لقد اشترط الفقه كي يكون للقرار الاداري اثر رجعي شرطان:
الاول: وجود مركز قانوني شخصي تكاملت عناصره في ظل وضع قانوني معين.
الثاني: مساس القرار الاداري بهذا المركز القانوني الشخصي.
وحيث أن القرار الطعين يتعلق بمركز قانوني اكتملت شروطه بتاريخ صدور القرار الملغى، وبالتالي لا يعتبر أن القرار قد صدر بأثر رجعي اذا صدرت الترقية بتاريخ استحقاقها، حيث أن قاعدة عدم رجعية القرار الإداري لم يأخذ بها القضاء الإداري على إطلاقها لأن الفقه اتجه إلى تبنَي عدد من الاستثناءات التي ترد على هذه القاعدة، ومنها حالة ترقية المستدعي التي يجب ان يتم فيها ترقيته من تاريخ قرار مجلس العمداء السابق الذي تم الغاءه ،حيث انه يعتبر قرار كاشف له أثر رجعي يمتد الى تاريخ قيام المركز القانوني الذي تم الكشف عنه، مما يجعل القرار المطعون فيه صدر مخالفًا للقانون، وأسباب الطعن ترد عليه، وتجعله حريا بالإلغاء. (د. محمد فريد حسين هادي، القرار الإداري، منشوراتالحلبي الحقوقية، 2018، ص263-264، وكذلك انظر قرار محكمة العدل العليا رقم 202/2000 و21/1998 وانظر د. علي خطار شطناوي، موسوعة القضاء الإداري/الجزء الثاني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2011، ص970، وكذلك د. حمدي قبيلات، الوجيز في القضاء الإداري، ص479).وكذلك نشير (الى قرار المحكمة الادارية العليا رقم197/2021.)
اما ما اثاره وكيل الجهة المستدعية حول ان تاريخ ترقية المستدعي تكون من تاريخ توصية لجنة التعيين والترقية فانه وبالرجوع الى تعليمات الهيئة التدريسية في جامعة ال البيت ونظام الهيئة التدريسية فانه لم يرد فيها ما يؤكد او يشير الى ان الترقية تتم من تاريخ توصية لجنة التعيين والترقية مما يجعل ما ذهب اليه وكيل الجهة المستدعية في غير محله وحري بالالتفات عنه.
1. اذا قام المتهمان بضرب المغدور على رأسه ببلوكة وبحجر وهي أدوات قاتلة بطبيعتها وبالطريقة التي استعملت فيها ، وان هاتين الضربتين كانتا السبب في وفاة المغدور لما احدثتاه من نزف في الدماغ وكسر في الجمجمة ، وان هذه الاصابات كانت على اثر مشاجرة عرضية وقعت بين اطراف الدعوى والمغدور ، الا انها توصلت إلى عدم وجود اشتراك جرمي بينهما لانتفاء الاتفاق بينهما على القتل . وحيث أن المادة 76 من قانون العقوبات تنص على انه اذا ارتكب عدة اشخاص متحدين جناية او جنحة او كانت الجناية او الجنح تتكون من عدة افعال فأتى كل واحد منهم فعلاً او اكثر من الافعال المكونة لها وذلك بقصد حصول تلك الجناية او الجنحة اعتبروا جميعاً شركاء فيها وعوقب كل منهم بالعقوبة المعينة في القانون كما لو كان فاعلاً مستقلاً لها . وحيث أن المشاجرة كانت جماعية وقام كل من المتهمين المميز ضدهما علي وابراهيم بضرب المغدور بأداة قاتلة بطبيعة استعمالها في رأسه وهو مكان خطر من جسم المغدور أدت هاتين الاصابتين إلى كسر عظام الجمجمة ونتج عنه النزف الدموي خارج الانسجة الدماغية المصحوب بتكدم المادة الدماغية والوفاة ، مما يدل على اتجاه نية الجناة ( المميز ضدهما ) إلى قتل المغدور مما يشكل ذلك الاشتراك الجرمي بالقتل المقصود خلافاً لأحكام المادة 326 من قانون العقوبات لان قيامها بالاعتداء على المغدور كان بقصد التعاون بينهما ولا يشترط القانون يكون الاتفاق سابقاً للجرم بل قد يكون معاصراً للجريمة . ( تمييز جزاء رقم 665/99 ورقم 855/99 و 14/2000) والقرار رقم 254/99 ) .
2. جرى اجتهاد محكمة التمييز على اخذ مبدأ السببية في القصد الجرمي باتجاه تعادل الاسباب ، بمعنى وجوب أن يكون هناك رابطة سببية بين فعل الجاني وبين الاسباب والعوامل الاخرى التي يجهلها الفاعل والتي ادت إلى الوفاة وبحيث لا يسأل عن هذه النتيجة متى كان من المؤكد انها ستحدث حتى ولو لم يقع الاعتداء ( تمييز جزاء رقم 985/2005 ورقم 516/2005 ورقم 330/2004 ) . وحيث لم يرد في البينة الفنية المقدمة في الدعوى أن المغدور كان مصاباً قبل الحادث بمرض وان الموت كان نتيجة لهذا المرض الذي يجهله الجناة او أن موت المغدور كان لسبب انضم إلى ما احدثه المتهمان من كسر جمجمة المغدور بل الثابت بأقوال الشاهد الدكتور حسين صالح والتقرير الطبي المنظمة من قبله بالاشتراك مع الدكتور محمد الجراح أن سبب وفاة المغدور نتجت عن النزف الدموي خارج الانسجة الدماغية المصحوب بتكدم المادة الدماغية وانسجة الجسد الدماغي الناتجة عن الكسور الشرخية المتعددة في عظام الجمجمة الناتجة عن ارتطام بجسم صلب راض . وبالبناء عليه فإن ما توصلت إليه محكمة الجنايات الكبرى من هذه الجهة لا يتفق والواقع والقانون لان الوصف القانوني للأفعال المادية للمميز ضدهما علي وابراهيم هو القتل القصد بالاشتراك خلافاً للمادتين 326 و 76 عقوبات ، وحيث أن هذا الوصف يعرض المميز ضدهما إلى عقوبة اشد مما يتعين اعمال أحكام المادة 234 من الاصول الجزائية امهالهما لتمكينهما من تحضير دفاعهما على هذا الوصف المعدل ، وهذا السبب يرد على الحكم المطعون فيه . ?
3. من المقرر فقها وقضاءً أن القاضي وهو في سبيل تكوين قناعته يستطيع أن يأخذ بالبينة التي يطمئن اليها ويستبعد البينة التي لا يطمئن اليها كما له أن يأخذ بجزء من هذه البينات ويستبعد الباقي ولو قامت النيابة العامة شهادة شاهد فرد ، لان الشهادة الفردية المعترض عليها لا يؤخذ بها في القضايا الجزائية ( تمييز جزاء الرقم 1145/2004 ) ورقم 264/2004 ورقم 26/64 ) . وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى أخذت من أقوال الشاهد ناجي البرمكي الذي كان متواجداً مع المغدور وقت الحادث ما قنعت به واطمأنت إليه وفق صلاحيتها التقديرية فإن ركونها إلى اقوال هذا الشاهد لا يخالف القانون وان محكمتنا وبصفتها محكمة موضوع تؤيدها في ذلك والتي ثبت بها قيام كل من المميزين بضرب المغدور بالحجر والبلوكة وهي ادوات قاتلة حسب طبيعة استعمالها وفي مكان خطر من جسم المغدور وهو الرأس وادت إلى وفاته . وقد اناط المشرع بالمادة 147 من قانون اصول المحاكمات الجزائية بمحكمة الموضوع حق تقدير البينات والحكم حسب قناعتها الشخصية وعليه فإن قيام محكمة الجنايات الكبرى بعدم الاقتناع بشهود الدفاع وطرح شهاداتهم وعدم الاعتماد عليها لا يكون مخالفاً للقانون ( تمييز جزء رقم 137/78 ) ولا يلزمها القانون بتعليل سبب استبعادها لهذه البينة . وحيث أن محكمة الجنايات الكبرى قنعت ببينة النيابة واخذت بها وطرحت بينة الدفاع وفق صلاحيتها في وزن البينة وترجيحها المستمدة من المادة 147 المشار اليها فتكون قد استعملت خيارها بالاخذ بالبينة التي تطمئن اليها وما قامت به لا يخالف القانون .
بتطبيق القانون على واقعة هذه الدعوى تجد المحكمة أن ما قام به كل من المتهمين الأول علي غازي والسادس إبراهيم غازي من ضرب المغدور نائل على رأسه مباشرة ومفارقته للحياة متأثراً بهذه الإصابة يشكل سائر أركان وعناصر جناية القتل القصد خلافاً لأحكام المادتين 326 و 345 من قانون العقوبات وليس جناية القتل بالاشتراك خلافاً للمادتين 326 و 338 عقوبات المسندة للمتهمين من قبل النيابة العامة .
ولتعليل ذلك تجد محكمتنا أنها توصلت إلى أن المتهمين علي غازي وإبراهيم غازي قد تمكنا من ضرب المغدور نائل على رأسه بواسطة أجسام صلبه وراضه وهي من نوع الحجر ونوع البلوكة وهي أدوات قاتلة بطبيعتها وحسب كيفية استعمالها وان مثل هذه النتيجة جاءت منسجمة مع ما توصل إليه التقرير الطبي القضائي المنظم بحق المغدور من أن سبب الوفاة كان النزف في الدماغ وكسر في الجمجمة اثر تعرض رأس المغدور لارتطام بجسم صلب .
إلاّ أن مثل هذه الأفعال التي قام بها المتهمان علي غازي وشقيقه إبراهيم غازي كانت عرضية ولم تكن ثمره لاتفاق بينهما أو بينة الاشتراك في اقتراف هذه الواقعة حسب المادة 76 عقوبات إنما قام كل منهما بأفعاله مستقلاً عن الآخر على اثر حدوث المشاجرة العرضية في الشارع العام وقام كل منهما بضرب رأس المغدور دون اتفاق بينهما على الاشتراك الصريح أو الضمني وكان فعل كل منهما مستقلاً ومنفصلاً عن فعل الآخر مع اختلاف وسيلة الضرب لكل منهما الأمر الذي يجهلها الآخر كونها منفصلة عن فعله تماماً وحيث انه من المتعذر معرفة أية من الإصابتين على الرأس كانت تشكل السبب المباشر بالوفاة فإننا وتحقيقا للعدالة نكون أمام ظاهرة تضافر عدة عوامل وأسباب مستقلة أدت إلى النتيجة الجرمية الأمر الذي يستدعي تطبيق نص المادتين 326 و 345 عقوبات حيث نصت المادة 345 عقوبات على انه إذا كان الموت أو الإيذاء المرتكبان عن قصد نتيجة أسباب متقدمة جهلها الفاعل وكانت مستقلة عن فصله أو الانضمام سبب منفصل عن فعله تماما عوقب ……
وللتوضيح والمساعدة في تفسير هذا النص العقابي فإننا نفترض أن المتهم الأول قام بارتكاب الضربة الأولى على رأس المغدور بواسطة حجر ولكنه لربما لم يمت المغدور بسبب هذه الضربة وعندما جاء المتهم الآخر وقام بارتكاب الضربة الثانية بواسطة البلوكة ولكنه ولربما أجهز على المغدور والذي كان من الممكن عدم وفاته لولا فعل هذه الضربة أو أنها ساعدت في تحقيق النتيجة وهي الوفاة وبالتالي فإننا ( وتحقيقاً للعدالة ) نكون أمام تضافر عدة أسباب منفصلة ومستقلة ويجهلها الفاعل الآخر أدت إلى النتيجة الجرمية الواحدة وهو ما يطلق عليه نظرية تعادل الأسباب والتي اخذ بها مشرعنا الجزائي في المادة 345 من قانون العقوبات نقلاً عن نص المادة 568 من قانون العقوبات اللبناني منشوراتالحلبي الحقوقية ببيروت لبنان حيث وردت هذه المادة تحت عنوان ( في القتل والإيذاء الناجمين عن تعدد الأسباب ).
وكذلك الأمر فقد ثبت للمحكمة قيام المتهمين كافة بضرب وإيذاء المغدور نائل وضربه على أماكن مختلفة من جسمه ” دون منطقة الرأس ” الأمر الذي شكلت معه إصابات بسيطة بحدود المادة 334 عقوبات المسندة إليهم في مطلع هذا القرار من قبل النيابة العامة وقد تأيدت هذه الواقعة وهي قيام المتهمين كافة بضرب المغدور نائل شحادة الشافعي على أنحاء متفرقة من جسمه بما توصل إليه التقرير الطبي القضائي المبرز م / 2 المنظم بحق المغدور والذي جاء فيه أن المغدور قد تعرض لإصابات على الكوع الأيمن والإبط الأيسر والكتف الأيسر واسفل البطن والصدر وقد وصف الطبيب الشرعي د . حسين باحشوان بشهادته أمام المحكمة هذه الإصابات بأنها بسيطة ولا تؤدي إلى الوفاة وان لا يستطيع تحديد مدة التعطيل لو كان هناك مدة تعطيل لهذه الإصابات .
ورد المبدأ الأول في قرار النقض السابق رقم 1477/2006 تاريخ 11/3/2007 الصادر عن الهيئة العامة.
نصت المادة 76 من قانون العقوبات على انه إذا ارتكب عدة اشخاص متحدين جناية او جنحة او كانت الجناية او الجنحة تتكون من عدة أفعال فأتى كل واحد منهم فعلاً او اكثر من الأفعال المكونة لها وذلك بقصد حصول تلك الجناية او الجنحة اعتبروا جميعاً شركاء فيها وعوقب كل منهم بالعقوبة المعينة في القانون كما لو كان فاعلاً مستقلاً لها ، وحيث ان المشاجرة جماعية وقام كل من المتهمين علي وابراهيم بضرب المغدور بأداة قاتلة بطبيعة استعمالها في راسه وهو مكان خطر من جسم المغدور ادت هاتين الاصابتين الى كسر عظام الجمجمة ونتج عن جراء ذلك النزف الدموي خارج الانسجة الدماغية المصحوب بتكدم المادة الدماغية والوفاة مما يدل على اتجاه نية المتهمين علي وابراهيم الى قتل المغدور مما يشكل ذلك الاشتراك الجرمي بالقتل المقصود خلافاً لاحكام المادة 326 من قانون العقوبات لان قيامهما بالاعتداء على المغدور كان بقصد التعاون بينهما ولا يشترط القانون أن يكون الاتفاق سابقاً للجرم بل قد يكون معاصرا للجريمة ، وعليه يكون التكييف القانوني للافعال المادية التي قارفها المتهمان علي وابراهيم يشكل سائر اركان وعناصر جناية القتل القصد بالاشتراك خلافاً للمادتين 326 و 76 من قانون العقوبات وليس كما ورد باسناد النيابة العامة القتل القصد خلافاً للمادتين 326 وبدلالة المادة 338 عقوبات .
إذا توصلت محكمة التمييز في قراري النقض السابقين إلى أن ما قام به المتهمان علي وإبراهيم بشكل جناية القتل القصد طبقاً للمادتين 326 و 76 من قانون العقوبات ، وحيث أن الحكم قد التزم ما جاء بقراري النقض وقضى بتجريم المتهمين علي وإبراهيم بجناية القتل القصد بالاشتراك طبقاً للمادتين 326 و 76 من قانون العقوبات فيكون الحكم متفقاً والقانون.
القاعدة الخامسة والثلاثون : ” لا يوجد ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة “ ، أي أن دحض أو انكار أي بينة كتابية لا يجوز إلا ببينة كتابية أخرى ، وقد استثنى قانون البينات استثناءات وردت حصرا .