو معلوم في ظل هذا القانون كان من الجائز صدور الأحكام بالصورة الغيابية , لذلك كان من المقبول الاعتراض على الأحكام الصادرة على هذه الصورة , وما يدلل على هذا الأمر نص المادة ( 39 ) من قانون البينات , فهذا النص لا زال فيه أثر مما يدلل على مثل هذا الحق , بالرغم من أنه لم يعد له أي أثر في مواد ونصوص قانون أصول المحاكمات المدنية. ومن مراجعة أولية سريعة لنص الفقرة الأولى من المادة ( 323 ) من قانون أصول المحاكمات المدنية , نجد أن هذا النص عبر عن هذه الإجازة وعن هذا الحق أولاً بكلمة ( طعن ) ومن ثم عاد وأكد بأن ممارسة هذا الحق في الطعن , إنما يكون عن طريق دعوى مستقلة , يتقدم بها المحجوز عليه خلال ثمانية أيام تلي تاريخ تبلغه صورة عن قرار الحجز , إلى المحكمة التي قررت إلقاء الحجز , سواء أكانت محكمة الموضوع أم قاضي الأمور المستعجلة.
إن الأحكام يجب ان تبنى على الأدلة التي يقتنع بها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته ، صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا تصح في القانون ان يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه او بعدم صحتها حكما لسواه ، كما انه يجب ألا تبني المحكمة حكمها إلا على العناصر والأدلة المستمدة من أوراق الدعوى المطروحة أمامها في حضور الخصوم ودفاعهم ، فإذا اعتمدت على دليل لم تقم بفحصه وتمحيصه أثناء المحاكمة ولم يطرح أمامها وتحت نظر الخصوم ، فإن حكمها يكون معيبا ببطلان الإجراءات وفساد بالاستدلال .
المصدر: الفقيه النقيب رجائي عطية رحمه الله. موسوعة من حصاد المحاماة. المجلد 24. ص 482.
المادة (958) – القانون المدني: الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة والحوالة بشرط عدم براءة المحيل كفالة. مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان / محمد قدري باشا: المادة (774) – كل دين لا تصح به الكفالة فالحوالة به غير صحيحة. المادة (775) – كل دين تصح به الكفالة فالحوالة به صحيحة بشرط أن يكون معلوماً فلا تصح الحوالة بالدين المجهول فلو احتال بما سيثبت للمحيل على المحتال عليه فالحوالة باطلة. المادة (777) – إذا قبل المحتال الحوالة ورضي المحتال عليه بها برئ المحيل وكفيله من الدين ومن المطالبة معا وثبت للمحتال حق مطالبة المحتال عليه غير أن براءة المحيل وكفيله مقيدة بسلامة حق المحتال. مجلة الأحكام العدلية: المادة (648) – لو اشترط في الكفالة براءة الأصيل تنقلب إلى حوالة. المادة (649) – الحوالة بشرط عدم براءة المحيل كفالة، فلو قال أحد للمدين: أحل بمالي عليك من الدين على فلان بشرط أن تكون أنت ضامنا أيضا فأحاله المدين على هذا الوجه فللطالب أن يأخذ طلبه ممن شاء. درر الحكام شرح مجلة الأحكام/ علي حيدر – شرح المادتين (648و649) من مجلة الأحكام العدلية: المادة 648/ ويصبح الأصيل بريئاً من المكفول به وليس للطالب مطالبة سوى الكفيل – المحال عليه – كذلك لا يطالب في الحوالة كما هو مبين في المادة (790) الأصيل – المحيل مع الكفيل – المحال عليه – أنظر المادة (3). كنا ذكرنا في المادة (621) أن الكفالة تنعقد وتنعقد بإيجاب الكفيل فقط، ولكن الكفالة هنا بما أنها حوالة فيشترط فيها قبول الطالب والدائن لأنه يلزم في الحوالة كما جاء في المادة (680) شرحا و متنا قبول الطالب والمحال له. وهذه المادة وإن كانت مسألة راجعة إلى الحوالة ويجب أن تأتي في كتاب الحوالة ولكن بما أنها والمادة الآتية توأمان يأتيان في الكتب الفقهية في مكان واحد والمادة الآتية من مسائل الكفالة فرأت المجلة إيراد هذه المادة في كتاب الكفالة مع أن كتاب الحوالة هو المكان اللائق بها. المادة 649/ هذا العقد عقد كفالة مجازاً و المحال عليه هو الكفيل. سؤال – بما أن الكفالة تشعر ببقاء الدين في ذمة المدين بعكس الحوالة فهي تنبئ عن زوال الدين من ذمة المديون وفي ذلك ما فيه من المباينة بينهما أوليس من اللازم ألا يستعمل لفظ الكفالة في معنى الحوالة. وقد مر في شرح المادة (191) أن الإقالة لا تنعقد بلفظ البيع لعدم احتمال استعمال البيع بمعنى الإقالة مجازاً لأن البيع والإقالة ضدان كل منهما يباين الآخر؟ الجواب – لما كانت الكفالة والحوالة قد شرعتا للاستيثاق أي لتأمين الدين وتوثيق المطلوب فهما متفقتان في الفرض والقصد أي فليكن وجه الاستعارة فيهما قصد توثيق الدين، (شرح الهدايه لمولانا: الله دادا الهند، ومثله في العناية). فلو قال أحد للمدين أحل بمالي عليك من الدين على فلان بشرط أن تكون أنت ضامناً أيضاً فأحاله المدين على هذا الوجه وقبل المحال عليه الحوالة فللطالب أن يأخذ طلبه ممن شاء. وكما أن للطالب أن يأخذ مطلوبه من المحال عليه بحسب كفالته يأخذ المدين المحيل لسبب كونه أصيلاً (أنظر المادة 644) وإلا فيجري حكم المادة (690) أي عدم صيرورة المحيل بريئاً من الدين. وفي الكفالة في هذه المادة إيجاب وقبول. لكن بما أنه قد ذكر في المادة _621) أن الكفالة تنعقد وتنفذ بدون القبول وهذه المعاملة معدودة من الكفالة بها وتنفذ بالإيجاب فقد مثلاً لو قال أحد (قبلت الحوالة بعشر جنيهات ديناً على لعمرو على أن يكون عمرو ضامناً) تنعقد الكفالة و تنفذ. وقد ذكر هنا أن الحوالة التي تقع حسب هذه المادة تكون كفالة ولكن من منهما الكفيل و الأصيل؟ فهذا لم يبين هنا. وقد ذكر في إحدى شروح الهداية أن الكفيل في الحوالة التي تقع على هذا الوجه هو المحال عليه والأصيل هو المحيل (المكفول عنه) وعبارة العيني (كما أن الحوالة – وهي نقل دين من ذمة إلى ذمة بشرط أن لا يبرأ بها أي بالحوالة المحيل وهو المدين – كفالة فحينئذ للطالب أن يطالب الكفيل أو المحيل لأنها كفالة فيتخير في طلب أيهما شاء وهو معنى قوله ولو طالب …إلخ) وقد قبلت دار الفتوى هذا الوجه. وذلك كما بين في شرح المادة (3). والواقع أنه إذا لم ينقل الدين الذي في ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه يستلزم أن تكون كفالة المحيل بذلك الدين وأن يكون الدين ثابتاً في ذمة آخر وهذا ليس له معنى وفائدة مطلقاً أي بما أنه لايحصل هنا ضم ذمة فلا يمكن اعتبار المحيل كفيلاً والمحال عليه أصيلاً. وفي هذه الحال من الضروري هنا أن نقول أن الكفيل هو المحال عليه. لكن إذا قيل أن الكفيل هو المحيل اعتبر في ذلك عقدان أي أن الحوالة تنعقد بقول (أحلتك عن فلان) وبذلك ينتقل الدين إلى المحال عليه وبقوله (على أني ضامن) يصبح المحيل كفيلاً وإذ لا يكون المحيل بذلك كفل دين نفسه. بيد أنه لأجل انتقال الدين على المحال عليه يلزم في ذلك قبول المحال عليه فلا تكون هذه المادة متفرعة على قاعدة (الاعتبار للمعاني، لا للألفاظ والمباني) والحال قد وردت هذه المادة في كتاب الكفالة الواردة في البحر على كونها متفرعة عن القاعدة المذكورة. “وعبارة العيني هي: قوله إلا إذا شرط البراءة فحينئذ تكون حوالة كما أن الحوالة بشرط أن لا يبرأ بها المحيل كفالة اعتباراً للمعنى فيهما مجازاً لا للفظ وإذا صارت حوالة تجري فيها أحكامها وكذا في عكسه تجري أحكام الكفالة” انتهى. لكن قد جاء في البحر في كتاب الحوالة “قوله برئ المحيل بالقبول من الدين غير شامل لما إذا كان المحيل كفيلاً وهذه العبارة تفيد بأن الكفيل هو المحيل” إلا أن معنى هذه العبارة الواردة في البحر هو أن تعقد الحوالة بلا شرط فتبرأ ذمة المحيل حسب المادة _960) ثم يكفل المحيل ذلك الدين. فعلى هذا التقرير وإن برئت ذمة المحيل من الحوالة التي وقعت قبلاً إلا أنه أصبح مؤاخذاً بكفالته التي وقعت بعد ذلك. وبما أنه يمكن حمل العبارات التي تشير إلى أن الكفيل هو المحيل على معان أخرى فيلزم اعتبار الكفيل هو المحال عليه كما ذكر قبلاً وقد قبلته دار الفتوى العليا كما مر بيانه سابقاً.