08
أكتوبر
0
Comments
أصول محاكمات مدنية / أهلية / بينات / تقادم / عبء الاثبات / البيع في مرض الموت
-
لا يرجع سبب تقييد التصرف في مرض الموت إلى أهلية المريض ولا إلى عيب في إرادته فالمريض مرض الموت لا يفقد أهليته بل ولا تنتقص هذه الاهلية فما دام حياً حافظاً لقواه العقلية فإنه يبقى متمتعاً بأهليته الكاملة إلى آخر لحظة من حياته ولو وقع أن المرض أفقده التمييز فإن التصرف الذي يصدر منه وهو في هذه الحالة يكون باطلاً لانعدام التمييز ولا يقتصر الأمر فيه على أن يكون تصرفاً غير نافذ في حق الورثة لصدوره في مرض الموت ، وإنما يرجع سبب تقييد التصرف في مرض الموت إلى تعلق حق الورثة بأموال المريض من وقت المرض ، وعليه فإن ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بقولها في سياق ردها على السبب الثاني من أسباب الاستئناف بأن البيع اختل أحد أركانه وهو الاهلية والإدراك هو قول مخالف للقانون .
-
من حق محكمة الموضوع – محكمة الدرجة الأولى- ضم طلب التقادم إلى موضوع الدعوى للفصل فيهما معا وفقاً لأحكام المادة (109) من قانون أصول المحاكمات المدنية ، وحيث إن التقادم الذي يسري على هذه الدعوى هو التقادم الطويل وأن الدعوى لم يلحقها التقادم فإن ما توصلت إليه محكمة الاستئناف واقع في محله.
-
يستفاد من أحكام المادة (543/1) من القانون المدني أنه يجب أن تتوافر ثلاثة شروط حتى يعتبر أن هناك مرض موت، أولها أن يعجز المريض عن مصالحه العادية المألوفة التي يستطيع الأصحاء مباشرتها وليس واجباً أن يلزم المريض الفراش ، وثانيها أن يغلب فيه الهلاك مثل المرض الخطير الذي ينتهي عادة بالموت ويرجع في تقدير غلبة الهلاك إلى رأي الأطباء ، وأخرها أن ينتهي بالموت فعلاً خلال سنة ، وأن إثبات مرض الموت بالشروط المتقدم ذكرها واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات وأكثر ما يثبت بالشهادات الطبية الدالة على حالة المريض في أواخر أيامه كذلك يثبت بشهادة الشهود وبتقصي حياة المريض في أيامه الأخيرة وعلى الورثة الذين يطعنون في تصرف مورثهم بأنه صدر في مرض الموت عبء إثبات المرض ، وحيث إن وزن البينة وترجيحها هو من صلاحيات محكمة الموضوع وفقاً لأحكام المادتين (33 و34) من قانون البينات فلها الأخذ بالأدلة إذا اقتنعت بها ولها طرحها إذا ساورها الشك بصحتها ولا تثريب عليها في ذلك طالما أن البينات التي استندت إليها لها أصل قائم في الدعوى ولا يقوم على أدلة وهمية لا وجود لها أو أن استخلاصها للبينات يخالف المنطق وما تؤول إليه تلك البينات ، وحيث إن الخبرة الفنية وملف المريضة الطبي وشهادات الشهود التي استمعت إليها محكمة الدرجة الأولى واستندت إليها محكمة الاستئناف بأن ما كانت تعاني منه مورثة المدعي والذي أدى بالنتيجة إلى وفاتها خلال فترة اشتداد المرض خلال سنة هو مرض الموت وتغلب الهلكة فيه على المريض وبالتالي فإن مورثة المدعي قد توفيت بمرض الموت وفق ما توصلت إليه محكمة الاستئناف في قرارها المطعون فيه وأن أحكام المادة (543/1) من القانون المدني تكون قد تحققت على واقعة هذه الدعوى ، أما من حيث نفاذ بيع المريضة مرض الموت -المرحومة غالية- بحق مورثها المدعي فإن أحكام المادة (544) هي التي تنطبق على مسألة نفاذ البيع ، وحيث أن حجة إرث المرحومة غالية وعقد بيع قطعة الأرض موضوع الدعوى تبين إن ورثة المرحومة غالية هم كل من زوجها وهو المدعي وكل من شقيقاتها شريفة وختام وفاطمة وعيدة ومقبولة وأن المسألة الإرثية الشرعية قد صحت من خمسة وثلاثين سهماً منها للزوج هاني خمسة عشر سهماً ولكل واحدة من الشقيقات أربعة أسهم ، وحيث إن المدعى عليه عادل ليس من الورثة وإن عقد بيع قطعة الأرض قد تم ما بين المريضة مورثة المدعي غالية والمشتري عادل (المدعى عليه) وأن ثمن الأرض موضوع عقد البيع هو مبلغ (10569) ديناراً وقد أقر البائع باستلام كامل الثمن ، وحيث إن الأمر كذلك فإن أحكام المادة (544/2) من القانون المدني الباحثة في بيع المريض مرض الموت لأجنبي بثمن المثل او بغبن يسير هي الواجبة التطبيق ، وحيث إن محكمة الاستئناف لم تعالج مدى توافر شروط أحكام هذه المادة على واقعة هذه الدعوى ومدى إثبات المدعي أن الثمن يقل بغبن فاحش ومدى إثبات المشتري (المدعى عليه) أنه دفع ثمناً للجميع لا يقل عن قيمته أو بغبن يسير ، فتكون محكمة الاستئناف قد فصلت الدعوى قبل أن تعالج ذلك ويغدو قرارها سابقاً لأوانه مستوجباً للنقض .